سلمان الفارسی
تشرق على صفحاتنا هذه شمس الحقیقة، التی جسّدت جوهر الوفاء والمحبة والتفانی; من أجل خط ونهج کان ولا یزال یعیش فی هاجس شخصیة عظیمة، رسمت لنفسها طریقاً شائکاً نهایته السعادة الأبدیة. هذا الطریق لایسلکه إلا من رأى الحقیقة بقلبه قبل عینیه، فقرر أن یستمر به و
تشرق على صفحاتنا هذه شمس الحقيقة، التي جسّدت جوهر الوفاء والمحبة والتفاني; من أجل خط ونهج كان ولا يزال يعيش في هاجس شخصية عظيمة، رسمت لنفسها طريقاً شائكاً نهايته السعادة الأبدية.
هذا الطريق لايسلكه إلا من رأى الحقيقة بقلبه قبل عينيه، فقرر أن يستمر به وإن أدى إلى ترك الأهل والأوطان، فعزف عن الحياة الرغيدة التي لم تدم لأحد، واستبدلها بما هو أعظم منها.
فمن اللحظة الأولى التي وصل بها هذا الباحث إلى أنشودته، وعثر فيها على ضالته، أخلص لها بكل ما اُوتي من قوّة، وبقي يقدّم ويضحي ويتفانى من أجلها، غير متأثر بالعوائق والموانع التي توضع في طريقه، لأنه كان موطناً نفسه على كلّ المصاعب والمتاعب من أجل هذا الهدف، وقد وصل إليه، وبعد هذا فلا يثنيه عنه أحد، فهو كالجبل الراسخ لا تهزه الرياح العواتي.
تُرى من هو ذلك الشخص الذي يتحلى بهذه الصفات؟ لابدّ أنّه من عظماء الأمّة الإسلامية، ورمز من رموزها وعلماً من أعلامها.
نعم، إنّه صحابي من بين آلاف الصحابة الذين عاشوا مع رسول الله(صلي الله عليه و آله) وصاحبوه، لكنّه استطاع ـ بإيمانه وإخلاصه ووفائه وثباته وتفانيه في خدمة الإسلام ونبيّه الأكرم(صلي الله عليه و آله) ـ أن يحتل الصدارة في صف الصحابة عامة والتابعين له بإحسان خاصة، ليكون رائدهم ورمزهم وقدوتهم بعد أميرالمؤمنين(عليه السلام) والذي صار جزءاً وفرداً من أفراد بيت النّبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي والتنزيل، وذلك حين قال في حقه النّبي(صلي الله عليه و آله و سلم): «سلمان منّا أهل البيت».
هذا واحد من الصفوة، ومثال متكامل برز بين مجموعة صُنِّفت من الرعيل الأول، والطبقة المتميزة من الصحابة أمثال أبي ذر وعمّار والمقداد و... وغيرهم.
وهناك نوع آخر أيضاً، كان يُعدّ من صحابة النّبي(صلي الله عليه و آله) لكن كان من صنف آخر، ونوع لا يحمل من الصحبة إلاّ اسمها، وهم الذين قال(صلي الله عليه و آله) فيهم: «إنّ من أصحابي اثنى عشر منافقاً منهم ثمانية لا يدخلون الجنّة».[1]
وقال(صلي الله عليه و آله) أيضاً: «ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني حتى إذا اُرفعوا إليّ اختلجوا دوني، فلأقولنّ: ربّ أصحابي، فليقالنّ: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك».[2]
وفي سند آخر بزيادة: «إنّهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم».[3]
من هنا نعلم أنّه ليس كلّ من صاحب النّبي الأكرم(صلي الله عليه و آله) كان ذا مقام ومكانة، بل هو مقام من ثقلت موازينه، قال عزّوجلّ: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ).[4] وقال أيضاً: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).[5]
إذن، ليس من العدل والإنصاف أن نصنّف الصحابة كلّهم في مرتبة واحدة، وحق القول ما قاله عزّوجلّ: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ).[6]
من هنا، رأينا ضرورة تصفح التأريخ، والنظر في حياة كلّ صحابي، حتى نصنّفه من أي الطائفتين هو، وليُعلم كلّ على حقيقته، ويعطى كلّ ذي حق حقه، حتى لانتولى من ليس أهلاً، أو نتبرأ ممن هو أهل، فنكون قد أجحفناهم، فرفعنا من كان أهلاً للضعة، ووضعنا من كان أهلاً للرفعة.
وقد سعيت جاهداً تبيان الحقائق ونفض الغبار عنها، وإيقاف القارئ الكريم على الموارد التي حاول بعضهم أن ينال فيها من شخصية سلمان وأمثاله من الصحابة الأجلّة ويشوّه سمعته، ومنه تعالى نستمد التوفيق.
اسمه ونسبه
كان اسمه قبل الإسلام روزبه بن خشنودان، نشأ في بلدة تدعى رامهرمز من توابع بهبهان، وكانت من توابع شيراز سابقاً، ومن توابع خوزستان حالياً،[7] خلافاً لما يدعيه بعض المؤرخين أنّه من إصفهان من بلدة جي، فهو من أبناء وأشراف قومه، سمّاه رسول الله(صلي الله عليه و آله و سلم) سلمان بعد أن أعتقه.
كنيته: أبو عبدالله، أبوالحسن، أبو إسحاق، أبو البيّنات، أبو المرشد، واشتهر بالكنية الأولى.
لقبه: المحمّدي كما سنقرأ ذلك فيما بعد، الخير.
قصّة إسلامه
هناك قصة طويلة تنقل عنه يذكرها جمع من مؤرخي أهل السنّة تتضمن: أنّه كان يسجد للشمس ويعبد النار، ثمّ صار نصرانياً، ثمّ أسلم بعد مجيئه إلى المدينة المنورة; إلاّ أنّ هذه القصة بخصوصياتها لم تثبت من المصادر المعتبرة، مضافاً إلى وجود جمع من النصوص المعتبرة التي تثبت خلاف ذلك، خصوصاً وأنّ البعض حاول أن يستنتج من هذه القصة ـ من دون تفحص ـ أنّ سلمان= كان إنساناً متقلّباً كلما رأى ديناً أخلص له، وتمسك به من دون تثبت وتعقل.
لكننا إذا لاحظنا كيفية تعرفه على النبي الأكرم(صلي الله عليه و آله) ومتابعة العلامات التي أعطيت له من قبل آخر راهب لازمه إلى حين وفاته، وبشّره بخروج النّبي(صلي الله عليه و آله) من أنّه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النّبوة، نعلم أنه لم يسلّم له إلا بعد التثبت والتيقن.
منها: ما يذكر أنّه حينما سمع بمقدم النبي(صلي الله عليه و آله) إلى المدينة، ذهب إليه آخذاً معه طبقاً من التمر أو اللحم، وقدمه إلى النّبي(صلي الله عليه و آله) وقال له: هذا صدقة، فقال النبي(صلي الله عليه و آله) لأصحابه: كلوا وأمسك هو(صلي الله عليه و آله)؛ يقول سلمان: فقلت في نفسي هذه علامة، ثمّ ذهب وجاء مرّة أخرى، وقدّم طبقاً فيه تمر، وقال للنّبي(صلي الله عليه و آله) : هذه هدية، فمدّ النّبي(صلي الله عليه و آله) يده، وقال: «بسم الله كلوا»; يقول: فقلت في نفسي هذه علامة أخرى، ثمّ حاول التعرف على العلامة الثالثة فصار يدور خلف النّبي(صلي الله عليه و آله) فأحس به النّبي(صلي الله عليه و آله) فألقى بثوبه عن كتفيه فظهرت العلامة، يقول: فسقطت على قدمي رسول الله(صلي الله عليه و آله) أقبلهما وأسلمت على يديه.
وقال الصدوق: ما سجد قط لمطلع الشمس، وإنّما كان يسجد لله عزّ وجلّ، وكانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية، وكان أبواه يظنّان أنّه إنّما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم، وكان وصي وصي عيسى....[8]
وأما ما ينقل عنه أنّه قال: «كنت ضالاً فهداني الله بمحمّد(صلي الله عليه و آله) وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمّد(صلي الله عليه و آله)».
فيمكن الإجابة عليه بعدة أمور:
1ـ إذا ثبت صدورها عنه فلا شك أنّه كان ممّن يكتم إيمانه آنذاك، كما تشهد النصوص بذلك; خوفاً من أهله، كما أنّه ترك الأهل والأوطان لأجل هذا.
2ـ لعلّه كان يتماشا مع مرتكزات القوم، إذ كانوا يعتقدون أنّه مجوسي، لكونه قادماً من بلاد المجوسيّة، ومن أسرة مجوسية أيضاً، فهو لم يؤخذ بحرب ولا غزو، بل آجرهم نفسه فانقلبوا عليه، وباعوه على أنّه عبد وبقرينة قوله: كنت مملوكاً، مع أنا نعلم كما ينقل المؤرخون،[9] أنّه أجبر على العبودية ظلماً، لقاء مبلغ من المال، ومع هذا نراه يتكلّم بحسب المرتكز والظاهر، فإنّه كان في الظاهر عبداً وكافراً، لأنّه لايستطيع أن ينفي هذا الشيء عن نفسه.[10]
3ـ روى الكشي بإسناده عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «جلس عدّة من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه و آله) ينتسبون، وفيهم سلمان الفارسي، وأنّ عمر سأله عن نسبه وأصله؟ فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنت ضالاً فهداني الله بمحمّد، وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمّد، وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمّد، فهذا حسبي ونسبي... إلى أن قال، فقال النّبي(صلي الله عليه و آله): يا سلمان ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل».[11]
إذن، هذه العبارة صدرت من سلمان في هذا الموقف الحرج من بعض الصحابة، وقد غضب النبي(صلي الله عليه و آله) لهذا النوع من التعامل، فكأنّ سلمان يريد أن يبيّن لهم بأنّ العبرة في من حسن إسلامه، وثبتت عقيدته، وكان مؤمناً عن صدق، وليس ممّن دخل في الإسلام لأغراض مختلفة، كما هو الحال في بعض الصحابة الذين كشف النقاب عنهم القرآن المجيد: (يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ).[12] وكان الميزان الصحيح هو قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ).[13] فلا يبعد أن يكون سلمان قد قال هذه الكلمات من باب التنزل: لو سلمنا أنّي كنت ضالاً فقد اهتديت، أو كنت عائلاً فقد استغنيت، أو كنت مملوكاً فقد أعتقت، ولا فضل لأحد منكم عليّ، بل كل الفضل يرجع لنبي الرحمة محمّد(صلي الله عليه و آله).
وممّا يدلّ على أنّ إسلامه كان عن تتبع واعتقاد، وأنّه كان مؤمناً من ذي قبل وموحّداً على المسيحية الصحيحة:
1ـ أنّه حين أسلم عاد كما ولدته اُمّه، فلم يكن متأثراً بشيء من عادات المجوس والنصارى، بل كان أكثر الصحابة ـ بعد علي(عليه السلام) ـ تأثراً بالنّبي الأكرم(صلي الله عليه و آله) واتباعاً لأوامره ونواهيه، على العكس من بعض الصحابة الذين كانوا يتعمدون مخالفته، بل لم يتخلّوا عن كثير من عادات الجاهلية، كتقديم القومية على الدين.
2ـ أنّه لم يترك دين آبائه طمعاً في شيء، بل ترك آباءه وأهله الذين هم من سلالة الملوك الدهاقين وفي رفاهية العيش، وابتعد عن الأوطان وتحمّل مشاق السفر والفقر، ووقع في ظلم العبودية بحثاً عن معالم الدين، البعيدة عن الشرك وعبادة الأوثان، ولا يتحمل هذا العناء والشقاء إلاّ من يسعى وراء أمر مهم وهدف مقدّس، دفعه إليه صرخة العقل والوجدان، إلى أن حظي بسعادة الإسلام، وصحبة النّبي(صلي الله عليه و آله).
3ـ ورد في كتاب الاستيعاب: «وكان سلمان يطلب دين الله، ويتّبع من يرجو ذلك عنده فَدانَ بالنصرانية [الصحيحة] وقرأ الكتب، وصبر في ذلك على مشقات».[14]
4ـ وورد في كتاب الإصابة:... وكان يسمع بأنّ النّبي(صلي الله عليه و آله) سيبعث، فخرج في طلب ذلك، فأسر وبيع بالمدينة.[15]
5 ـ وما ورد في إكمال الدين وإتمام النعمة، وقد ذكرناه قبل قليل.
6 ـ ما قاله في خطبة له سنذكرها فيما بعد نذكر منها موضع الحاجة:... حتى أتيت محمّداً(صلي الله عليه و آله و سلم) فعرفت من العرفان ما كنت أعلمه، ورأيت من العلامة ما أخبرت بها; وهذا دليل على أنّه كان يتلقى العلم من أهل المعرفة، وكان يترقب هذه العلامات.
وهذا القدر كاف لإثبات إسلامه، ولإدحاض حجة من يريد النيل من هذه الشخصية الفذّة.
ونحن نذكر هنا قصة إسلامه المروية من طريق علمائنا الأبرار على أشهر الروايات، وهو ما رواه الشيخ الصدوق في إكمال الدين وإتمام النعمة، بإسناده إلى الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) قال: «حدّثني أبي صلوات الله عليه أنّ أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وسلمان وأباذر وجماعة من قريش، كانوا مجتمعين عند قبر النّبي(صلي الله عليه و آله) فقال أميرالمؤمنين(عليه السلام): يا أباعبدالله ألا تخبرنا بمبدء أمرك، فقال سلمان: والله يا أميرالمؤمنين، لو أنّ غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنت رجلاً من أبناء أهل شيراز من الدهاقين، وكنت عزيزاً على والدي، فبينا أنا سائر مع والدي في عيد لهم، إذ أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله، فرصف حبّ محمّد(صلي الله عليه و آله) في لحمي ودمي، فلم يهنئني طعام ولا شراب، فقالت لي اُمّي: مالك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس قال: فكابرتها حتى سكتت، فلمّا انصرفت إلى منزلي، إذ أنا بكتاب معلق من السقف، فقلت لاُمّي: ما هذا الكتاب فقالت: روزبه إنّ هذا الكتاب لما رجعنا من عيدنا رأيناه معلقاً، فلا تقرب ذلك المكان فإنّك إن قريته قتلك أبوك، قال: فجاهدتها حتى جنّ الليل ونام أبي واُمّي، فقمت فأخذت الكتاب، فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا عهد من الله إلى آدم(عليه السلام)، وأنّه خلق من صلبه نبياً يقال له: محمّد، يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن عبادة الأوثان، يا روزبه أنت وصي عيسى، فآمن واترك المجوسية، قال: فصعقت صعقة وزادني شدة قال: فعلم أبي واُمّي بذلك، فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة وقالا لي: إن رجعت وإلا قتلناك، فقلت لهما: إفعلا بي ما شئتما، فإنّ حبّ محمّد لا يذهب من صدري، قال سلمان: ما كنت أعرف العربية قبل قراءتي ذلك الكتاب، ولقد فهمني الله العربية من ذلك اليوم، قال: فبقيت في البئر، فجعلوا ينزلون إليّ أقراصاً صغاراً، قال: فلمّا طال أمري رفعت يدي إلى السماء، فقلت: يا ربّ إنك حبّبت محمداً(صلي الله عليه و آله) ووصيّه إليّ، فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني ممّا أنا فيه، فأتاني آت عليه ثياب بيض، فقال: قم يا روزبه، فأخذ بيدي، وأتى بي إلى الصومعة، فأنشأت أقول: أشهد أن لاإله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله، فأشرف عليّ الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فأصعدني إليه، فخدمته حولين كاملين.
فلمّا حضرته الوفاة قال: إنّي ميت، فقلت: على من تخلفني؟ قال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي إلا راهباً بأنطاكية، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، وادفع إليه هذا اللوح، وناولني لوحاً، فلمّا مات غسلته وكفنته ودفنته، وأخذت اللوح وصرت به إلى أنطاكية، وأتيت الصومعة، وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله، فأشرف عليّ الديراني فقال لي: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فصعدت وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال: إنّي ميت، فقلت: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً بالإسكندرية، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، وادفع إليه هذا اللوح، فلمّا توفي غسلته وكفنته ودفنته، وأخذت اللوح وأتيت الصومعة، فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ عيسى روح الله، وأنّ محمّداً حبيب الله، فأشرف عليّ الديراني فقال لي: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد، فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين.
فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميت، فقلت: على من تخلفني؟ قال: لا أعرف أحداً يقول في الدّنيا بمقالتي هذه، وأنّ محمّد بن عبدالله بن عبدالمطلب قد حانت ولادته، فإذا أتيته فاقرأه عنّي السلام، وادفع إليه هذا اللوح، قال: فلمّا توفي غسلته وكفنته ودفنته، وأخذت اللوح وخرجت، وصحبت قوماً فقلت لهم: يا قوم اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة، قالوا: نعم، قال: فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة فقتلوها بالضرب، ثمّ جعلوا بعضها كباباً وبعضا شوياً، فامتنعت من الأكل، فقالوا: كُل، فقلت: إنّي غلام ديراني، وأنّ الديرانيين لا يأكلون اللحم، فضربوني فكادوا يقتلونني.
فقال بعضهم: أمسكوا عنه حتى يأتيكم شرابكم، فإنّه لا يشرب، فلمّا أتوا بالشراب قالوا: اشرب، فقلت: إنّي غلام ديراني، وإنّ الديرانيين لا يشربون الخمر، فشدّوا عليّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني ولا تقتلوني، فإنّي اُقرّ لكم بالعبودية، فأقررت لواحد منهم، فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي: قال: فسألني عن قصتي فأخبرته، وقلت: ليس لي ذنب إلاّ أني أحببت محمّداً ووصيه، فقال اليهودي: وإنّي لأبغضك وأبغض محمّداً، ثمّ أخرجني إلى خارج داره، وإذا رمل كثير على بابه، فقال: والله يا روزبه لإن أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كلّه من هذا الموضع لأقتلنّك، قال: فجعلت أحمل طول ليلي فلمّا جهدني التعب، رفعت يدي إلى السّماء فقلت: يا ربّ حببت محمّداً(صلي الله عليه و آله) ووصيه إليّ فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني ممّا أنه فيه.
فبعث الله عزّوجلّ ريحاً فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كلّه فقال: يا روزبه! أنت ساحر، وأنا لاأعلم، فلأخرجنّك من هذه القرية كي لاتهلكنا قال: فأخرجني وباعني من امرأة سليمية فأحبتني حبّاً شديداً، وكان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لك كل منه ماشئت وهب وتصدّق، قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله، فبينا أنا ذات يوم في الحائط، وإذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلّهم غمامة، فقلت في نفسي: والله ما هؤلاء كلّهم بأنبياء وأنّ فيهم نبياً قال: فأقبلوا حتى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلمّا وصلوا، إذا فيهم رسول الله(صلي الله عليه و آله) وأميرالمؤمنين(عليه السلام) وأبوذر والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبدالمطلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل، ورسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول: كلوا الحشف، ولا تفسدوا على القوم شيئاً.
فدخلت على مولاتي وقلت لها: يا مولاتي هبي لي طبقاً من رطب، فقالت: لك ستة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب، فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبي فإنّه لا يأكل الصدقة، فوضعته بين يديه وقلت: هذه صدقة، فقال رسول الله(صلي الله عليه و آله): كلوا، وأمسك رسول الله(صلي الله عليه و آله) وأميرالمؤمنين(عليه السلام) وحمزة بن عبدالمطلب وعقيل بن أبي طالب، وقال لزيد: مدّ يدك وكُل، فقلت في نفسي: هذه علامة، فدخلت على مولاتي وقلت لها: هبي لي طبقاً آخر، فقالت: لك ستة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب فوضعته بين يديه، وقلت: هذه هدية فمد يده وقال: بسم الله، كلوا، فمدّ القوم جميعاً أيديهم، فأكلوا فقلت في نفسي: هذه أيضاً علامة.
قال: فبينا أدور خلفه إذ حانت من النّبي التفاتة فقال: يا روزبه تطلب خاتم النّبوة فقلت: نعم، فكشف عن كتفيه، فإذا أنا بخاتم النّبوة معجون بين كتفيه عليه شعرات، قال: فسقطت على قدم رسول الله(صلي الله عليه و آله و سلم) أقبّلها، فقال لي: يا روزبه! أدخل على هذه المرأة وقل لها: يقول لك محمّد بن عبدالله: تبيعينا هذا الغلام. فقالت: قل له لا أبيعك إلاّ بأربعمائة نخلة مائتا نخلة منها صفراء، ومائتا نخلة منها حمراء، قال: فجئت إلى النّبي(صلي الله عليه و آله) فأخبرته، فقال: ما أهون ما سألت، ثمّ قال: قم يا علي، إجمع هذا النوى كله وأخذه فغرسه، ثمّ قال: اسقه فسقاه أميرالمؤمنين(عليه السلام) فما بلغ آخره حتى خرج النخل ولحق بعضه بعضاً.
فقال لي: أدخل إليها، وقل لها: يقول لك محمّد بن عبدالله: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئناً، قال: فدخلت عليها، وقلت لها ذلك، فخرجت ونظرت إلى النخل فقالت: والله لا أبيعكم إلاّ بأربعمائة نخلة كلّها صفراء، فهبط جبرائيل فمسح جناحه على النّخل فصار كلّه أصفر، قال ثمّ قال لي: قل لها: إنّ محمّداً يقول لك خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا، فقلت لها فقالت: والله لنخلة من هذه أحب إليّ من محمد ومنك، فقلت لها: والله ليوم مع محمّد أحب إليّ منكِ، ومن كلّ شيء أنت فيه.
وأما زمان إسلامه: فالمشهور أنّه أسلم في المدينة المنورة، بعد هجرة النبي(صلي الله عليه و آله) وقيل: إنّه أسلم في مكة المكرمة، إلاّ أنّه لم يتحرر من العبودية إلاّ في المدينة وبعد مدّة، اختلف فيها المؤرّخون.[17]
زوجته
المشهور أنه تزوج وله ذرية، ويشهد له ما نقله الشهيد الثاني عن ابن الجوزي، وما رواه ابن عساكر أن أميرالمؤمنين علياً(عليه السلام) عزّاه بوفاة زوجته قائلاً: ماتت في المدائن فحزن عليها، فبلغ أميرالمؤمنين(عليه السلام) فكتب إليه: «...بلغني يا أباعبدالله سلمان مصيبتك بأهلك، وأوجعني بعض ما أوجعك، ولعمري مصيبة تقدم أجرها خير من نعمة تسأل عن شكرها، ولعلك لا تقوم بها والسلام عليك».[18]
مضافاً إلى ما ذكره علماء الرجال من الفريقين من وجود رواة للحديث من ذريته.[19]
وهذا القدر كاف في إثبات أنه كان متزوجاً، وعندها لايعتنى بقول من نفي ذلك، أو اتهمه بأنه كان مجبوباً، وهذا من تخرص الجهلة الحاقدين.
نعم يوجد تضارب في زمان وفاتها، فتارة تقول: إنها توفيت في حياته، كما ذكرنا قبل قليل وعزّاه أميرالمؤمنين(عليه السلام) بها، وأخرى أنها كانت معه حين توفي، كما رواه الكشي وغيره أنه حين حضرته الوفاة قال لامرأته: قومي أجيفي الباب...[20]
فنقول: لا يبعد أن يكون قد تزوج ثانيةً بعد وفاة زوجته الأولى فتكون الثانية هي التي بقيت معه، وحضرت وفاته; جمعاً بين الأقوال، ويشهد له ما في إكمال الكمال.
إسمها: بقيرة:[21] قال ابن ماكولا في إكمال الكمال: وأما بقيرة، وهي آخر من تزوج من أزواجه، وشهدت موتة.[22] مضافاً إلى ما ذكره بعض المؤرخون أن التي كانت حين وفاته هي بقيرة.
أولاده:
1ـ عبدالله، وهو المشهور.
2ـ محمد، قول منتجب الدين.[23]
3ـ عبدالرحمان، قول ابن الأثير.[24]
4ـ يحيى، قول بن عساكر.[25]
5 ـ وفي نفس الرحمن: إنّ له حفيداً من علماء خجنده اسمه ضياء الدين.[26]
سيرته وفضائله
آخى رسول الله(صلي الله عليه و آله) بينه وبين أبي ذر الغفاري، وما نقل من أنه أبا الدرداء فهو ضعيف، لأن رسول الله(صلي الله عليه و آله) كان يراعي الكفاءة في الإيمان بين الأخوين، وكان أبوذر أكفأ من أبي الدرداء، لعدة وجوه:
1ـ كانت في أبي الدرداء بقايا الجاهلية، وقد ذمه رسول الله(صلي الله عليه و آله) عليها قائلاً: فيك جاهلية، قال: أيّ جاهلية يا رسول الله؟ قال: جاهلية كفر، وهذه لم تكن في سلمان.
2ـ ثبت أبوذر مع أميرالمؤمنين(عليه السلام) بعد وفاة رسول الله(عليه السلام) حين مال الجميع عنه، ولم يكن منهم أبو الدرداء.[27]
3ـ أبو الدرداء صار من وعاظ السلاطين، حتى أنّ معاوية وولده يزيد مدحاه وأثنيا عليه.
فكان سلمان من شرطة الخميس.[28]
وهو الذي أشار على رسول الله(صلي الله عليه و آله و سلم) بحفر الخندق في السنة السادسة للهجرة، وأشار بالمنجنيق وعمله بيده.[29]
وكان أحد السبعة الذين صلّوا على الصديقة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(صلي الله عليه و آله) بعد أن أوصت علياً(عليه السلام) أن لا يصلي عليها أحد ممن ظلمها.[31]
وكان وصي وصي عيسى(عليه السلام) في أداء ما حمل، إلى من انتهت إليه الوصية من الأوصياء المعصومين.[32]
وجّه أميراً إلى المدائن من قبل الخليفة عمر فلم يفعل إلاّ بعد أن استأذن أمير المؤمنين(عليه السلام) فحضه.[33]
وقال ابن شهرآشوب في المناقب: كان عمر وجّه سلمان أميراً إلى المدائن، وإنما أراد
له الختلة فلم يفعل إلاّ بعد أن استأذن أميرالمؤمنين علياً(عليه السلام) فمضى فأقام بها إلى أن
توفي.[34]
له الختلة فلم يفعل إلاّ بعد أن استأذن أميرالمؤمنين علياً(عليه السلام) فمضى فأقام بها إلى أن
توفي.[34]
كان الأوحدي في أصحاب رسول الله(صلي الله عليه و آله) وأميرالمؤمنين(عليه السلام)، وأكثرهم تأسّياً بأخلاقهما وسيرتهما، فكان يحطب في عباءته، يفترش نصفها ويلبس نصفها، وقع حريق في المدائن وكان أميرها، فلم يكن في بيته إلا مصحف وسيف، فرفع المصحف في يده وحمل السيف في عنقه وخرج قائلاً: هكذا ينجو المخفون.
وقد دخل عليه رجل فلم يجد في بيته إلا سيفاً ومصحفاً، فقال له: ما في بيتك إلا ما أرى، قال: إن أمامنا منزل كؤود،[35] وإنّا قد قدّمنا متاعنا إلى المنزل.
كان عطاؤه خمسة آلاف، وكان أميراً على زهاء ثلاثين ألفاً من المسلمين، فإذا خرج عطاؤه تصدق به.[36]
وكان يسفّ الخوص ويبيعه ويأكل منه، ويقول: لا أحب أن آكل، إلا من عمل يدي، وكان قد تعلّم سفّ الخوص في المدينة.[37]
وعن أبي وائل قال: ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان، فلمّا جلسنا عنده قال: لولا أنّ رسول الله(صلي الله عليه و آله) نهى عن الكلف لتكلّفت لكم، ثم جاء بخبز وملح ساذج أبزار[38] عليه، فقال صاحبنا: لو كان في ملحنا صعتر، فبعث سلمان بمطهرته فرهنها على الصعتر، فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد لله الذي أقنعنا بما رزقنا، فقال سلمان: لو قنعت بما رزقك الله لم تكن مطهرتي مرهونة.[39]
ودخل رجلان على سلمان فسلّما عليه وحيّياه ثم قالا: أنت سلمان الفارسي؟ قال: نعم. قالا: أنت صاحب رسول الله(صلي الله عليه و آله)؟ قال: لا أدري، فارتابا وقالا: لعله ليس الذي نريد، فقال لهما: أنا صاحبكما الذي تريدان، وقد رأيت رسول الله(صلي الله عليه و آله)وجالسته، وإنما صاحبه من دخل معه الجنة، فما حاجتكما؟
قالا: جئناك من عند أخ لك بالشام، قال: من هو؟ قالا: أبو الدرداء، قال: فأين هديته التي أرسل بها معكما؟ قالا: ما أرسل معنا بهدية؛ قال: اتقيا الله وأدّيا الأمانة، ما جاءني أحد من عنده إلاجاء معه بهدية، قالا: لا ترفع علينا هذا، إن لنا أموالاً فاحتكم فيها، قال: ما أريد أموالكما ولكن أريد الهدية التي بعث بها معكما، قالا: والله ما بعث معنا شيء إلاّ أنه قال: إن فيكم رجل كان رسول الله(صلي الله عليه و آله) إذا خلا به لم يبغ أحداً غيره، فإذا أتيتماه فأقرئاه مني السلام; قال: فأي هدية كنت أريد معكما غير هذا، وأي هدية أفضل من السلام تحية من عندالله مباركة طيبة.[40]
ومرّ سلمان على الحدادين بالكوفة، وإذا بشاب قد صرع، والناس قد اجتمعوا حوله، فقالوا: يا أبا عبدالله هذا الشاب قد صرع، فلو جئت فقرأت في أذنه، قال: فجاء سلمان، فلما دنا منه رفع الشاب رأسه فنظر إليه فقال: يا أبا عبدالله لست في شيء مما يقول هؤلاء، لكني مررت بهؤلاء الحدادين وهم يضربون بالمرزاب،[41] فذكرت قول الله تعالى: (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ).[42]
فدخلت في سلمان من الشاب محبة فاتخذه أخاً، فلم يزل معه حتى مرض الشاب، فجاءه سلمان فجلس عند رأسه وهو في الموت، فقال: يا ملك الموت ارفق بأخي، فقال: يا أبا عبدالله إني بكل مؤمن رفيق.[43]
وعن دوره في يوم السقيفة، يحدثنا الإمام الباقر(عليه السلام) قال: «جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك إلى أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) فقالوا له: أنت والله أميرالمؤمنين، وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي(صلي الله عليه و آله) هلمّ يدك نبايعك، فو الله لنموتن قدامك، فقال علي(عليه السلام): إن كنتم صادقين فاغدوا غداً عليّ محلقين، فحلّق أميرالمؤمنين(عليه السلام) وحلّق سلمان، وحلّق أبوذر، ولم يحلّق غيرهم...».[44]
وقال له أميرالمؤمنين علي(عليه السلام): «يا سلمان! اذهب إلى فاطمة فقل لها تتحفك من تحف الجنة، فذهب إليها سلمان، فإذا بين يديها ثلاث سلال، فقال: يا بنت رسول الله! أتحفيني، قالت: هذه سلال جائتني بها ثلاث وصائف، فسألتهن عن أسمائهن، فقالت واحدة: أنا سلمى لسلمان، وقالت الأخرى: أنا ذرة لأبي ذر، وقالت الأخرى: أنا مقدودة للمقداد، ثم قبضت فناولتني، فما مررت بملاء إلاّ ملئوا طيباً لريحها».[45]
قال الإمام الصادق(عليه السلام):... «هو منّا أهل البيت، بلغ من علمه أنه مرّ برجل في رهط فقال له: يا عبدالله! تب إلى الله في الذي عملت في بطن بيتك البارحة واتق الله، فقال الرجل: استغفر الله وأتوب إليه، قال: ثم مضى، وقال له القوم: لقد رماك بأمر وما دفعته عن نفسك، قال: إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه أحد إلاّ الله رب العالمين وأنا».[46]
وروي أنه كان سلمان يطبخ قدراً فدخل عليه أبوذر، فانكبّت القدر فسقطت على وجهها ولم يذهب منها شيء، فردّها على الأثافي، ثم انكبت الثانية فلم يذهب منها شيء، فردّها على الأثافي، فمرّ أبوذر إلى أميرالمؤمنين(عليه السلام) مسرعاً قد ضاق صدره ممارأى، وسلمان يقفو أثره حتى انتهى إلى أميرالمؤمنين(عليه السلام) فنظر أميرالمؤمنين إلى سلمان، قال له: «يا أباعبدالله ارفق بأخيك».[47]
قال رسول الله(صلي الله عليه و آله) لأصحابه: أيكم يصوم الدهر؟ فقال سلمان: أنا يا رسول الله، فقال أيكم يحيى الليل؟ فقال سلمان: أنا يا رسول الله; فقال أيكم يختم القرآن كلّ يوم؟ فقال سلمان: أنا يا رسول الله؛ فغضب بعض الأصحاب، فقال: يا رسول الله، إنّ سلمان من الفرس يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش...
... فقال(صلي الله عليه و آله): مه يا فلان، أنّى لك بمثل لقمان الحكيم!! سله فإنه ينبئك... فقال سلمان:... ليس حيث تذهب.
إني أصوم الثلاثة في الشهر، وقد قال الله عزّوجل: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)،[48] وأصل شعبان بشهر رمضان فذلك الدهر، وأما إحياء الليل:...فسمعت حبيبي رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول: من بات على فراشه على طهر فكأنما أحيا الليل كلّه، فأنا أبيت على طهر.
وأما ختم القرآن:...فسمعت حبيبي رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول لعلي(عليه السلام): يا أبا الحسن مَثَلُك في اُمتي مثَلُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فمن قرأها مرة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فقد ختم القرآن، فمن أحبك بلسانه فقد كُمل ثلث إيمانه، ومن أحبك بلسانه وقلبه فقد كُمل له ثلثا الإيمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان.
والذي بعثني بالحق نبياً يا علي! لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء لك لما عذّب الله أحداً بالنار.
تقول عائشة: كان لسلمان مجلس من رسول الله(صلي الله عليه و آله) ينفرد به بالليل، حتى كاد يغلبنا على رسول الله(صلي الله عليه و آله).[50]
وفي الحديث أنّ أبا سفيان مرّ على سلمان وصهيب وبلال في نفر من المسلمين، وقالوا: ما أخذت السيوف من عدوّ الله مأخذها وأبوسفيان يسمع قولهم، فقال لهم أبوبكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدها؟! وأتى النبي(صلي الله عليه و آله) وأخبره، فقال: يا أبابكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت الله، فأتاهم أبوبكر فقال: يا إخوتاه لعلىّ أغضبتكم؟ قالوا: لا يا أبابكر، يغفر الله لك.[51]
وقال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام): السبّاق خمسة، فأنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش، وخباب سابق النبط.[52]
عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: مرض رجل من أصحاب سلمان(رحمه الله) فافتقده، فقال: أين صاحبكم؟ قالوا: مريض، قال: امشوا بنا نعوده، فقاموا معه، فلما دخلوا عليه فإذا هو يجود بنفسه، فقال سلمان: يا ملك الموت ارفق بوليّ الله، فقال ملك الموت بكلام يسمعه من حضر: يا أبا عبدالله إني أرفق بالمؤمنين، ولو ظهرت لأحد لظهرت لك.[53]
وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: عاد رسول الله(صلي الله عليه و آله) سلمان الفارسي، فقال: يا سلمان لك في علتك ثلاث خصال، أنت من الله عزّوجل بذكر، ودعاؤك فيه مستجاب، ولا تدع العلّة عليك ذنباً إلاّ حطته، متعك الله بالعافية إلى منتهى أجلك.[54]
وقال سلمان (رحمه الله): بايعنا الله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب، والموالاة له.[55]
وقال الإمام الصادق(عليه السلام): آخى رسول الله بين سلمان وأبي ذر، واشترط على أبي ذر أن لا يعصي سلمان.[56]
قال ابن عباس: رأيت سلمان الفارسي= في منامي فقلت له: سلمان فقال: سلمان، فقلت: ألست مولى النبي(صلي الله عليه و آله)؟ قال: بلى، وإذا عليه تاج من ياقوت وعليه حليّ وحلل، فقلت: يا سلمان هذه منزلة حسنة أعطاكها الله عزّوجل، فقال: نعم، فقلت: فماذا رأيت في الجنة أفضل بعد الإيمان بالله ورسوله؟ فقال: ليس في الجنة بعد الإيمان بالله ورسوله شيء هو أفضل من حبّ علي بن أبي طالب(عليه السلام) والاقتداء به...[57]
وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: ذكرت التقية يوماً عند علي بن الحسين(عليه السلام)فقال: والله لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله، ولقد آخى رسول الله بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق، إنّ علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرّب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء; لأنه امرؤ منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء.[58]
أخلاقه
كان مثالاً للأخلاق والتواضع والمساواة للضعفاء، كيف لا وقد تربى على عظيمين من عظماء الإسلام: النبي الأكرم(صلي الله عليه و آله) وأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).
كان يطحن مع الخادمة ويعجن عنها إذا أرسلها في حاجة، يقول: لا تجمع عليها عملين.[59]
واشترى رجل بيتاً في المدائن، فمرّ بسلمان ـ وهو أمير ـ فحسب سلمان علجاً،[60] فقال: يا فلان تعال، فجاء سلمان، فقال: احمل، فحمله فمضى به، فجعل يتلقاه الناس: أصلح الله الأمير، نحمل عنك أبا عبدالله نحمل عنك، فقال الرجل: ثكلتني أمي وعدمتني، لم أر أحداً اُسخّره إلاّ الأمير، قال: فجعل يعتذر إليه ويقول: أبا عبدالله لم أعرفك رحمك الله.
قال: انطلق فانطلق، به حتى بلغ به منزله ثم دعاه، فقال: لا تسخّر بعدُ أحداً أبداً.[61]
مواعظه وحكمه
إنه مضافاً إلى ما جسّده من خلق سامية، وآداب رفيعة في سيرته الذاتيه، لم يأل جهداً في وعظ الناس وإرشادهم، فعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: إن رجلاً أتى سلمان الفارسي فقال: حدثني فسكت عنه، ثم عاد فسكت، فأدبر الرجل، وهو يقول ويتلو هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ)،[62] فقال له: أقبل إنّا لو وجدنا أميناً لحدّثناه، ولكن أعدّ لمنكر ونكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول الله(صلي الله عليه و آله) فإن شككت أو التويت ضرباك على رأسك بمطرفة معهما تصير منه رماداً، فقلت: ثم مه؟ قال: تعود ثم تُعذب، قلت: وما منكر ونكير؟ قال: هما قعيدا القبر، قلت: أملكان يعذبان الناس في قبورهم!؟ قال: نعم.[63]
وفي التوحيد: أنه أتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله! إني لا أقوى على الصلاة بالليل، فقال: لا تعص الله بالنهار، وجاء رجل إلى أميرالمؤمنين(عليه السلام) فقال: يا أميرالمؤمنين! إني قد حرمت الصلاة بالليل، فقال له أميرالمؤمنين(عليه السلام): أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك.[64]
وفي معدن الجواهر عن سلمان أنه قال: ابكتني ثلاث وأضحكتني ثلاث:
فأما المبكيات: ففراق رسول الله(صلي الله عليه و آله) والهول عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله عزّوجل.
وأما المضحكات: فغافل بمغفول عنه، وطالب دنياه والموت يطلبه، وضاحك ملء لا يدري ضحكه رضى الله عزّوجل أم سخط.[65]
وفي الغارات أنه مرّ علي بن أبي طالب(عليه السلام) على بغلة رسول الله(صلي الله عليه و آله) وسلمان في ملأ، فقال سلمان: ألا تقومون تأخذون بحجزته تسألونه، فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لايخبركم سر نبيّكم أحد غيره، وإنه لعالم الأرض وربانيّها، وإليه تسكن، ولو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس.[66]
وفي البحار أنّ سلمان قام وقال: يا معاشر المسلمين! نشدتكم بالله وبحق رسول الله(صلي الله عليه و آله) ألستم تشهدون أنّ النبي(صلي الله عليه و آله) قال: سلمان منّا أهل البيت؟ فقالوا: بلى والله نشهد بذلك، قال: فأنا أشهد بأني سمعت رسول الله(صلي الله عليه و آله) يقول: علي إمام المتقين، وقائد الغرّ المحجّلين، وهو الأمير من بعدي.[67]
ولما حضر سلمان ونزل به الموت بكى، فقيل له: ما يُبكيك؟ قال: أما والله ما أبكي جزعاً من الموت ولاحرصاً على الرجعة، ولكن إنّما أبكي لأمر عهده إلينا رسول الله(صلي الله عليه و آله) أخشى أن لانكون حفظنا وصيّة نبينا(صلي الله عليه و آله) إنّه قال لنا: ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب.[68]
وكتب أبو الدرداء إلى سلمان من الشام: أقدم يا أخي إلى بيت المقدس، فلعلك تموت فيه، فكتب إليه سلمان: أما بعد، فإنّ الأرض لاتقدس أحداً، وإنّما يقدِّس كلّ إنسان عملُه، والسلام.[69]
وقال جرير بن عبدالله: انتهيت مرة إلى ظلّ شجرة وتحتها رجل نائم قد استظل بنطع له، وقد جاوزت الشمس النطع فسوّيته عليه، ثم إنّ الرجل استيقظ، فإذا هو سلمان الفارسي، فذكرت له ما صنعت، فقال: يا جرير! تواضع لله في الدنيا، فإنّه من تواضع لله في الدنيا رفعه الله يوم القيامة، أتدري ما ظلمة النار يوم القيامة؟! قلت: لا، قال: فإنه ظلم الناس بعضهم بعضاً في الدنيا.[70]
شعره
عن ابن شهر آشوب قال: كان الناس يحفرون الخندق وينشدون سوى سلمان، فقال النبي(صلي الله عليه و آله): أللّهم أطلق لسان سلمان، ولو على بيت من الشعر، فأنشأ سلمان يقول:
ما لي لسان فأقول الشعرا
|
|
أسأل ربي قوّة ونصراً
|
على عدوّي وعدوّ الطهرا
|
|
محمّد المختار حاز الفخرا
|
حتى أنال في الجنان قصرا
|
|
مع كل حوراء تحاكي البدرا
|
فضجّ المسلمون وجعلت كل قبيلة تقول: سلمان منّا، فقال النبي(صلي الله عليه و آله): سلمان منّا أهل البيت.[71]
ولايخفى أنّ هذه الكلمات قالها رسول الله(صلي الله عليه و آله) في أكثر من موطن، وعمدتها كانت في مقام الانتقاص من شخصيّته الدينية والاجتماعيّة.
خطبه
عثرنا له على خطبة واحدة، نذكر منها موضع الحاجة لطولها، قال: الحمدلله الذي هداني لدينه بعد جحودي له، وأنا مذّك لنار الكفر، أهلّ لها نصيباً، وأثبت لها رزقاً، حتى ألقى الله عزوجلّ في قلبي حبّ تهامة، فخرجت جائعاً ظمآناً قد طردني قومي، وأخرجت من مالي ولاتحملني حمولة، ولامتاع يجهزني ولا مال يقوتني، وكان من شأني ما قد كان، حتى أتيت محمداً(صلي الله عليه و آله) فعرفت من العرفان ما كنت أعلمه، ورأيت من العلامة ما أخبرت بها، فأنقذني من النار، فثبتّ على المعرفة التي دخلت بها الإسلام.
ألا أيها الناس اسمعوا من حديثي ثم انقلوه عني، فقد اُتيت العلم كثيراً، ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة: إنه لمجنون، وقالت طائفة اُخرى: أللهم اغفر لقاتل سلمان.
ألا إنّ لكم منايا تتبعها بلايا، وإنّ عند علي(عليه السلام) علم المنايا وعلم الوصايا، وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران، ولكنكم أصبتم سنة الأولين،[72] وأخطأتم سبيلكم، والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقاً عن طبق، سنّة بني إسرائيل، القذة بالقذة.
أما والله لو وليتموها علياً لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم، فأبشروا بالبلاء، واقنطوا من الرخاء، ونابذتكم على سواء، وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء.
أما والله لو أني أدفع ضيماً أو أعز لله ديناً لوضعت سيفي على عاتقي، ثم لضربت قدماً قدماً.
إلى أن يقول: فإذا رأيتم أيها الناس الفتن كقطع الليل المظلم، يهلك فيها الراكب الموضع، والخطيب المصقع، والرأس المتبوع، فعليكم بآل محمد، فإنهم القادة إلى الجنة، والدعاة إليها يوم القيامة، وعليكم بعلي، فوالله لقد سلمنا عليه بالولاء مع نبينا، فما بال القوم؟ أحسد؟ قد حسد قابيل هابيل، أو كفر؟ فقد ارتد قوم موسى عن الأسباط ويوشع وشمعون وابني هارون شبّر وشبير.
إلى أن يقول: أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد، بل منزلة العين من الرأس... ألا إني أظهرت أمري وآمنت بربي، وأسلمت بنبيي، واتبعت مولاي ومولى كل مسلم...[73]
ما قيل فيه:
قال النبي محمد(صلي الله عليه و آله) : ألا إنّ الجنة اشتاقت إلى أربعة من أصحابي، فأمرني ربي أن أحبهم... فأولهم علي بن أبي طالب، والثاني المقداد بن الأسود الكندي، والثالث سلمان الفارسي، والرابع أبوذر الغفاري.[74]
وقال أيضاً:.. من أراد أن ينظر إلى رجل نوّر قلبه فلينظر إلى سلمان.[75]
وقال الإمام علي(عليه السلام) حينما سئل عن سلمان: ذاك امرؤ منّا وإلينا أهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علّم العلم الأول والعلم الآخر، وقد قرأ الكتاب الأوّل وقرأ الكتاب الآخر، وكان بحراً لا ينزف.[76]
وقال الإمام الباقر(عليه السلام) للفضيل بن يسار...: هل تدري ما عنى ـ بالعلم الأول والعلم الآخر ـ قال قلت: يعني علم بني إسرائيل وعلم النبي(صلي الله عليه و آله) فقال(عليه السلام): ليس هذا يعني، ولكن علم النبي وعلم علي، وأمر النبي وأمر علي صلوات الله عليهم.[77]
وقال الإمام علي(عليه السلام): ضاقت الأرض بسبعة، بهم ترزقون، وبهم تنصرون، وبهم تمطرون... سلمان الفارسي...
وقال أيضاً لأبي ذر: يا أبا ذر! إنّ سلمان باب الله في الأرض، من عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً، وإنّ سلمان منّا أهل البيت.[78]
وقال الإمام الباقر(عليه السلام) لمن ذكره بسوء: مه! لا تقولوا سلمان الفارسي، بل قولوا سلمان المحمدي، وذلك رجل منّا أهل البيت.[79]
وقال أبوهريرة: صاحب العلم الأوّل والآخر سلمان الفارسي.[80]
وقال أبو عمر روي عن رسول الله(صلي الله عليه و آله) من وجوه أنه قال: لو كان الدين في الثريا لناله سلمان، وفي رواية أخرى: لناله رجل من فارس.[81]
وقال الإمام الباقر(عليه السلام): كان سلمان من المتوسمين،[82] أي المتفرسين.
وعن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: المؤمن هاشمي، لأنه هشم الضلال والكفر والنفاق، والمؤمن قرشي لأنه أقرّ للشيء ونحن الشيء وأنكر اللاشيء الدلام وأتباعه... والمؤمن عربي لأنه أعرب عنّا أهل البيت... والمؤمن فارسي لأنه يفرس في الإيمان، لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله أبناء فارسي، يعني به المتفرس، فاختار منها أفضلها واعتصم بأشرفها، وقد قال رسول الله(صلي الله عليه و آله): اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله.[83]
وسُئل(عليه السلام) عن كثرة ذكره لسلمان؟ قال: إنّ الباعث على كثرة ذكره ثلاثة، فضيلة عظيمة له.
الأول: إنه اختار هوى أمير المؤمنين علي(عليه السلام) على هوى نفسه.
الثاني: حبه للفقراء واختيارهم على الأغنياء وذوي الثروة والأموال.
الثالث: محبته للعلم والعلماء، وإنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وماكان من المشركين،[85] وقال أيضاً: إنّ سلمان علّم الاسم الأعظم.[86]
وفي كتاب الإمام الرضا(عليه السلام) إلى المأمون في حديث طويل:... والمقتولين من الصحابة الذين مضوا على منهاج نبيهم(صلي الله عليه و آله) ولم يغيّروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر....[87]
وقال الفضل بن شاذان:... ويقال: انتهى علم الأئمة إلى أربعة نفر: أولهم سلمان الفارسي،[88] وحكي عنه أنه قال: مانشأ في الإسلام رجل من كافة الناس كان أفقه من سلمان الفارسي،[89] وقال أبوهريرة:... ومما زيّن الله به إصبهان[90] وأهلها أن جعل سلمان الفارسي منها، ورزقه صحبة نبينا(صلي الله عليه و آله) حتى قال فيه: سلمان منّا أهل البيت.[91]
وقال كعب الأحبار: سلمان حشي علماً وحكمة.[92]
وقال النبي(صلي الله عليه و آله): إنّ الجنّة لأشوق إلى سلمان من سلمان إلى الجنّة، وإنّ الجنّة لأعشق لسلمان من سلمان إلى الجنة.[93]
وقال أبوعبدالله(عليه السلام): الإيمان عشر درجات، فالمقداد في الثامنة، وأبوذر في التاسعة، وسلمان في العاشرة.
مانزل فيه من القرآن
نقتصر هنا على ذكر الآية النازلة في حقه، مع الإعراض عن ذكر القصة والسبب الذي لأجله نزلت مراعاةً للاختصار.
1ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).[94]
نزلت هذه الآية في سلمان الفارسى وأصحابه.[95]
2ـ (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً).[96]
نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي وجماعة.[97]
3ـ (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ).[98]
4ـ (أَ يُحِبُّأَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).[99]
نزلت في رجلين استغابا سلمان يوم كان في سفر معهما.[100]
نزلت في سلمان والمقداد وأبي ذر.[102]
6ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ... لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).[103]
نزلت في أميرالمؤمنين(عليه السلام) وسلمان وأبي ذر والمقداد.[104]
7ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً).[105]
نزلت في سلمان وأبي ذر وجماعة.[106]
نزلت في سلمان وجماعة.[108]
نزلت في سلمان وجماعة.[110]
11ـ (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ).[112]
نزلت في أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) وسلمان.[113]
هم سلمان والمقداد وعمار وأبوذر، وأميرالمؤمنين علي بن أبيطالب(عليه السلام) لهم أجر غير ممنون.[115]
مالقيه من أذى الآخرين
قد يتصور القارىء الكريم أن الأذى الذي لقيه سلمان كان من أبناء الديانات الأخرى التي اعتادت على منع أبنائها من اعتناق دين الإسلام، وإن كان ماعاناه من ترك دين آبائه وأجداده ليس بالقليل، إلا أنه مُني بحرب ضروس استمرت إلى حين وفاته، لكن هذه المرّة كانت من أبناء ملته ودينه من أصحاب الصف الواحد ومن جمع من الصحابة المحيطين بنبىّ الإسلام(صلي الله عليه و آله) إنه تيار كان يحمل أفكاراً جاهلية يعتبر أنّ الاسلام ونبيّه حِكر على العرب، بل على أبناء الجزيرة أيضاً، حمل هذا التيار فكراً منحرفاً زرع سمومه في صفوف المسلمين إلى يومنا هذا، أرادوا جعله ديناً مختصاً بأمّة معينة، مع أنه جاء لجميع الاُمم، كرّسوا بأفكارهم المنحرفة عدّة مفاهيم باطلة، طالما حاربها النبي(صلي الله عليه و آله) منها الطبقية، فُضّل فيها العربي على غيره، في الاحترام والإيمان والحدود والعطاء و... فيما نرى القرآن الكريم يقول: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ).
والنبي(صلي الله عليه و آله) يقول: «لا فضل لعربي على أعجمي... إلا بالتقوى».[116]
فكان سلمان أوّل ضحية لهذا الفكر الزائف الذي شوّه سمعة الدّين الحنيف، ولكن في كلّ هذه الظروف الصعبة كان الرسول(صلي الله عليه و آله) وأميرالمؤمنين علي أبن أبي طالب(عليه السلام) إلى جنبه، فصبر وتحمّل حتّى أظهر الله تعالى فضله ومقامه لجميع المسلمين، كيف لا، وقد بلغ المرتبة العاشرة من الإيمان، كما قال أميرالمؤمنين علي(صلي الله عليه و آله).
وكان قد تخطى سلمان حلقة قريش وهم عند رسول الله(صلي الله عليه و آله) في مجلسه، فالتفت إليه رجل منهم فقال: ما حسبك وبما نسبك وما اجترأت أن تخطّى حلقة قريش؟!
قال: فنظر إليه سلمان، فأرسل عينيه وبكى وقال: سألتني عن حسبي ونسبي، خلقت من نطفة قذرة، فأما اليوم ففكرة وعبرة، وغداً جيفة منتنة، فإذا نشرت الدواوين ونصبت الموازين، ودعي الناس لفصل القضاء، فوضعت في الميزان، فإن اُرجح الميزان فأنا شريف كريم، وإن أنقص الميزان فأنا اللئيم الذليل، فهذا حسبي وحسب الجميع.
فقال النبي(صلي الله عليه و آله): صدق سلمان، صدق سلمان، صدق سلمان، من أراد أن ينظر إلى رجل نوّر قلبه فلينظر إلى سلمان.2
وعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: جلس عدّة من أصحاب رسول الله(صلي الله عليه و آله) ينتسبون وفيهم سلمان الفارسي، وأنّ عمر سأله عن نسبه وأصله؟
فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنت ضالاً فهداني الله بمحمد، وكنت عائلاً فأغناني الله بمحمد، وكنت مملوكاً فأعتقني الله بمحمد، هذا حسبي ونسبي، ثم خرج رسول الله(صلي الله عليه و آله) فحدّثه سلمان وشكى إليه مالقي من القوم وما قال لهم، فقال النبي(صلي الله عليه و آله): يا معشر قريش! إنّ حسب الرجل دينه، ومعرفه خُلُقه، وأصله عقله، قال الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ).1
يا سلمان ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بالتقوى، وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.2
وفاته ومدفنه
توفي سنة أربع وثلاثين للهجرة على المشهور، في عهد عمربن الخطاب، في المدائن، جهّزه وصلى عليه أميرالمؤمنين(عليه السلام) وكان آنذاك في المدينة المنورة، وبعد صلاة الصبح أقبل على الناس فقال(عليه السلام): معاشر الناس أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان، فقالوا في ذلك: فلبس عمامة رسول الله(صلي الله عليه و آله) وأخذ قضيبه وسيفه، وركب على العضباء، وقال لقنبر: عدّ عشراً، قال: فقلت، فإذا نحن على باب سلمان.
قال زاذان: فلما أدرك سلمان الوفاة قلت له: من المغسّل لك؟ قال: من غسل رسول الله(صلي الله عليه و آله) فقلت: إنك بالمدائن وهو بالمدينة؟ فقال: يا زاذان إذا شددت لحيي تسمع الوجبة، فلما شددت لحييه سمعت الوجبة وأدركت الباب، فإذا أنا بأمير المؤمنين(عليه السلام).
فقال: يا زاذان قضى أبو عبدالله سلمان؟
قلت: نعم يا سيدي؛ فدخل وكشف الرداء عن وجهه، فتبسم سلمان إلى أميرالمؤمنين(عليه السلام) فقال له: مرحباً يا أبا عبد الله، وإذا لقيت رسول(صلي الله عليه و آله) فقل له: ما مرّ على أخيك من قومك، ثم أخذ في تجهيزه.
وقال أبوالفضل التميمي:
سمعت يسيراً من عجائبه
|
|
وكان أمر علي لم يزل عجبا
|
دريت عن ليلة سار الوصي بها
|
|
إلى المدائن لما أن لها طلبا
|
فألحد الطهر سلماناً وعاد إلى
|
|
عراص يثرب والإصباح ما قربا
|
كآصف قبل رد الطرف من سبأ
|
|
بعرش بلقيس وافي يخرق الحجبا
|
فكيف في آصف لم تغل أنت؟ بلى
|
|
بحيدر أنا غال أورد الكذبا
|
إن كان أحمد خير المرسلين؟ فذا
|
|
خير الوصيين أو كل الحديث هبا[117]
|
وهناك أقوال اُخر تقول: إنه توفي في عهد عثمان، واُخرى في عهد أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وبعضها ينكر مجيئه(عليه السلام) من المدينة إلى المدائن، لكن المشهور ما ذكرناه، والنصوص الآنقة الذكر أكبر شاهد على ذلك.
[1]. كنز العمّال 1: 169.
[2]. المصنف 7: 415.
[3]. المصدر نفسه 8 : 139.
[4]. القارعة: 6 ـ 7.
[5]. الزلزلة: 7.
[6]. الحجرات: 13.
[7]. إكمال الدين: 159 ـ 164.
[8]. إكمال الدين 1: 165.
[9]. الأخبار الطوال: 31; والمعجم الكبير للطبراني 6: 228; ومناقب آل أبي طالب 1: 19.
[10]. قال ابن أثير في أسدالغابة2: 329 : ...فمرّ بي ركب من العرب من كلب فقلت: أصحبكم وأعطيكم بقراتي وغنمي هذه وتحملوني إلى بلادكم؟ فحملوني إلى وادي القرى، فباعوني من رجل من اليهود؛ أنظر بحار الأنوار: 19: 105.
[11]. اختيار معرفة الرجال 1: 59.
[12]. البقرة: 9.
[13]. الحجرات: 13.
[14]. الاستيعاب، عنه الأعيان 7 : 284; إعلام الورى 1 : 151; بحارالأنوار 19 : 105.
[15]. الإصابة 3: 119.
[16]. إكمال الدين وإتمام النعمة ؛ وانظر: الدرجات الرفيعة: 201.
[17]. عنه طرائف المقال 2 : 601.
[18]. تاريخ دمشق21 : 429.
[19]. تاريخ بغداد1 :181 ؛ تهذيب الكمال11 :249 ؛ تاريخ دمشق5 : 227 ؛ الفهرست:52 ؛ جامع الرواة 1 : 212.
[20]. اختيار معرفة الرجال 1 : 68 ؛ الطبقات الكبرى 4 : 92 ؛ تاريخ دمشق 21 : 457 ، قريباً من عبارة الاختيار.
[21]. الطبقات الكبرى 4 : 92 ؛ التاريخ الصغير 6 : 97 ؛ تهذيب الكمال 5 : 45.
[22]. الطبقات الكبرى 4 : 92 ، تاريخ دمشق 21 : 457.
[23]. الفهرست: 52 ، جامع الرواة 21 : 212.
[24]. أسد الغابة 5 : 440.
[25]. تاريخ دمشق 5 : 227.
[26]. نفس الرحمن: 144 ـ 145.
[27]. الفوائد الرجالية 3 : 79.
[28]. المصدر نفسه.
[29]. البداية والنهاية 4 : 399.
[30]. شرح نهج البلاغة 4 : 225؛ الاختصاص: 10؛ الدرجات الرفيعة: 213.
[31]. بحارالانوار 22 : 345 ، عن فرات الكوفي.
[33]. الاحتجاج 1 : 188.
[34]. مناقب آل أبي طالب ، الدرجات الرفيعة: 215.
[35]. أي شاقة المصعد.
[36]. الإصابة 3 : 120.
[37]. شرح نهج البلاغة 18: 35.
[38]. الأبزار: التوابل.
[39]. شرح نهج البلاغة 3 : 155.
[40]. المعجم الكبير، للطبراني 6 : 219.
[42]. الحج: 21.
[43]. اختيار معرفة الرجال 1 : 72.
[44]. بحارالأنوار 22 : 341.
[45]. اختيار معرفة الرجال 1 : 39.
[46]. اختيار معرفة الرجال 1 : 52.
[47]. الاختصاص: 12; اختيار معرفة الرجال 1 : 60 باختلاف.
[48]. الأنعام: 160
[49]. الدرجات الرفيعة: 212.
[50]. شرح نهج البلاغة 18 : 36 ؛ بحارالأنوار 22 : 391.
[51]. شرح نهج البلاغة 18 : 37.
[52]. الخصال 1 : 150 ؛ بحارالأنوار 22 : 325.
[53]. بحارالأنوار 22 : 360 ح 3 ؛ أمالي الطوسي: 80.
[54]. الدرجات الرفيعة: 211.
[55]. المصدر نفسه: 213.
[56]. بحارالأنوار 22 : 345، ح 55.
[57]. المصدر نفسه 22 : 341، ح 52.
[59]. الدرجات الرفيعة: 216.
[60]. العلج: الرجل من كفار العجم.
[62]. البقرة: 159.
[63]. البرهان في علوم القرآن: 170.
[64]. التوحيد: 67.
[65]. معدن الجواهر: 35.
[66]. الغارات 1 : 21.
[67]. بحار الأنوار 37 : 331.
[68]. الطبقات الكبرى 4 : 91.
[69]. الدرجات الرفيعة: 219; تاريخ دمشق 21 : 443. باختلاف يسير.
[70]. الدرجات الرفيعة: 218.
[71]. مناقب آل أبي طالب 1 : 75 ؛ الدرجات الرفيعة: 218.
[72]. أي: أصبتم سنة من خالف موسى في وصيّه هارون.
[73]. اختيار معرفة الرجال 1 : 76 ; معجم رجال الحديث 9 : 205 ; ووردت هذه الخطبة في مقام الاحتجاج على القوم، حين بايعوا أبابكر.
[74]. تاريخ دمشق 60 : 177.
[75]. المصدر نفسه 21 : 407.
[76]. الطبقات الكبرى 4 : 86 .
[77]. الدرجات الرفيعة: 209.
[78]. معجم رجال الحديث9 : 201.
[79]. اختيار معرفة الرجال 1 : 54.
[80]. تاريخ دمشق 21 : 424.
[81]. شرح نهج البلاغة 18 : 36.
[82]. معجم رجال الحديث 9 : 202.
[83]. الاختصاص: 143.
[84]. الفوائد الرجالية 3 : 20.
[85]. معجم رجال الحديث 9 : 201 ؛ طرائف المقال 2 : 600.
[86]. الاختصاص: 11.
[87]. بحار الأنوار 10 : 358.
[88]. اختيار معرفة الرجال 2 : 780.
[89]. المصدر نفسه 1 : 68.
[90]. لا يخفى أنّ قوله هذا مبني على الرأي الشاذ أنه من إصبهان، والمحقق أنه من رامهرمز من توابع خوزستان حالياً كما بيّناه.
[91]. طبقات المحدثين 1 : 403.
[92]. شرح نهج البلاغة 18 : 36 ؛ بحار الأنوار 22 : 391.
[93]. الدرجات الرفيعة: 208.
8. المائدة : 69.
[95]. تاريخ دمشق 21 : 419 ; الدرّ المنثور 1 : 73.
2. الكهف :28.
[97]. تفسير القرطبي 10 : 390 ; البرهان في علوم القرآن 1 : 201 ; تفسير نور الثقلين3 : 257.
4. النحل : 103.
5. الحجرات : 12.
[100]. الدرّ المنثور 6 : 94 ; تفسير الصافي 5 : 54.
7. التوبة : 100.
[102]. شواهد التنزيل 1 : 330; بحار الأنوار 22 : 327.
9. الأنفال : 2.
[104]. تفسير القمي 1 : 255 ; بحار الأنوار 22 : 322.
1 . الكهف : 107.
[106]. تفسير الصافي 3 : 268 ; بحار الأنوار 22 : 323.
3. الحج : 24.
[108]. مناقب آل أبي طالب 2 : 292.
5. محمد : 2.
[110]. تفسير القمي 2 : 301 ; بحار الأنوار 22 : 349.
7. آل عمران : 195؛ نور الثقلين 1 : 425.
8. العصر : 1ـ3.
9. شواهد التنزيل 2 : 482.
10. التين : 6.
11. بحار الأنوار 22 : 345، ح56 ; وانظر تفسير فرات الكوفي.
[116]. المعجم الأوسط، للطبراني 5 : 86 .
2. تاريخ دمشق 21 : 407.
1. الحجرات : 13.
2. أمالي الطوسي: 147.
[117]. مناقب آل أبي طالب 2 : 131 ; والأبيات فقط في الغدير 5 : 15.