خزیمة بن ثابت الأنصاری، ذو الشهادتین

قیض الله سبحانه وتعالى نفوساً طیبة من أصحاب رسول الله(صلی الله علیه و آله و سلم) ومن رواد مدرسته الربانیة المبارکة, وقد ملئت قلوبهم إیماناً وصلابة ووعیاً وبصیرة ثاقبة, وهیأها لکی تجنی ثمار إیمانها الواعی و سعیها الحثیث, وکدحها الدؤوب, وجهادها المتواصل, وت

قيض الله سبحانه وتعالى نفوساً طيبة من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه و آله و سلم) ومن رواد مدرسته الربانية المباركة, وقد ملئت قلوبهم إيماناً وصلابة ووعياً وبصيرة ثاقبة, وهيأها لكي تجني ثمار إيمانها الواعي و سعيها الحثيث, وكدحها الدؤوب, وجهادها المتواصل, وتسابقها في الخيرات, و لصدقها وإخلاصها في جميع ذلك, فقد حباها نبي الرحمة(صلي الله عليه و آله و سلم) بدوره أوسمة رفيعة, ومناقب جليلة, وشمائل عالية, وصفات جميلة, صارت من أجلّ الألقاب التي يحبونها, وراحت تتزين بها أكتاف أصحابها بحق, ويتفاخرون بها دون تعال وتكبر, وحفظتها لهم الأجيال والتاريخ ومصادره, فيما اشرأبّت إليها أعناق آخرين دون جدوى.

فبعضهم حظي بها بعد استشهاده أو وفاته؛ فحمزة بن عبدالمطلب كان يلقب أسدالله في حياته و سيدالشهداء بعد وفاته.

وجعفر بن أبي طالب وصف بأنه جعفر الطيار ذو الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء.

وحنظلة بن أبي عامر الراهب غسيل الملائكة.

وسعد بن معاذ اهتز لموته عرش الرحمن...

وبعض حظي بها في حياته: خزيمة بن ثابت هذا الصحابي الكبير الذي نحن بذكره, كان واحداً من القلة الذين منحتهم السماء وساماً رائعاً ألبسه رسول الرحمة(صلي الله عليه و آله) له (خزيمة ذو الشهادتين) أي عدت شهادته بشهادة رجلين، لصدقه وعدله ونفاذ بصيرته ووعيه وعمق, إيمانه, فظل محتفظاً به حريصاً عليه, لم يفرط فيه طيلة حياته الإيمانية والجهادية, حتى اقترن بوسام آخر أجل منه وأعظم, إنه وسام الشهادة المباركة, ليختم به عمره, ويختصر به الطريق إلى حيث الفردوس الأعلى في جنة عرضها السماوات والأرض {...مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً}.[1]

وهكذا ظل وما زال هذا الأنصاري الأوسي الخطمي المدني يعرف بذي الشهادتين, وإذا ما ذكر اسمه عقّب بعده مباشرة بهذا الوسام, الذي لم يناقش أو يشكك في نسبته إليه أحد أبداً، بل ولم يذكر اسمه إلا وهو مقترن بهذا اللقب إلا قليلاً.

نسبه

هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان ـ ويقال: عنان ـ بن عامر بن خطمة، وقيل: حنظلة، وقد صوّبوا الأول.

واسمه عبدالله بن جشم بن مالك بن أوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.

هذا نسبه من أبيه؛ وأما من أمه، فهي كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر بن ثعلبة.

وفي نسبه اختلاف، وقيل: حنظلة بدل خطمة، والصواب خطمة بغير شك.. وهو عامر بن خطمة الوارد في نسبه من أبيه, وهو الذي ورد في طبقات ابن سعد في ترجمة كبشة.2

وربما يكون المقصود بثعلبة هذا هو جده ثعلبة بن عمرو بن عامر, وقد اكتفى
بذكره اختصاراً.

وختاماً فخزيمة بن ثابت هذا هو ذو الشهادتين, وهو: أبوعمارة الأنصاري الأوسي الخطمي المدني، من أشراف قبيلة الأوس؛ أحسن الصحبة لرسول الله(صلي الله عليه و آله) ولأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام) وإن لم يتيسر لي معرفة أول إسلامه: فابن هشام في السيرة النبوية لم يورد اسمه في الذين بايعوا رسول الله(صلي الله عليه و آله) في العقبتين الأولى والثانية ولا حتى الأخيرة، إلاّ أنه وبعد أن شرح الله سبحانه وتعالى صدره للإيمان عاش الإيمان بروحه وشعوره ووجدانه, وأحب الله تعالى ورسوله(صلي الله عليه و آله) وأهل بيته صلوات الله عليهم بصدق وإخلاص واستقامة، لا يشوبها شك ولا يخالطها تردد، هدفه الأول والأخير رضا الله تعالى وجنة عرضها السماوات والأرض, فكان بحق من مصاديق هذه الآية المباركة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.[2]

وقد راح هو وصاحبه عمير بن عدي يكسران أصنام بني خطمة قومهم بلاخوف من عقاب.[3]

شهد مشاهد وغزوات رسول الله(صلي الله عليه و آله) ومنها معركتا أحد والخندق، وما بعدهما من المعارك والغزوات.

أما معركة بدر الكبرى فلم يذكره ابن هشام في عداد المشاركين فيها؛ ويبدو أن هذا ـ وقد يكون هناك غيره ـ هو السبب الذي أوجد الخلاف بين المؤرّخين في مسألة حضوره بدراً أو عدمه, إلاّ أنهم اتفقوا على حضوره ما بعدها من المشاهد مع رسول الله(صلي الله عليه و آله). كان خزيمة من المشاركين في غزوة مؤتة بناحية الكرك بالبلقاء في جمادى الأولى لسنة ثمان من الهجرة, حيث خاض هناك ـ هو ومن معه ـ معركةً لم يخض المسلمون معركةً مثلها, فقد تدرّع المشركون الروم بالعتاد والجند ما يملأ السهل والجبل وما لا طاقة للمسلمين به، كما وصف ذلك عدد من المؤرخين, فاستشهد الكثير ممن كتبت له الشهادة بمن فيهم أمراء جيش المسلمين الثلاثة الذين استعملهم رسول الله(صلي الله عليه و آله) وهم: زيد بن حارثة، فجعفر بن أبي طالب، فعبدالله بن رواحة رضوان الله عليهم جميعاً.1

فيما عاد المقاتلون الذين كتبت لهم السلامة إلى المدينة، و الألم يعتصر قلوبهم مما جرى.

ومن الطبيعي أن تبقى أشياء كثيرة من ذكريات تلك المعركة الشرسة عالقة في أذهان المشاركين بها, فراح العديد من المقاتلين يتحدثون بها بين الفترة والأخرى.

فهذا عمارة بن خزيمة يحدث عن أبيه أنه قال: حضرت مؤتة، فبارزت رجلاً يومئذ فأصبته وعليه بيضة له, فيها ياقوتة, فلم يكن همّي إلاّ الياقوتة فأخذتها, فلما انكشفنا وانهزمنا رجعت بها إلى المدينة فأتيت بها رسول الله(صلي الله عليه و آله) فنفلنيها, فبعتها زمن عمربن الخطاب بمائة دينار, فاشتريت حديقة نخل بني خطمة.2

ويوم فتح مكة في شهر رمضان عام 8 هجرية كانت كل قبيلة من قبائل المسلمين تحمل رايتها, فيما كانت مع خزيمة بن ثابت راية قومه بني خطمة.3

ذو الشهادتين!

تواترت في قصة هذا الوسام الرائع والصفة الحميدة عدة روايات من أنّ رسول الله(صلي الله عليه و آله) اشترى فرساً من سواء بن قيس المحاربي فجحد, فشهد له خزيمة بن ثابت.

فقال رسول الله(صلي الله عليه و آله) : ما حملك على الشهادة ولم تكن معنا حاضراً؟!

قال: صدقتك بما جئت به, وعلمت أنك لا تقول إلاّ حقاً.

وفي خبر آخر: صدقناك بخبر السماء ولا نصدقك بخبر اشتراء ناقة؛ فقال رسول الله(صلي الله عليه و آله): «من شهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه».

وفي رواية أخرى: أنّ النبي(صلي الله عليه و آله) ابتاع فرساً من أعرابي, فاستتبعه النبي(صلي الله عليه و آله) ليقضيه ثمن فرسه, فأسرع النبي(صلي الله عليه و آله) المشي وأبطأ الأعرابي, فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس, لا يشعرون أنّ النبي(صلي الله عليه و آله) ابتاعه, حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبي(صلي الله عليه و آله) فنادى الأعرابي النبي(صلي الله عليه و آله) فقال: إن كنت مبتاعاً هذا الفرس فابتعه وإلا بعته.

فقال النبي(صلي الله عليه و آله) حين سمع نداء الأعرابي: أوليس قد ابتعته منك؟ قال الأعرابي: لا والله ما بعتك.

فقال النبي(صلي الله عليه و آله) : بلى، قد ابتعته منك.

فطفق الناس يلوذون بالنبي(صلي الله عليه و آله) والأعرابي وهما يتراجعان, فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيداً يشهد أني بايعتك, فمن جاء من المسلمين قال للأعرابي: ويلك! إنّ النبي(صلي الله عليه و آله) لم يكن ليقول إلاّ حقاً, حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي(صلي الله عليه و آله) ومراجعة الأعرابي, وطفق الأعرابي يقول: هلم شهيداً يشهد أني بايعتك.

فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد بايعته.

فأقبل النبي(صلي الله عليه و آله) على خزيمة فقال: بم تشهد؟ أو ـ كما في رواية ثانية ـ كيف تشهد ولم تحضره ولم تعلمه؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله! أو أنه قال ـ حسب رواية أخرى ـ : يا رسول الله نحن نصدقك على وحي من السماء، فكيف لا نصدقك على أنك قضيته؟! فأنفذ(صلي الله عليه و آله) شهادته وسمّاه «ذا الشهادتين» لأنه صيّر شهادته شهادة رجلين، وصارت شهادته ـ بهذا الوصف له من قبل رسول الله(صلي الله عليه و آله) ـ في أي قضية يدعى لها تغني عن طلب شاهد آخر.

أو لأن خزيمة ـ كما في خبر آخر ـ شهد للنبي(صلي الله عليه و آله) على يهودي في دين قضاه عليه السلام.

أنه الأيمان الوثيق واليقين العميق والبصيرة الواعية! فهيأه كل هذا لاستحقاق ذلك اللقب العظيم والوصف الجليل.

وقد احتلت هذه الرواية مكاناً لها في المناقشات الفقهية عند الفريقين في باب حجية علم القاضي وفي باب الشهادات.[4]

وافتخر الأنصار!

يعد هذا الشعار كرامةً أخرى تضاف إلى سجلّ الأنصار, الذين نالوا حظاً وافراً في آيات قرآنية مباركة وأحاديث وأقوال نبوية شريفة، راحت تضفي عليهم صفات عالية, وتذكر لهم مواقف شامخة، حتى غدوا أهلاً لثناء السماء ومدحها.

فقد وصفهم الله تعالى بأنهم مؤمنون، وبأنّ المغفرة والرزق الكريم نصيبهم، بسبب ما قدموه لرسول الله وللمؤمنين المهاجرين من إيواء ونصرة, فقال في كتابه العزيز: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَـرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.[5] وانظر الآية 72 من سورة الأنفال، حيث فيها تكريم لهم لإيوائهم المهاجرين وعلى رأسهم نبي الرحمة، ونصرتهم لهم أيضاً.

وهم الذين قال فيهم رسول الله(صلي الله عليه و آله): «لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار».

 إلى غير هذا من الإطراء عليهم وعلى ما قدّموه من أعمال حميدة وخدمات جليلة وفقهم الله تعالى لها, فاستحقوا عليها كل ذلك الثناء والذكر الطيب.

* فقد افتخر الأوس ـ وكان حقاً لهم أن يفتخروا ـ بثلّة مؤمنة منهم، تتضمن أربعةً من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه و آله) تشرفوا بالصحبة النبوية المباركة، وحظوا بمناقب عالية وأوسمة رفيعة.

فقالوا: منا غسيل الملائكة، حنظلة بن راهب؛ ومنا من اهتز له عرش الرحمن، سعد بن عبادة؛ ومنا من حمته الدبر أي النحل والزنابير، عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، فقد أصيب يوم أحد, فمنعت النحل الكفار منه, وذلك أنّ المشركين لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به, فسلط الله عزّوجل عليهم الزنابير الكبار تأبر الدارع، فارتدعوا عنه حتى أخذه المسلمون فدفنوه.[6]

ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين: خزيمة بن ثابت.

* فيما راحت الخزرج هي الأخرى تعدد مناقب أربعة من أبنائها، وكأنه جاء رداً على ما تفاخرت به الأوس.

فقال الخزرجيون: منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله(صلي الله عليه و آله) إذ لم يجمعه غيرهم, وهم: زيد بن ثابت, وأبو زيد, وأبي بن كعب, ومعاذ بن جبل.[7]

 إلا أنّ افتخارهم بهذه المناقب وبتلك الأوسمة ـ وهي ألقاب كانوا يحبونها بصدق ـ كاد أن يكون سبباً لإثارة ما دفن من أحقاد وضغائن ونزاعات قديمة بينهم دامت قرابة مائة عام, وذلك قبل أن يوحّدهم الإسلام ونبي الرحمة محمد(صلي الله عليه و آله) ولولا تدخّل السماء وحكمة رسول الله(صلي الله عليه و آله) لهمّوا أن يقتتلوا.

فقد ذكر جمع من المفسرين أنّ سبب نزول آيتي: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ*وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.[8] هو ما وقع من افتخار بين أوسيّ وخزرجي حول ما يتمتع به بعضهم من مناقب وفضائل.

فقد قال مقاتل: افتخر رجلان من الأوس والخزرج، ثعلبة بن غنم من الأوس، وأسعد بن زرارة من الخزرج.

فقال الأوسي: منّا ابن ثابت ذو الشهادتين، ومنا حنظلة غسيل الملائكة، ومنا عاصم بن ثابت حمي الدين، ومنا سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن له ورضي بحكمه في بني قريظة.

وقال الخزرجي: منا أربعة أحكموا القرآن، أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، ومنا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم.

فجرى الحديث بينهما، فغضبا وتفاخرا وناديا، فجاء الأوس إلى الأوسي والخزرج إلى الخزرجي، ومعهم السلاح.

فبلغ ذلك النبي(صلي الله عليه و آله) فركب حماراً وأتاهم, فأنزل الله هذه الآيات، فقرأها عليهم فاصطلحوا.[9]

وهذه ليست الوحيدة والأخيرة بينهم، فانظر أسباب النزول للواحدي في خصوص الآية: {إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالإِْفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ...}.[10] تجد ما دار بين سعد بن معاذ زعيم الأوس؛[11] وسعد بن عبادة زعيم الخزرج, فثار الحيّان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله(صلي الله عليه و آله) قائم على المنبر، فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا وسكت.

هذا إضافة إلى ما كان يذكيه يهود المدينة ويغذونه من نعرات قديمة بين الحيّين الأوس والخزرج.

رؤيا خزيمة!

عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه: أنه رأى في المنام كأنه سجد على جبين رسول الله(صلي الله عليه و آله) فذكر ذلك لرسول الله(صلي الله عليه و آله).

فقال رسول الله(صلي الله عليه و آله) : «إنّ الروح لا تلقى الروح» ؛ فأقنع رسول الله(صلي الله عليه و آله)، ثم أمره فسجد من خلفه على جبينه، جبين رسول الله(صلي الله عليه و آله).

جمع القرآن

أكدت كثير من المصادر التاريخية والروائية أنه كان لخزيمة بن ثابت «ذو الشهادتين» دور واضح في مهمة جمع آيات كتاب الله تعالى, فقد راح العديد من الصحابة يستعينون به في هذا المشروع، خاصة حين فقدانهم لبعض الآيات القرآنية المباركة.

فعن زيد بن ثابت أنه قال: لما كتبنا المصاحف فقدت آية كنت أسمعها من رسول الله(صلي الله عليه و آله): {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.[12]

فوجدتها عند خزيمة بن ثابت، وكان يدعى ذا الشهادتين، فألحقتها في سورتها.

وفي رواية أخرى: أنّ عمربن الخطاب أراد أن يجمع القرآن, فقام في الناس فقال: من كان تلقى من رسول الله(صلي الله عليه و آله) شيئاً من القرآن فليأتنا به.

وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب ـ جمع عسيب، وهو جريدة النخل مما لا ينبت عليه الخوص كما في لسان العرب ـ وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شهيدان, فقتل وهو يجمع ذلك.

فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده من كتاب الله عزّوجل شيء فليأتنا به, وكان لا يقبل من ذلك شيئاً حتى يشهد عليه شهيدان.

فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني قد رأيتكم قد تركتم آيتين لم تكتبوهما.

قال: وما هما؟ قال: تلقيت من رسول الله(صلي الله عليه و آله) : {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ *فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).2

 قال عثمان: وأنا أشهد أنهما من عندالله, فأين تريد أن تجعلهما؟ قال: اختم بهما آخر ما نزل من القرآن؛ فختمت بهما براءة.1

ووجدوا عند خزيمة بن ثابت ـ وفي رواية عند أبي خزيمة ـ آية : {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).

مما رواه

كان خزيمة رضوان الله عليه ملازماً لمدرسة القرآن والنبوة، لآياتها، ومواقفها، وآثارها، وثمارها, حريصاً عليها, حافظاً لها, مستفيداً منها، أميناً في نقل ما تيسر له مما توفر عليه من علم ومعرفة، وآيات قرآنية مباركة، وأحاديث نبوية شريفة, وكان منها : ـ عنه عن رسول الله(صلي الله عليه و آله) أنه قال: «عمار تقتله الفئة الباغية».

* وروي عنه ـ وعن جمع آخر ـ أنّ رسول الله(صلي الله عليه و آله) جمع بين المغرب والعشاء بجُمع، صلى المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بإقامة واحدة.2

* وعنه: نهانا رسول الله(صلي الله عليه و آله) أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم.

* وعنه عن رسول الله(صلي الله عليه و آله) أنه قال: «من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع كان له طهوراً».

* وعنه: كان(صلي الله عليه و آله) إذا فرغ من تلبيته سأل الله رضوانه ومغفرته، واستعاذ برحمته من النار.

* وعنه أنّ النبي(صلي الله عليه و آله) : «من أصاب ذنباً فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته».

* وعنه عن النبي(صلي الله عليه و آله) أنه قال: «إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة».3

* ومن غرائب حديثه ـ كما ورد في مختصر تاريخ دمشق ـ ما حدث أنهم كانوا عند رسول الله(صلي الله عليه و آله) في المسجد، وهو مسند ظهرَه إلى بعض حجرات نسائه, فدخل رجل من أهل العالية فجلس يسأل رسول الله(صلي الله عليه و آله) فشم منه رسول الله(صلي الله عليه و آله) ريحاً تأذى هو وأصحابه.

ـ فقال: «من أكل من هذه الشجرة فلا يؤذينا بها».

وهناك أحاديث أخرى إضافة إلى ما توفرت عليه هذه المقالة من رواياته رضوان الله تعالى عليه.

ولاؤه للإمام علي(عليه السلام) ولأهل البيت(عليهم السلام)

كان خزيمة بن ثابت ذوالشهادتين من أتباع مدرسة أهل بيت النبوة والعصمة والطهارة سلام الله عليهم, وهو ما عرف به وعرفت به مواقفه، دفاعاً عن حقانية العترة الطاهرة المتمثلة في زمنه بالإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه, وظل هذا الرجل على استقامته هذه لم يغيّر ولم يبدل، حتى فاضت روحه شهيداً بين يدي أميرالمؤمنين علي سلام الله عليه في يوم صفين.

روايته لحديث الثقلين

وقد تشرف بأن يكون واحداً من رواة حديث الثقلين المعروف, وهو الحديث الذي يبين منزلة أهل البيت سلام الله تعالى عليهم، وأنهم الثقل الثاني بعد القرآن, وأنّ التمسك بهما معاً هو الذي ينجي من الضلالة والتيه والانحراف.

فعن أبي الطفيل: أنّ علياً(عليه السلام) قام فحمد الله و أثنى عليه, ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلا قام, ولا يقوم رجل يقول: ثبت أو بلغني إلا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه, فقام سبعة عشر رجلاً، منهم خزيمة بن ثابت و...

فقال علي(عليه السلام): «هاتوا ما سمعتم».

فقالوا: نشهد أنا أقبلنا مع رسول الله(صلي الله عليه و آله) من حجة الوداع ونزلنا بغدير خم، ثم نادى بالصلاة جامعة، فصلينا معه, ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

«أيها الناس ما أنتم قائلون؟».

قالوا: قد بلغت.

قال: أللهم اشهد ثلاث مرات، ثم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إذا تمسكتم بهما لن تضلوا, فانظروا كيف تخلفوني فيهما, وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض, بذلك نبأني اللطيف الخبير, ثم قال: إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين, ألستم تعلمون أني أولى بكم من أنفسكم؟

قالوا: بلى.

قال ذلك ثلاثاً؛ ثم أخذ بيدك يا أميرالمؤمنين فرفعها وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, أللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال علي: صدقتكم وأنا على ذلك من الشاهدين.[13]

هم الأئمة

وكان رضوان الله عليه من كبار أصحاب أميرالمؤمنين علي(صلي الله عليه و آله) ومن قادة جنده المعروفين بالصلابة والفداء, ومن جلسائه المقرّبين إليه, ومن أوائل الذين دافعوا عن منزلة أهل البيت(عليهم السلام) وأنهم أئمة الحق الذين يقتدى بهم، كما جاء في رواية الاحتجاج للطبرسي بسنده عن ابن تغلب عن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام).

ووقع هذا يوم أنكر جمع من المهاجرين: خالد بن سعيد بن العاص وكان من بني أمية، وسلمان الفارسي، وأبوذر الغفاري و...

ومن الأنصار: أبو الهيثم بن التيهان، وسهل وعثمان ابنا حنيف، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و... واحدقوا بالمنبر بمحضر من الخليفة الأول وجمع كبير من المسلمين... ثم راح كل واحد منهم يدلي بحجته حتى وصل الأمر إلى خزيمة بن ثابت فقال:

أيها الناس، ألستم تعلمون أنّ رسول الله(صلي الله عليه و آله) قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري؟

قالوا: بلى.

قال: فاشهد أني سمعت رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول:

«أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطل، وهم الأئمة الذين يقتدى بهم».

وقد قلت ما علمت وما على الرسول إلا البلاغ المبين.[14]

أذكر علياً وآله

في الأيام الأولى لخلافة أبي بكر اعتزل جمع من الأنصار عنه, فغضبت قريش من
موقف الأنصار هذا... فقالت لعمرو بن العاص: قم، فتكلم بكلام تنال فيه من الأنصار، ففعل ذلك.

فقام الفضل بن العباس فرد عليهم، ثم صار إلى علي(عليه السلام) فأخبره، وأنشده شعراً قاله.

فخرج علي(عليه السلام) مغضباً حتى دخل المسجد، فذكر الأنصار بخير، ورد على عمرو بن العاص قوله.

فلما علمت الأنصار ذلك سرها وقالت: ما نبالي بقول من قال مع حسن قول علي.

واجتمعت إلى حسان بن ثابت فقالوا: أجب الفضل.

فقال: إن عارضته بغير قوافيه فضحني.

فقالوا: فاذكر علياً فقط.

أما خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال:

أذكر علياً وآله يكفيك عن كل شيء.

فانشد حسان أبياتاً تسعاً كان منها:

جزى الله خيراً والجزاء بكفه

 
أبا حسن عنا ومن كأبي حسن؟!

غضبت لنا إذ قال عمرو بخصلة

 
أمات بها التقوى وأحيا بها الإحن

ألست أخاه في الهدى ووصيه

 
وأعلم فهر بالكتاب وبالسنن؟[15]


من أوائل المبايعين

وكان أيضاً من أوائل الذين بايعوا الإمام علياً سلام الله عليه بالخلافة من الأنصار الذين ذكرهم الشيخ المفيد رحمه الله تعالى, وعدد منهم تسعة وعشرين احتل ذو الشهادتين الرتبة الثانية بينهم, ثم عقب الشيخ في نهاية هذه السلسلة مشيداً بالأنصار قائلاً:

في أمثالهم من الأنصار الذين بايعوا البيعتين، وصلوا القبلتين، واختصوا من مدائح القرآن والثناء عليهم من نبي الهدى عليه وآله السلام بما لم يختلف فيه من أهل العلم اثنان, وممن لو أثبتنا أسماءهم لطال بها الكتاب, ولم يحتمل استيفاء العدد الذي حددناه.[16]

وقد ذكر السيد محسن الأمين في كتابه«في رحاب أئمة أهل البيت» أنّ الحاكم روى في المستدرك بسنده أنه لما بويع علي بن أبي طالب على منبر رسول الله(صلي الله عليه و آله) قال خزيمة بن ثابت, وهو واقف بين يدي المنبر:

إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا

 
أبو حسن مما نخاف من الفتن

رجوناه أولى الناس بالناس إنه

 
أطب قريش بالكتاب وبالسنن

وإن قريشاً ما تشق غباره

 
إذا ما جرى يوماً على الضمر البدن

وفيه الذي فيهم من الخير كله

 
وما فيهم كل الذي فيه من حسن


هذا، وقد انضم ذو الشهادتين إلى الإمام(عليه السلام) وشارك معه في المعارك التي خاضها أثناء خلافته، كمعركة الجمل ضد الناكثين، ومعركة صفين ضد القاسطين معاوية وجنده؛ وأبلى فيهما بلاءً حسناً.

في معركة الجمل

في منتصف جمادى الآخرة وقعت حرب الجمل بين جيش الزبير وطلحة ومعهم أم المؤمنين عائشة من جهة, وجيش الإمام علي(عليه السلام) من جهة أخرى.

ذو الشهادتين وابن الحنفية

كانت راية الإمام علي(عليه السلام) مع ابنه محمد بن الحنفية فنخس قفاه، وقال له: احمل فتقدم، حتى لم يجد متقدماً إلا على سنان رمح؛ فقال: تقدم لا أمّ لك، فتلكأ، فتناول الراية من يده وقال: يابني بين يدي.

وفي رواية ابن أبي الحديد: أنه دفع إليه الراية يوم الجمل وقد استوت الصفوف.

وقال له: احمل فتوقف قليلاً فقال له: احمل.

فقال يا أميرالمؤمنين، أما ترى السهام كأنها شآبيب المطر فدفع في صدره وقال: أدركك عرْق من أمك؛ ثم أخذ الراية فهزها ثم قال:

اطعن فها طعن أبيك تحمد

 
لا خير في الحرب إذا لم توقد


بالمشرقي والقنا المسدد

ثم حمل وحمل الناس خلفه، فطحن عسكر البصرة.

قيل لمحمد: لم يغرر بك أبوك في الحرب ولا يغرّر بالحسن والحسين؟

فقال: إنهما عيناه وأنا يمينه، فهو يدفع عن عينيه بيمينه.

ثم دفع الراية إلى محمد وقال: امح الأولى بالأخرى وهذه الأنصار معك، وضم إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين في جمع من الأنصار كثير من أهل بدر، وحمل حملات كثيرة أزال بها القوم عن مواقفهم وأبلى بلاءً حسناً.

فقال خزيمة بن ثابت لعلي(عليه السلام) : أما أنه لو كان غير محمد اليوم لافتضح، ولئن كنت خفت عليه الجبن وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفناه عليه؛ وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال.

وقالت الأنصار: يا أميرالمؤمنين لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين ما قدمنا على محمد أحداً من العرب.

فقال علي(عليه السلام): أين النجم من الشمس والقمر؟! أما أنه قد أغنى وأبلى وله الفضل.

فقال خزيمة بن ثابت فيه:

محمد ما في عودك اليوم وصمة

 
ولا كنت في الحرب الضروس معوداً

أبوك الذي لم يركب الخيل مثله

 
علي وسماك النبي محمداً

فلو كان حقاً من أبيك خليفة

 
لكنت ولكن ذاك ما لا يرى أبدا

وأنت بحمد الله أطول غالب

 
لساناً وأنداها بما ملكت يداً

وأطعنهم صدر الكمى برمحه

 
وأكساهم للهام عضباً مهنداً

سوى أخويك السيدين كلاهما

 
إمام الورى والداعيان إلى الهدى

أبى الله أن يعطى عدوك مقعداً

 
من الأرض أو في اللوح مرقى ومصعداً[17]


شعره يوم الجمل

ذكر ابن أبى الحديد في شرح نهج البلاغة: قال خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ـ وكان بدرياً ـ في يوم الجمل:

ليس بين الأنصار في جحمة الحر

 
ب وبين العداة إلا الطعان

وقراع الكماة بالقضب

 
البيض فإذا ما تحطم المران

فادعها تستجب فليس من الخز

 
رج والأوس يا علي جبان

يا وصي النبي قد أجلت الحر

 
ب الأعادي وسارت الأظعان

واستقامت لك الأمور سوى

 
الشام وفي الشام يظهر الأذعان

حسبهم ما رأوا وحسبك منا

 
هكذا نحن حيث كنا وكانوا


ذو الشهادتين وأم المؤمنين

ولم يكتف ذو الشهادتين بذلك, بل راح يخاطب أم المؤمنين عائشة طالباً منها التخلّي عن موقفها التحريضي، والمناوئ لعلي(عليه السلام) , فيذكرها بأنه وصي رسول الله(صلي الله عليه و آله) كما يذكر ابن ابي الحديد ذلك حيث يقول:

وقال خزيمة أيضاً يوم الجمل:

أعائش خلّي عن علي وعيبه

 
بما ليس فيه إنما أنت والدة

وصي رسول الله من دون أهله

 
وأنت على ما كان من ذاك شاهدة

وحسبك منه بعض ما تعلمينه

 
ويكفيك لو لم تعلمي غير واحدة

إذا قيل ماذا عبت منه رميته

 
بخذل ابن عفان وما تلك آبدة

وليس سماء الله قاطرة دماً

 
لذاك وما الأرض الفضاء بمائدة[18]


في معركة صفين

وكان خزيمة رضوان الله تعالى عليه ممن شهد معركة الجمل كما ذكرنا, و في سنة 37 هجرية شهد معركة صفين بجانب جيش الإمام علي(عليه السلام) وكان فيها من المقاتلين الأشداء المعروفين ببسالتهم.

فقد كان واحداً من أشياخ الأنصار الذين توجه إليهم الإمام طالباً منهم المشورة.

فقد ورد في الخبر: أنّ الإمام علياً(عليه السلام) لما أراد المسير إلى أهل الشام دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار, فحمد الله وأثنى عليه وقال:

«أما بعد، فإنكم ميامين الرأي, مراجيح الحلم, مقاويل بالحق, مباركو الفعل والأمر، وقد أردنا المسير إلى عدونا وعدوكم, فأشيروا علينا برأيكم».

فكان خزيمة واحداً من أولئك الذين استحقوا المنزلة التي اختارها أميرالمؤمنين(عليه السلام) لهم, وقد حظي هو ومن معه بهذه الصفات العظيمة التي لم تصدر من الإمام(عليه السلام) إذا لم يكونوا أهلاً لها أبداً؛ وقد سبقهم قيس بن سعد بن عبادة بالكلام، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أميرالمؤمنين, انكمش بنا إلى عدونا ولا تعرد،1 فوالله لجهادهم أحب إليّ من جهاد الترك والروم, لادهانهم في دين الله واستذلالهم أولياء الله من أصحاب محمد(صلي الله عليه و آله) من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان، إذا غضبوا على رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيروه. وفيئنا لهم بإحسان، إذا غضبوا علي رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيروه؛ وفيئنا لهم في أنفسهم حلال، ونحن لهم فيما يزعمون قطين.2

وما إن انتهى من كلامه حتى بادر أشياخ الأنصار ـ وذكر منهم خزيمة بن ثابت وأبوأيوب الأنصاري وغيرهما ـ فقالوا لقيس:

لم تقدمت أشياخ قومك وبدأتهم يا قيس بالكلام؟

فقال: أما أني عارف بفضلكم, معظم لشأنكم, ولكني وجدت في نفسي الضغن الذي جاش في صدوركم حين ذكرت الأحزاب.

فقال بعضهم لبعض: ليقم رجل منكم فليجب أميرالمؤمنين عن جماعتكم.

وهنا وقع اختيارهم على سهل بن حنيف.

فقالوا: قم يا سهل بن حنيف.

فقام سهل، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أميرالمؤمنين, نحن سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت, ورأينا رأيك ونحن كف يمينك، وقد رأينا أن تقوم بهذا الأمر في أهل الكوفة, فتأمرهم بالشخوص, وتخبرهم بما صنع الله لهم في ذلك من الفضل, فإنهم هم أهل البلد وهم الناس، فإن استقاموا لك استقام لك الذي تريد وتطلب..

وأما نحن فليس عليك منا خلاف, متى دعوتنا أجبناك, ومتى أمرتنا أطعناك.3

إذن فهم ـ وكما في الخبر ـ كانوا راغبين في الموافقة وتلبية طلب أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) دون تردد من أحد بمن في ذلك الصحابي الجليل موضوع مقالتنا؛ وإن وردت رواية عن عمارة بن خزيمة أن خزيمة شهد الجمل وهو لا يسلّ سيفاً, وشهد صفين وقال: أنا لا أقتل أحداً حتى يقتل عمار, فأنظر من يقتله, فإني سمعت رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول: «تقتله الفئة الباغية».

قال: فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة, ثم اقترب، فقاتل حتى قتل.

وكان الذي قتل عمار بن ياسر أبوالغادية المزني, طعنه برمح فسقط, وكان يومئذ يقاتل في محفة،[19] فقتل يومئذ وهو ابن أربع وتسعين سنة، فلما وقع أكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه, فاقبلا يختصمان فيه, وكلاهما يقول: أنا قتلته.

فقال عمرو بن العاص: والله, إن تختصمان إلا في النار؛ فسمعها معاوية، فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو بن العاص: ما رأيت مثلما صنعت! قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما: إنكما تختصمان في النار؟!

فقال عمرو: وهو والله ذلك, والله إنك لتعلمه, ولوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة!

فعلى فرض صحّة هذه الرواية وسلامتها، مع أنها مخالفة لتفاصيل مواقفه المذكورة أعلاه في معركتي الجمل وصفين، والتي تدل بشكل واضح على يقينه وسلامة اختياره، فلا ضير فيها على خزيمة, وهو المعروف بنفاذ بصيرته وسلامتها, وعمق ولائه لأميرالمؤمنين علي(عليه السلام) وقد خرج إلى معركة صفين ومن قبلها معركة الجمل بكامل وعيه للحق الذي لا يفارق علياً(عليه السلام) وللباطل الذي لاذ به خصوم علي(عليه السلام) .

ولكن مع كل هذا، فقد يحدث للإنسان في لحظة ما تردد أو توقف وهو في أمر خطير جداً يحدد مصيره، أو وهو يخطرعلى باله قول رسول الله(صلي الله عليه و آله) لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى بحقّ عمار بن ياسر:

«أن أبشر عمار، تقتلك الفئة الباغية، آخر زادك من الدنيا ضياح لبن».

فيجعله الرمز ورايته راية الحق, يستعين بها من تصيبه غفلة أو ضلالة أو حيرة، إما إلى الجنة وإما إلى النار, فينتظر برهة ثم يحسم أمره ليكون على بصيرة من أمره لا يشوبها ريب أو نقصان أبداً، أو أنه من باب ليطمئن قلبي لا غير.

فإن دلّت هذه العلامة المنحصرة بعمار رضوان الله تعالى عليه «تقتلك الفئة الباغية...» على شيء عظيم, فإنما تدل على رحمة الله تعالى بعباده, وحرص النبي(صلي الله عليه و آله) على محبيه وأتباعه في أن لا تستبدّ بهم الضلالة والحيرة, وأن لا تبقى الغشاوة على أعينهم طويلاً, و أن لا ينزغ الشيطان بينهم وبين الحق الذي يريدون, فيصوّر الحق ضلالةً والضلالة حقاً, فتختلط عليهم الأوراق و قد يقع المحذور وسوء الاختيار, مع ضيق الوقت وخطورة الموقف وحراجته، مما لا يدع مجالاً لإعادة النظر واختيار الأصح والأصوب، فكان عمار ورايته الدليل الناصع على حقانية الطائفة التي يقاتل عمار دفاعاً عنها, وضلالة الطائفة التي يقاتلها, وهذا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, فمن لم تذكره هذه الراية التي قدرت السماء أن يحملها عمار, والتي زينها رسول الله(صلي الله عليه و آله) بقول آخر لعلي(عليه السلام) عندما ذكر عماراً:

«أما إنه سيشهد معك مشاهد أجرها عظيم, وذكرها كثير, وثناؤها حسن».

فمن لم يذكره كل هذا بمكان الحق والهدى, فهو الذي مات قلبه, أو لم يكن عنده قلب على الإطلاق, ولم يكن قد هيأ سمعه وأنصت بوعي لنداء الهدى، فاستبد به العناد، فكانت عاقبته الخزي في الدنيا، والعذاب في الأخرى, وذلك هو الخسران المبين.

وخزيمة وغيره من الأصحاب الذين نوّر الله تعالى قلوبهم بنور الحق، يعرفون جميع هذا وغيره بحكم ملازمتهم لرسول الله(صلي الله عليه و آله) ووعيهم لأقواله وبحكم بصيرتهم النافذة في معرفة منزلة علي(عليه السلام) من رسول الله(صلي الله عليه و آله) لهذا نراهم قد استبسلوا في الدفاع عن علي(عليه السلام) ومواقفه طيلة حياتهم.

وخزيمة هو الذي دعا أن يغتسل غسل الشهادة حينما آوى إلى فسطاطه.

تقول الرواية: عن الفضيل بن دكين قال: حدثنا عبدالجبار بن العباس الشامي عن أبي إسحاق قال: لما قتل عمار، دخل خزيمة بن ثابت فسطاطه وطرح عنه سلاحه، ثم شن عليه الماء فاغتسل، ثم قاتل حتى قتل.

ليرد معركة الشهادة التي تيقنها كأنه يراها أمام عينيه وهويرى عماراً على ترابها صريعاً شهيداً, وخزيمة يردد: لقد سمعتها من رسول الله(صلي الله عليه و آله) : «عمار تقتله الفئة الباغية».

وفي رواية: أنّ عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: كنت بصفين فرأيت رجلاً ملثماً يقاتل الناس قتالاً شديداً يميناً وشمالاً, فقلت: يا شيخ، أتقاتل الناس يميناً وشمالاً؟!

فحسر رضوان الله عليه عن عمامته ثم قال:

سمعت رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول: «قاتل مع علي جميع من يقاتله».

وأنا خزيمة بن ثابت الأنصاري.

ثم راح يواجه الموت بقلب متلهّف للشهادة، متيقن لأجرها وثوابها، وهو يرتجز قائلاً:

قد مرّ يومان وهذا الثالث

 
هذا الذي يلهث فيه اللاهث

هذا الذي يبحث فيه الباحث

 
كم ذا يرجى أن يعيش الماكث

الناس موروث ومنهم وارث

 
هذا علي من عصاه ناكث


وظل خزيمة يقاتل حتى استشهد بجوار الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليهما؛ ووقع هذا سنة سبع وثلاثين هجرية.

ثم راحت ضبيعة بنت خزيمة بن ثابت التي عرفت بإيمانها وولائها للإمام علي سلام الله عليه ترثي أباها صاحب الشهادتين:

عين جودي على خزيمة بالدمع

 
قتيل الأحزاب يوم الفرات

قتلوا ذا الشهادتين عتواً

 
أدرك الله منهم بالتراب

قتلوه في فتية غير عزل

 
يسرعون الركوب للدعوات

نصروا السيد الموفق ذا العد

 
ل ودانوا بذاك حتى الممات

لعن الله معشراً قتلوه

 
ورماهم بالخزي والآفات


وانطلق عبدالله يزيد بن عاصم الأنصاري يرثي من قتل من أصحابه، وخزيمة رضوان الله عليه كان واحداً منهم, قائلاً:

يا عين جودي على قتلى بصفيناً

 
أضحوا رفاتاً وقد كانوا عرانيناً

أنى لهم صرف دهر قد أضرّ بنا

 
تباً لقاتلهم في اليوم مدفوناً

كانوا أعزة قومي قد عرفتهم

 
مأوى الضعاف وهم يعطون ماعوناً

أعزز بمصرعهم تباً لقاتلهم

 
على النبي وطوبى للمصابينا[20]


هذا، وهناك قول بأنّ ذا الشهادتين توفي في زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وأنّ الذي استشهد مع الإمام علي(عليه السلام) في صفين هو صحابي آخر يحمل الإسم نفسه، أي خزيمة بن ثابت، إلا أنه ليس المعروف بذي الشهادتين؛ وهو قول شاذ، لأنه أولاً: مخالف لما أجمع عليه علماء السير من أنّ الذي استشهد في معركة صفين هو خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين, وأنه لم يمت في عهد عثمان.

وثانياً: لعدم وجود صحابي بهذا الإسم، أي خزيمة بن ثابت غير المتصف بذي الشهادتين.

الإمام علي(عليه السلام) يندب إخوانه ويطري عليهم ومنهم ذو الشهادتين

وقد راح الإمام علي(عليه السلام) يذكر إخوانه كما كان يسميهم, الذين استشهدوا في معركة صفين ويشيد بهم ويتمنى وجودهم, وكان الحزن يعتصر قلبه على مصرعهم, وهو يرى تخاذل جنده وأتباعه وتباطئهم في الاستجابة له حينما يستحثهم لمواصلة المرحلة الثانية من القتال ضد معاوية وجنده, ومما قاله سلام الله عليه:

«...ما ضرّ إخواننا الذين سفكت دماؤهم وهم بصفين إلا يكونوا اليوم أحياء؟
يسيغون الغصص ويشربون النق! قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم, وأحلهم دار الأمن
بعد خوفهم».

ثم راح يندبهم ويصفهم بالأخوة، ويعدد نماذج منهم قائلاً:

أين إخواني الذين ركبوا الطريق, ومضوا على الحق؟!» أي: استقاموا فيه لم ينحرفوا إلى هنا وهناك، لا يبتغون عنه بدلاً.

أين عمار؟!

وأين ابن التيهان؟!

وأين ذوالشهادتين؟! وهو خزيمة بن ثابت, والإمام سلام الله عليه راح يناديه بلقبه الذي جعله رسول الله(صلي الله عليه و آله) له، أن عدّ شهادته منفردةً قائمة مقام شهادة رجلين.

وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنيّة, وأبرد بروؤسهم إلى الفجرة؟!

ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة الكريمة, فأطال البكاء ثم قال(عليه السلام):

«أوه على أخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه, وتدبروا الفرض فأقاموه, أحيوا السنة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا, ووثقوا بالقائد فاتبعوه».

وبعد إطرائه عليهم رضوان الله عليهم نادى بأعلى صوته:

«الجهاد الجهاد عباد الله».[21]

ذو الشهادتين في كتب علماء الرجال

كان طبيعياً أن يحتل خزيمة بن ثابت مكانةً قيمةً عند علماء الرجال والحديث من الفريقين, لما تمتّع به هذا الصحابي الجليل من إيمان وثيق، وصدق حديث ورواية، استحق بها اللقب العظيم «ذو الشهادتين» الذي أضفاه عليه النبي الكريم(صلي الله عليه و آله) ، تضاف إلى سجله الحافل بالمواقف الجهادية طوال حياته الإيمانية المباركة.

ففي رجال الشيخ الطوسي1:

خزيمة بن ثابت من أصحاب رسول الله. وعده مع توصيفه بذي الشهادتين في أصحاب علي(عليه السلام) .1

فيما قال عنه البرقي في آخر رجاله:

هو من الإثني عشر الذين أنكروا على أبي بكر حيث قال: ألست تعلم يا أبابكر أنّ رسول الله(صلي الله عليه و آله) قبل شهادتي وحدي.

قال: بلى.

قال: فإني أشهد بما سمعته منه وهو قوله: «إمامكم بعدي علي(عليه السلام) لأنه الأنصح لأمتي والعالم فيهم».

أما في العيون فقد ذكره: إنه من الذين مضوا على منهاج نبيهم، ولم يغيروا
ولم يبدلوا.
2

وأما الكشي، فقد ذكر أكثر من رواية تبين مواقفه دفاعاً عن الإمامة الحقة المتمثلة بأميرالمؤمنين علي(عليه السلام) منها:

الرواية الأولى: رواية اغتساله قبل قتاله في صفين التي ذكرناها.

الرواية الثانية: رواية أنه سل سيفه في صفين قائلاً: سمعت رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول: «عمار تقتله الفئة الباغية» التي ذكرناها.

الرواية الثالثة: جعفر بن معروف قال: حدثني محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن حسين بن أبي حمزة عن أبيه حمزة قال: والله، إني على ظهر بعيري في البقيع إذ جاءني رسول فقال: أجب يا أبا حمزة فجئت وأبوعبد الله(عليه السلام) جالس، فقال: «إني لأستريح إذا رأيتك».

ثم قال: «إن أقواماً يزعمون أنّ علياً(عليه السلام) لم يكن إماماً حتى شهر سيفه، خاب إذن عمار وخزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة، وقد خرج يومئذ صائماً بين الفئتين بأسهم فرماها قرباً يتقرب بها إلى الله تعالى حتى قتل، يعني عماراً».1

وذكر السيد الخوئي1 في رجال الحديث سبب تسميته أو توصيفه بذي الشهادتين عن كتاب الكافي، كتاب الشهادات 5  باب النوادر 23، ح1 في المجلد:8 ونقل السيد الخوئي أيضاً أقوال جمع من علماء الرجال ذكرنا بعضها أعلاه، فانظر ترجمته هناك مفصلة.

وهكذا تحدث عنه علماء آخرون كالذهبي في كتاب سير أعلام النبلاء، فقد قال عنه: خزيمة بن ثابت الفقيه أبو عمارة الأنصاري الخطمي المدني ذو الشهادتين، قيل: إنه بدري، والصواب إنه شهد أحداً وما بعدها؛ وله أحاديث.

وكان من كبار جيش علي(عليه السلام) فاستشهد معه يوم صفين.

حدث عنه ابنه عمارة، وأبو عبدالله الجدلي، وعمرو بن ميمون الأودي، وإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص وجماعة.

قتل رضي الله عنه سنة 37هـ ، وكان حامل راية بني خطمة؛ وشهد مؤتة.2

وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وطبقات المحدثين وغيره مع بعض ما رواه عن النبي(صلي الله عليه و آله) .

وختاماً

لقد حظي هذا الصحابي الجليل رضوان الله تعالى عليه بما تمنّاه، ألا وهو الشهادة في سبيل الله تعالى، التي ختم بها عمره البالغ سبعين سنة، إذا ما أخذنا بما ذكره بعض من كتب عن خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، وإن لم أعثر على دليل تاريخي يثبته فيما تيسّر لي من مصادر تاريخية، من أنه ولد قبل البعثة النبوية المباركة بعشرين سنة، فيكون عمره حين استشهاده رضوان الله تعالى عليه سبعين سنة؛ فهو شيخ كبير, ويعد من مشايخ المسلمين الذين نالوا وسام الشهادة في معركة صفين بعد عمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه.

فسلام عليك نفساً مطمئنةً آمنت بربها، فرحلت إليه راضية مرضية

 
 


1. النساء: 69.

2. طبقات ابن سعد 8 : 354.

1. التوبة: 100.

2. مختصر تاريخ دمشق 8 : 45.

1. مقاتل الطالبيين‌ : 30 ؛ والمصادر التاريخية الأخري.

2. المغازي للواقدي 2 : 769 ؛ مختصر تاريخ دمشق 8 :‌ 45.‌

3. المصدر نفسه.

1. أنظر في هذا كله وسائل الشيعة 18 : الباب 18من أبواب كيفية الحكم، ح3 ؛ مختصر تاريخ دمشق 8 : 46ـ47 ؛ وأحكام القرطبي 3 : 405 ؛ والإصابة في معرفة الصحابة : 2347 وغيرها من المصادر التاريخية والروائية والفقهية.

2. الأنفال: 74.

1. لسان العرب، مادة: «دبر».

2. أحكام القرآن، للقرطبي 1: 56 ؛ مختصر تاريخ دمشق 8 : 47.

3. آل عمران : 102ـ 103.

1. مجمع البيان، للطبرسي 2 :‌ 804 في تفسير الآيتين المذكورتين؛ وراجع غيره من التفاسير.

2. النور : 11.

3. وفي هذا كلام، لأنّ سعد بن معاذ توفي بعد حكمه المشهور في بني قريظة، وهو أمر وقع قبل حادثة الإفك بفترة تجاوزت أشهراً عديدة، أللهم إلا أخذنا بما ذكره الواقدي من أنّ غزوة بني المصطلق التي وقعت فيها حادثة الإفك كانت قبل غزوة بني قريظة، بل وقبل غزوة الخندق، فكانتا بعد المريسيع لحرب بني المصطلق من خزاعة، فوقعت في شعبان سنة خمس من الهجرة، وهو كما يبدو خلاف مشهور المؤرخين الذي يذهب إلي أنّ رسول الله9 غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست من الهجرة؛ أنظر تاريخ الطبري 2 :‌ 104.

1. الأحزاب: 23.

2. التوبة: 128ـ 129.

1. مختصر تاريخ دمشق8 : 46 ؛ البيان، للسيد الخوئي: 242ـ243 ؛ أحكام القرآن، للقرطبي1 :‌ 50.

2. أحكام القرآن، للقرطبي 2 : 424.

3. استشهد بأحد جنباً، فلذلك رأي النبي9 الملائكة تغسله.

1. أنظر حديث الثقلين، لنجم الدين العسكري : 84 .

1. راجع الاحتجاج، للطبرسي.

1. الغدير، للشيخ الأميني 2 : 42 ـ 43.

2. المفيد، الجمل: 105ـ 106.

1. محسن الأمين، في رحاب أئمة أهل البيت 2 : 42ـ43.

1. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 1 : 145ـ 146.

1. الانكماش: الإسراع والجد؛ والتعريد:‌ الفرار والإحجام والانهزام.

2. القطين: الرقيق أو الخدم والأتباع والمماليك.

3. أنظر في هذا وقعة صفين، لنصر بن مزاحم المتوفي سنة 212، بتحقيق عبدالسلام محمد هارون: 93ـ94، منشورات مكتبة آية الله العظمي المرعشي النجفي1 .

1. المحفة:‌ المركب كالهودج، إلا أنّ الهودج يقبّب، والمحفة لاتقبب؛ راجع لسان العرب.

1. وقعة صفين، لنصر بن مزاحم: 364ـ366.

1. نهج البلاغة، صبحي الصالح: 264.

1. رجال الشيخ الطوسي: 5.

2. راجع أسماءهم في ترجمة جندب بن جنادة في رجال الحديث للخوئي.

1. راجع: ترجمة عمار: 3.

2. سير أعلام النبلاء 20 : 485.


| رمز الموضوع: 12702