هل یتناسب عدم تصدی الإمام لتصحیح أخطاء من سبقه مع القول بعصمته
ينقل الكليني أنّ بعض أنصار الإمام عليّ(عليه السلام) طالبه بإصلاح ما أفسده الخلفاء الذين سبقوه ، فرفض محتجّاً بأنّه يخشى أن يتفرّق عنه جنده ، مع أنّ التّهم التي وجّهوها للخلفاء تشمل مخالفة القرآن والسنّة ، فهل ترك عليّ لتلك المخالفات يناسب العصمة ؟
الجواب : للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط بيّنها الفقهاء في الكتب الفقهيّة ، وأحد هذه الشروط أن لا يكون دفع «الفاسد» «بالأفسد» ، فكذلك بالنسبة لأيّام خلافة عليّ(عليه السلام) ، فإنّ طرح تلك المسائل لم يكن لها تأثير يوم ذاك، بل كانت لها آثار سيّئة وعواقب وخيمة . لذلك فإنّه لمّا سأله رجل من بني أسد أثناء حرب صفّين وكان من أصحاب عليّ(عليه السلام)فقال : «كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحقّ به ؟ فقال : يا أخا بني أسد . . .
أمّا الاستبداد بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً والأشدون برسول الله(صلى الله عليه وآله)نوطاً، فإنّها كانت أثرة شحّت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين».([1])
ثمّ أراد الإمام أن يبيّن له أنّ المقام لا يناسب السؤال عن كيفيّة غصب قومه لحقّه في الخلافة ، وأنّ واجبنا اليوم الاهتمام بمسألة معاوية فقال له : «هلّم الخطب في ابن أبي سفيان» .
وقد حاول الإمام عليّ(عليه السلام) القضاء على بدعة من البدع باسم «صلاة التراويح» ، لكنّه قُوبِلَ بصراخ فريق يقول : «واعمراه» فكيف للإمام أن يحارب البدع في ظلّ هكذا ظروف ؟!
[1] . نهج البلاغة ، الخطبة : 160 .