علي رمضان الأوسي:

النبي(ص) بث في قومه الوعي الدلالي وأصبح نداءه أول نداء برهاني

استطاع الرسول(ص)أن يُثير في قومه قضية الحجة والبرهان وأن يوقف الامم من ثباتها وجهلها ويبث فيها هذا الوعي الدلالي واصبح نداء الرسول(ص) اول نداء برهاني لأنه لم يأتي لقومه بامر الا وحجته معه.

و أفاد موقع الحج أنه تطرق الدكتور "علي رمضان الاوسي"، الباحث القرآني العراقي، والاستاذ في الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية في لندن، الى أهم روائع اخلاق النبي(ص) ووجهات النظر حول أمية الرسول(ص) وضرورة التمسك بالقرآن الكريم كمنطلق للوحدة الاسلامية والأخوة وذلك بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف واسبوع الوحدة الاسلامية فيما بين الثاني عشر والسابع عشر من شهر ربيع الأول
واليكم نص الحوار مع الاوسي:
- في البداية برأيكم ما هي أهم الخصال التي تميز بها الرسول(ص) عن باقي الأنبياء؟
أبارك الامة الاسلامية جميعاً ميلاد النبي الاكرم(ص) وفي هذه المناسبة طبعاً فرصة عظيمة ليتوحد المسلمون واسأل الله سبحانه وتعالي ان يحقق هذه الآمال.
الرسول(ص) له كثير من الخصائص اشترك مع الانبياء المرسلين وتفرد بخصائص منها فهو "رحمة مهداة" كما قال رسول الله(ص): "انا دعوة جدي ابراهيم" وهو خاتم الانبياء وكان رسول الله(ص) قد بُعث بالمعجزة الخالدة وكان يتعامل مع الناس و الاخرين بروح هذه الرسالة السماوية كما كان الانبياء.
الرسول(ص) كان يصفوه القرآن الكريم "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ"، تحمل الرسول(ص) كثيراً من المشاكل والآلام من قومه وكان يقابلها بالعفو والرحمة والسماحة وهذا درس مهم جداً ونحتاج نحن اليوم كمسلمين في كل مكان ان نسامح بعضنا وان نعفو عن بعضنا والا ستنتهي هذه الامة الي التنازع والفشل اذا لم تتأسي برسول الله (ص).
- ما هو رأيكم بالنسبة الى تعامل النبي(ص) مع معارضيه وما هي أهم روائع أخلاق النبي(ص)؟
الرسول(ص) خاطب قومه واول ما فعل، انذر عشيرته الاقربين ودعاهم ولكنهم اعرضوا في حين لم يواجههم الرسول(ص) الا باللطف وبالكلمة الطيبة ويعامل معارضيه بالحوار والكلمة الطيبة الصادقة حتي مع غير الاقربين وتصدى له القريشيون وعملوا ما عملوا بهذه الرسالة وباصحابه حتي هُجر كثير منهم وهم اصحاب الهجرتين ورغم كل هذا الرسول(ص) يصفح ويدعوهم بالكلمة الصادقة لذلك استطاع ان يُثير في قومه قضية الحجة والبرهان وان لايقلدوا تقليداً أعمي وان لايذهبوا خلف عبوديات الاصنام الغيرعاقلة التي لاتنفع وبالتالي لابد ان يُحركوا في هذا المحور القرآني والدلالي واستطاع أن يوقف الامم من ثباتها وجهلها ويبث فيها هذا الوعي الدلائلي واصبح نداء الرسول(ص) اول نداء برهاني لم يأتيهم بامر الا وحجته معه.
- البعض ينكرون أمية الرسول الأعظم(ص) ويطرحون شبهات في هذا المجال، ما هو ردكم على هذه الشبهات؟
القرآن الكريم وصف الرسول(ص) بالنبي العربي الامي القرشي هناك وجهتا النظر، النظرة الاولي انه هو صاحب المعارف والمنظومية الكاملة التوحيدية لم يرق احد الي علوم الرسول(ص) في التوحيد وفي دعوة الي الله ولكن كان الرسول(ص) لا يقرأ ولايكتب حتي تثبت معجزته وهي القرآن الكريم وفي اول قراءة هو جاء بهذا الكتاب المعجز في قرائته وفي كتابته، هذا الرأي الاول.
والرأي الثاني يقول لا، الرسول(ص) كان يكتب ويقرأ لكنه كان ينتسب الي "ام القري" وهي مكة المكرمة وسُمي بالامي باعتباره يتنسب الي مكة المكرمة، انا شخصياً لااري ضيراً في الرأي الاول لان الرسول(ص) كان ربما هو قطعاً علي علوم عظيمة وعلي قدر كبير من هذه العلوم والغيبيات وهو ليس امياً في العلم بل هو رأس العلم ولكن لمقتضي اعجازي يراد للقرآن الكريم ان يكون معجزاً فكان هذا الامر وفي تقديري ليس ضيراً وخللاً في اصل الرأي الاول.
والرأي الثاني ايضا له حجة ويرون انه هو يقرأ ويكتب ولكن هو ينتمي الي "ام القري" وسُمي امياً.
- ماهي فاعلية الوحدة بين السنة والشيعة وتجنب التصريحات المثيرة للانقسام على اضعاف موقف التيارات التكفيرية والارهابية في العالم الاسلامي؟
الرسول(ص) جاء لوحدة الانسانية وليس فقط لامته وجاء في القرآن "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" وهذه الرحمة ليست فقط للمسلمين لذلك هذه الرسالة عالميتها هي بناء الانسان وحياته وعيشه للسعادة ثم ان كثيراً من التحذيرات التي حذر بها رسول الله (ص) قومه من التنازع وأن لايقتل بعضهم بعضاً وبالتالي انه هذا الخوف من رسول الله علي امته من اجل ان تتوحد في اتجاه واحد وطريق واحد والمسألة الاخري ان ميلاد الرسول(ص) هو فرصة عظيمة لكي ينظر المسلمون في كل المكان انهم ينتمون بالنبي الواحد والنبي الخاتم والنبي العظيم والرحيم الذي يعفو من أساء اليه ويرحم الصغير وكل هذه المعاني كان يحملها الرسول(ص) الذي دعا الي هذه القيم العالية وللتي في رأسها وحدة هذه الامة لان القرآن الكريم يقول "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ" اذن التنازع هو ليس الا مؤامرة للغرب والاستكبار من اجل ان يوجد بهذا التنازع طريقه بين المسلمين ويتفرق المسلمون والمسلمون قوة كبيرة وعظيمة والآن عددهم اكثر من ميليار مسلم في هذا الكون.
هذا التناحر والتكفير والاقصاء ليس من سيرة رسول الله(ص) وانما للاسف من فقه بعض المتطرف الذي لايفقه ولايعرف من الدين الا اسمه وليسوا متدينين بالحق وللاسف ذهبوا خلف وهم متخلفة لم تفسر النصوص بالطريق الصحيح والا كيف يقول القرآن الكريم "تَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان" و"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" و "وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ" وكل هذه الآيات وعشرات الآيات تؤكد هذا الطريق ولاتوجد آية واحدة تدعو الي الفرقة ولايوجد قول واحد لرسول الله يدعو الي الاختلاف بل كل النصوص متطابقة في هذا الاتجاه ان يرحم بعضنا بعضاً وان يغفر بعضنا لبعض وان يثير في طريق واحد هذا هو النداء الذي يريده رسول الله.
ولعل التكفيريين والذين يقتلون لابد ان يفهموا ان هذا خارج عن الاسلام بل هم خوارج هذا العصر الذين خرجوا علي اصل الشريعة لان الشريعة ناطقة بالرحمة والالفة والمحبة والتعايش وهم يذبحون بهذه الطريقة ويدمرون الناس بهذه الطريقة ولكن الاسلام لا يطبق من خلال هذه الاساليب الكريهة لان الغاية لاتبرر الواسطة وما نراه في سوريا والعراق ولبنان وافغانستان وباكستان ودول اخري نجد ان هناك فكراً متخلفاً مشبوهاً ليس اسلامياً نقياً وانما تدعمه الدوائر الاستكبارية وهو الذي يُفرق ويقتل بينما الرسول(ص) يدعو للوحدة والتقارب والالفة والتعايش.
- كيف تقيمون ضرورة التمسك بالقرآن الكريم كمنطلق للوحدة الاسلامية والأخوة؟
لاشك ان القرآن الكريم هو كتاب خالد ومعجز والكتاب الذي اجتمع عليه المسلمون واجمع عليه المسلمون هو كتاب وحيد وجاء في القرآن الكريم "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" وهذا القرآن حفظ من التحريف والنقص والزيادة وبقي محفوظاً يتداوله المسلمون جيلاً بعد جيل وتاريخاً بعد تاريخ وقرناً بعد قرن اعتقد ان هذا هو يكفي ان يجتمع عليه.
انا اتحدي كل الذي يعتقد بالتكفير ان يأتي لنا بآية واحدة او بنص واحد من القرآن الكريم الذي يدعو الي الفرقة والاقصاء والاختلاف بينما هناك عشرات من الآيات صريحة في قضية الوحدة حتي "إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا" والتعارف هو لكل الانسان وليس فقط للمسلمين فكيف المسلمون بعضهم يختلفون مع البعض، الاختلاف هو الخط الاحمر الذي يرسمه القرآن الكريم ويُحذر منه ولايري اي مبرر سوي الاطماع الاستعمارية والاستكبارية التي تنهش في جسد هذه الامة الاسلامية.
اعتقد ان الوعي والتقوي والالتزام بالقرآن الكريم لابد ان يكون هو طريقاً للنجاة والخلاص واتمني علي كل المسلمين ان يعوا قرآنهم وكتابهم الذي خافه بعض المستشرقين وكبار الساسة الغربيين الذين قالوا تآمروا علي القرآن الكريم مادام هذا الكتاب بين ايديهم فلايرجي نصر علي المسلمين فايضا هم يخافون اذا ما تمسك المسلمون بهذا الكتاب العظيم سوف يجدون هويتهم وسوف يحققون وجودهم وسوف يسعون للعزة والكرامة وبالتالي هؤلاء المسلمون من خلال القرآن الكريم سوف يحققون الوحدة الاسلامية الكبري التي تضم المسلمين في كل مكان في الشرق والغرب. المصدر: ايكنا