الرد على شبهة تنافی السهو المذکور فی دعاء الإمام (علیه السلام)مع عصمته

ورد فی کتاب نهج البلاغة أنّ علیّاً(علیه السلام)  کان یناجی ربّه بهذا الدّعاء : «اللّهم اغفر لی ما أنت أعلمُ به منّی ، فإن عدتُ فعُد علیَّ بالمغفرة ، اللّهم اغفر لی ما وأیت من نفسی ولم تجد له وفاءً عندی ، اللّهم اغفر لی ما تق

ورد في كتاب نهج البلاغة أنّ عليّاً(عليه السلام)  كان يناجي ربّه بهذا الدّعاء : «اللّهم اغفر لي ما أنت أعلمُ به منّي ، فإن عدتُ فعُد عليَّ بالمغفرة ، اللّهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاءً عندي ، اللّهم اغفر لي ما تقرّبت به إليك بلساني ثمّ خالفه قلبي ، اللّهم اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ ، وشهوات الجنان وهفوات اللِّسان» ، فهو(عليه السلام)يدعو الله بأن يغفر له ذنوبه من السهو وغيره، وهذا يتنافى مع العصمة ؟

الجواب : لا شكّ أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد عُصم من الذنوب باتّفاق المسلمين وتسالمهم على ذلك ، خصوصاً بعد بعثته فإنّه لم يخدش في عصمته أحد ، ومع هذا فإنّه كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرّة كما قال هو(صلى الله عليه وآله) : «وإنّه ليُغان على قلبي فأستغفر الله كلّ يوم سبعين مرّة»([1]) والله سبحانه وتعالى أمر النبيّ(صلى الله عليه وآله) في القرآن بالاستغفار ، قال تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالاِْبْكَارِ)(2) .

وقال أيضاً : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)([2]) .

فهل هذا يعني أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) لم يكن معصوماً ؟

إنّ كبار المفسّرين والمتكلِّمين عندهم بحثٌ جميل وجذّاب لهذا النوع من الاستغفار ، خصوصاً في الكلمات التي علّمها الإمام عليّ(عليه السلام)لكميل ابن زياد .

ويجب أن نؤكّد ونقول : إنّ أحد الغايات التي يتوخاها الإمام(عليه السلام) من دعائه هذا، هي تعليم الناس كيفية الدعاء .

 
[1] . تفسير الرازي: 15 / 98 ; تفسير البيضاوي: 4 / 134 .   2 . غافر : 55 .

[2] . محمّد : 19 .


| رمز الموضوع: 12923