خلاصة المنهاج فی مناسک الحاجّ

للعلاّمة الشیخ حسن بن یوسف بن المطهّر الحلّی ( ت 726هـ ) تحقیق: محمّد جواد حسن زاده

بسْم ِ اللهِ الرَّحْمن ِ الرَّحِيم ألحمد لله الممدوح بكلّ لسان، الغنيّ بظاهر محامده عن الإيضاح والبيان، بديع السماوات والأرض، باسط الفضل في الطول والعرض، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد المبعوث لحفظ النظام، المنعوت بما هو أهله من الإجلال والإعظام، وعلى آله الطيّبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيراً. أمّا بعد، فإنّ فريضة الحجّ من الفرائض الإسلاميّة، ذات الأهمّيّة في الدِّين، بحيث من تركها وهو مستطيع عن عمد وإنكار، عُدَّ كافراً، كما صرّح به قوله تعالى: وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ. وحينئذٍ يجب لمن يريد أداء الحجّ والعمرة معرفة أحكامها من واجبات ومحرّمات، ثمّ أداؤها بعد ذلك والقيام بهما، ومن هنا قام الفقهاء والمراجع بتحديد الوظائف للحاجّ، فألّفوا كتباً خاصّة ترشد الحجّاج والمعتمرين، إلى ما يؤدّون في مقام العمل، وسمّوها بـ «المناسك»، وقد ألّف العلاّمة الشهير ذو الآثار الكثيرة النافعة الشيخ الجليل حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، كتاباً سمّاه بـ : «المنهاج في مناسك الحاجّ» ليبيّن ما يحتاجه الحاجّ والمعتمر، ثمّ لخّصه بنفسه وسمّاه: «خلاصة المنهاج في مناسك الحاجّ». المؤلّف: اسمه و لقبه هو أبو منصور جمال الدِّين الشيخ حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، ولد ليلة 29 رمضان سنة 648 هـ في الحلّة، ومات يوم 21 من المحرّم من سنة 726 هـ ، ودفن في حرم أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف الأشرف، واشتهر بـ «جمال الدِّين» لاكتسابه الاجتهاد قبل البلوغ، وقام بالمرجعيّة وعمره 28 عاماً، عاش في العراق، وهاجر إلى إيران في زمن سلطان «اُلجايتو» وباحث مع علماء السُنّة في إيران، وبسبب غلبته عليهم استبصر السلطان، وانتشر مذهب الإماميّة وقلّب اسمه بـ «محمّد خدابنده». * * * أساتذته: الشيخ يوسف سديد الدِّين (والده). المحقّق الحلّي، وله إليه نسبة وقرابة. السيّد رضي الدِّين عليّ بن طاوس. السيّد أحمد بن طاوس. الخواجه نصير الدِّين الطوسي. يحيى بن سعيد الحلّي. مفيد الدِّين محمّد بن جهم الحلّي. كمال الدِّين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني. جمال الدِّين حسين بن أياز النحوي. محمّد بن محمّد بن أحمد الكشّي. نجم الدِّين عليّ بن عمر الكاتبي. برهان الدِّين النسفي. الشيخ فاروق الواسطي. الشيخ تقي الدِّين عبد الله بن جعفر الكوفي. تلامذته: وهم أكثر من 500 شخص، ومنهم: فخر المحقّقين الشيخ محمّد بن حسن بن يوسف الحلّي (ولده). السيّد عميد الدِّين عبد المطّلب (ابن اُخته). السيّد ضياء الدِّين عبد الله الحسيني الأعرجي الحلّي (ابن اُخته). الشيخ تاج الدِّين السيّد محمّد بن قاسم الحسني المشهور بابن معيّة. الشيخ رضي الدِّين أبو الحسن عليّ بن أحمد الحلّي. قطب الدِّين الرازي. الشيخ تاج الدِّين محمود بن مولا. الشيخ تقي الدِّين إبراهيم بن حسين الآملي. الشيخ محمّد بن عليّ الجرجاني. مؤلّفاته: شملت آثاره العلميّة مختلف العلوم: الفقه، والأصول، والكلام، والحديث، والرجال، وعلم التفسير، والفلسفة، والمنطق، والدّعاء، والأدب، وهي حسب الموضوعات هكذا: الأول: الفقه: منتهى المطلب في تحقيق المذهب. تلخيص المرام في معرفة الأحكام. غاية الإحكام في تصحيح تلخيص المرام. تحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة. مختلف الشيعة في أحكام الشريعة. تبصرة المتعلّمين في أحكام الدِّين. تذكرة الفقهاء. إرشاد الأذهان في أحكام الإيمان. قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام. مدارك الأحكام. نهاية الإحكام في معرفة الأحكام. المنهاج في مناسك الحاجّ. تسبيل الأذهان إلى أحكام الإيمان. تسليك الأفهام في معرفة الأحكام. تنقيح قواعد الدِّين. تهذيب النفس في معرفة المذاهب الخمس. المعتمد في الفقه. رسالة في واجبات الحجّ وأركانه. رسالة في واجبات الوضوء والصلاة. قواعد الإسلام. الثاني: أصول الفقه: النّكت البديعة في تحرير الذريعة. غاية الوصول وإيضاح السبل. مبادئ الوصول إلى علم الأُصول. تهذيب الوصول إلى علم الأُصول. نهاية الوصول إلى علم الأُصول. منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأُصول. الثالث: الكلام: منهاج اليقين. كشف المراد. أنوار الملكوت في شرح الياقوت. نظم البراهين في أصول الدِّين. معارج الفهم. الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة. كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد. تسليك النفس إلى حظيرة القدس. نهج المسترشدين. منهاج الهداية ومعارج الدراية. منهاج الكرامة. نهاية المرام. نهج الحقّ وكشف الصدق. الألفين. الباب الحادي عشر. أربعون مسألة. رسالة في خلق الأعمال. استقصاء النظر. الخلاصة. رسالة السعديّة. رسالة واجب الاعتقاد. إثبات الرجعة. الإيمان. رسالة في جواب سؤالين. كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام. جواهر المطلب. التناسب بين الأشعريّة وفرق السوفسطائيّة. المباحثات السنية والمعارضات النصرية. مرثية الحسين عليه السلام. الرابع: الحديث: استقصاء الاعتبار في تحقيق معاني الأخبار. مصابيح الأنوار. الدرر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان. نهج الوضاح في الأحاديث الصحاح. جامع الأخبار. شرح الكلمات الخمس لأمير المؤمنين عليه السلام. مختصر شرح نهج البلاغة، شرح حديث قدسي. الخامس: الرجال: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال. كشف المقال في معرفة الرجال. إيضاح الاشتباه. السادس: التفسير: نهج الإيمان في تفسير القرآن. القول الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. إيضاح مخالفة السُنّة. السابع: الفلسفة و المنطق: القواعد والمقاصد. الأسرار الخفيّة. الدرّ المكنون. المقامات. حلّ المشكلات. إيضاح التلبيس. الجوهر النضيد. إيضاح المقاصد. نهج العرفان. كشف الخفاء من كتاب الشفاء. مراصد التدقيق ومقاصد التحقيق. المحاكمات بين شرّاح الإشارات. إيضاح المعضلات من شرح الإشارات. نور المشرق في علم المنطق. الإشارات إلى معاني الإشارات. بسط الإشارات. تحرير الأبحاث في معرفة العلوم الثلاثة. تحصيل الملخّص. التعليم التامّ. شرح القانون. شرح حكمة الإشراق. القواعد الجليّة. الثامن: الدُّعاء: الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمّة الطاهرة. منهاج الصلاح في اختصار المصباح. التاسع: الأدبيّات: كشف المكنون من كتاب القانون. بسط الكافية. المقاصد الوافية بفوائد القانون والكافية. المطالب العليّة. لبّ الحكمة. * * * وأمّا الرسالة الحاضرة بين أيديكم الكريمة والمسمّاة بـ : <خلاصة المنهاج في مناسك الحاجّ> فهي لم تطبع حتّى الآن، ونعرف منها خمس مخطوطات: ألف: في ضمن المرقّمة 8892 ، في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي بطهران، بخطّ أحمد ابن محمّد بن الحدّاد، نسخها في سنة 747 هـ . ب: المخطوطة المرقّمة 2 / 311 = 1312 في مكتبة آية اللّه السيّد الگلپايگاني بقم. ج: المخطوطة المرقّمة 2 / 4643 في مدرسة غرب بهمذان. د: المخطوطة المرقّمة2/14867 في مكتبة كلّيّة الإلهيّات في جامعة فردوسي بمشهد الإمام الرِّضا عليه السلام. هـ : المخطوطة المرقّمة 24 / 5712 في مكتبة ملك العامّة بطهران، ونحن اعتمدنا في هذا التحقيق على الأُولى والثانية. وفي الختام أُقدِّم شكري لسماحة الشيخ حسين الواثقي لدلالتنا إلى هذه الدرّة الثمينة، ومرافقتنا في التحقيق، كما أشكر الأساتذة في مجلّة ميقات الحجّ. * * * بسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، الحمد لله ربّ العالمين، و صلّى اللّه على سيّد المرسلين محمّد النبيّ وآله الطاهرين الأخيار وسلّم. هذه رسالة تشتمل على واجبات الحجّ وأركانه، خالية عن التطويل والإكثار، في غاية الإيجاز والاختصار، لخّصت فيها ما يجب على كلّ حاجّ معرفته وعلمه، ولا يجوز له تركه وجهله، ولم نطوّل الكلام فيها بذكر الدعوات ولا الأفعال المندوبات، إذ جعلنا ذلك موكولاً إلى كتابنا الكبير المسمّى بـ: <المنهاج في مناسك الحاجّ>، وإنّما اقتصرنا في هذه الرسالة على ذكر الواجبات لا غير، والله الموفّق والمُعين على كلّ خير. وقد رتّبتها على فصول: الفصل الأوّل: في المقدّمات الحجّ من أعظم أركان الإسلام، و يجب في العمر مرّة واحدة على الفور بشروط أربعة: الأوّل: التكليف، فلا يجب على الصّبيّ والمجنون، بل على البالغ العاقل. الثاني: الحرّيّة، فلا يجب على العبد والجارية. الثالث: الاستطاعة، وهي ملك الزاد بقدر ما يمونه من القوت والمشروب له ولعياله ذهاباً وعوداً، والرّاحلة بحسب حاله. الرابع: إمكان المسير، وهو الصحّة، والتثبّت على الرّاحلة، وأمن الطريق في النفس والبضع والمال، واتّساع الوقت لقطع المسافة. وأنواعه ثلاثة: تمتّعٌ وقِرانٌ وإفرادٌ، فالتمتّع فرضُ من نأى عن مكّة باثني عشر ميلاً من كلّ جانب، و صورته: أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتّع بها في وقته، ثمّ يطوف للعمرة، و يصلّي ركعتيه، ثمّ يسعى للعمرة، ثمّ يقصّر. ثمّ يحرم من مكّة للحجّ، ثمّ يقف بعرفة، ثمّ يقف بالمشعر، ثمّ يمضي إلى مِنى فيرمي جمرة العقبة يوم النحر، ثمّ يذبح هَدْيه، ثمّ يحلق رأسه، ثمّ يمضي فيه أو في غده إلى مكّة فيطوف طواف الحجّ، ويصلّي ركعتيه، ويسعى للحجّ، ويطوف طواف النساء، ويصلّي ركعتيه. ثمّ يبيت ليالي التشريق بمنى، و يرمي الجمار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر ولو لم يتّق النساء و الصيد وجب رمي الثالث عشر أيضاً. وأمّا القِران والإفراد فهو فرض أهل مكّة وحاضريها، وهو من كان بينه وبين مكّة دون اثني عشر ميلاً، من كلّ جانب، وصورتهما واحدة وإنّما يفترقان بسياق الهَدي. وصورة الإفراد أن يحرم من الميقات، ثمّ يمضي إلى عرفة، ثمّ المشعر، ثمّ يقضي بمنى مناسكه، ثمّ يطوف للحجّ، ويصلّي ركعتيه، ثمّ يسعى للحجّ، ثمّ يطوف للنساء، ثمّ يصلّي ركعتيه، ثمّ يعتمر بعد ذلك عمرة مفردة من أدنى الحِلّ. وشرائط التمتّع: النيّة، ووقوعه في أشهر الحجّ، وهي شوّال و ذوالقعدة و ذوالحجّة، والإتيان بالحجّ والعمرة في سنة واحدة، والإحرام بالحجّ من بطن مكّة. وشرط الإفراد: النيّة، ووقوعه في أشهر الحجّ، وعقد الإحرام من ميقاته، أو من منزله إن كان أقرب. وكذا القارن. الفصل الثاني: في الإحرام و واجباته أربعة: الأوّل: إيقاعه في أحد المواقيت التي وقّتها رسول الله وهي ستّة: العقيق لأهل العراق، وأفضله المسلخ، وأوسطه غمرة، وآخره ذات عرق، فلا يجوزها الحاجّ إلاّ محرماً. ولأهل المدينة مسجد الشجرة اختياراً، والجُحفة اضطراراً; وهي مهيعة، وهي ميقات أهل الشام اختياراً. ولأهل اليمن يلملم. وللطائف قرن المنازل. ومن كان منزله أقرب إلى مكّة فميقاته منزله، وميقات حجّ التمتّع مكّة. وهذه المواقيت الستّة للحجّ والعمرة المتمتّع بها والمفردة، ويجرّد الصبيان من فخٍّ إن حجّ على طريق المدينة، وإلاّ فمن موضع الإحرام. والقارن والمفرد إذا اعتمرا بعد الحجّ وجب أن يخرجا إلى خارج الحرم ويحرما منه، ولو أحرما من مكّة لم يجزءهما، ومن حجّ على ميقات قوم وجب أن يحرم منه، ولا يجوز الإحرام قبل هذه المواقيت إلاّ لناذر يوقع الإحرام في أشهره، والمعتمر عمرة مفردة في رجب إذا خاف تقضّيه، ولا يجوز تأخير الإحرام عن هذه المواقيت اختياراً، فإن أخّر ذلك لمانع، وجب الرجوع مع المكنة، فإن لم يتمكّن أحرم عند زوال المانع، فإن كان قد دخل مكّة خرج إلى الميقات، فإن تعذّر أحرم من، أدنى الحلّ، فإن تعذّر أحرم منها، وكذا الناسي ومن لا يريد النسك والمجاور بمكّة مع وجوب التمتّع عليه، ولو تعمّد التأخير لم يصحّ إحرامه إلاّ من الميقات وإن تعذّر، ولو نسي الإحرام بالكلّية حتّى أدّى جميع المناسك أجزأه حجّه على الأقوى، ولو لم يتمكّن من الإحرام لمرض وغيره أحرم عنه وليّه و جنّبه المحرّمات. الثاني: لبس ثوبي الإحرام، يأتزر بأحدهما، ويتوشّح بالآخر أو يرتدي به، ويجب أن يكونا من جنس ما يصلّى فيه، وينزع المخيط عنه. الثالث: النيّة، و يجب فيها أمور: تعيين ما يُحرم له من حجّة الإسلام أو غيرها، أو عمرة متمتّع بها أو غيرها، لوجوبه أو ندبه قربةً إلى الله. وصورتها: أن يقول في عمرة التمتّع: «أحرم بالعمرة المتمتّع بها إلى حجّة الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله». ويقول في إحرام حجّ التمتّع: «أحرم لحجّ التمتّع حجّة الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله». ويقول في عمرة الإفراد الواجبة: «أحرم للعمرة المفردة عمرة الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله». ويقول في حجّ الإفراد: «أحرم لحجّ الإفراد حجّة الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله». ولو كانت هذه المناسك مندوبة أبدل قوله «لوجوبه» بقوله «لندبه»، ولو كان الحجّ قراناً أبدل قوله «الإفراد» بقوله «القِران»، والواجب إيقاعها بالقلب ولا يشترط النطق، ولو نوى الإحرام و لم يعيّن حجّاً ولا عمرة أو ذكرهما معاً بطلت نيّته. الرابع: التلبيات الأربع، و صورة الواجب أن يقول بلسانه: «لبّيك اللّهُمَّ لبّيك، لبّيك إنّ الحمد والنعمة والملك لك، لا شريك لك لبّيك»، ويجب إيقاعها عقيب النيّة بلا فصل، ولا ينعقد إحرام المتمتّع والمفرِد إلاّ بها، و الأخرس يشير بها مع عقد قلبه. أمّا القارن فإنّه يتخيّر في عقد إحرامه بها أو بالإشعار والتقليد. ويجب على كلّ من دخل مكّة الإحرام إلاّ من يتكرّر دخوله كالحطّاب، ومن سبق إحرامه قبل مضيّ شهر، و من دخلها لقتال سائغ. ويحرم على المُحْرِم إنشاء إحرام آخر قبل إكمال أفعال الأوّل، ومن أحرم بحجّ أو عمرة وجب عليه إكمال أفعالهما. ويحرم على المحرِم عشرون شيئاً; الصيد البرّي ـ وهو الحيوان الممتنع بالأصالة ـ اصطياداً وأكلاً وذبحاً وإشارةً ودلالة وإغلاقاً، والبيض كالصيد، وكذا الجراد. والنساء وطئاً، و لمساً بشهوة، وعقداً له ولغيره، وشهادة عليه وإقامة، وتقبيلاً، ونظراً بشهوة، و في معناه الاستمناء. والطيب مطلقاً أكلاً ولو مع الممازجة، ولمساً وتطيّباً وبخوراً إلاّ خلوق الكعبة. والاكتحال بالسواد وبما فيه طيب. والنظر في المرآة. والادّهان بالدُّهن مطلقاً اختياراً وبما فيه طيب، وإن كان قبل الإحرام إذا كانت رائحته تبقى بعده، ويجوز أكل ما ليس بطيب منه كالشيرج والسمن. وإخراج الدّم اختياراً، وإن كان بحكّ الجسد أو السّواك. وقصّ الأظفار. وإزالة الشَّعر وإن قلّ، ويجوز مع الضرورة. وقطع الشجر والحشيش النابت في غير ملكه عدى الفواكه والإذخر والنخل وعودي الحجالة. والفسوق وهو الكذب، والجدال وهو قول (لا والله) و (بلى والله). وقتل هوامّ الجسد كالقمّل وغيره، ويجوز النقل دون الإلقاء، إلاّ القراد والحلم. ولبس المخيط للرِّجال إلاّ السراويل لفاقد الإزار، وإلاّ الطّيلسان. ولا يزرّه على نفسه الحُليّ. ولبس الخفّين وما يستر ظهر القدم اختياراً. ولبس الخاتم للزينة. ولبس المرأة الحُليّ للزينة أو غير المعتاد. ويجوز المعتاد لكن يحرم إظهاره للزوج. والحنّاء للزينة. وتغطية الرأس للرَّجل وإن كان بالارتماس، فإن غطّاه وجب أن يلقيه. والتظليل للرّجل سائراً اختياراً. ولبس السّلاح اختياراً. الفصل الثالث: في الطواف وإذا أحرم المتمتّع لعمرة التمتّع دخل مكّة لطواف العمرة واجباً، أمّا القارِن والمُفرد فيقدّمان الوقوف عليه. و واجباته اثنا عشر شيئاً: الأوّل: طهارة البدن والثوب من النجاسة. الثاني: طهارة البدن من الحدث بالوضوء أو الغسل إن وجب عليه، أو التيمّم إن تعذّر الماء أو استعماله، ولو نسي الوضوء أو الغسل أو التيمّم استأنف، وكذا لو طاف الواجب مع علم نجاسة ثوبه، ولو علم في الأثناء أزاله و تمّم، ولو لم يعلم إلاّ بعده أجزأ. الثالث: الختان، و هو واجب على الرِّجال مع القدرة. الرابع: النيّة، وهي القصد إلى إيقاع طواف عمرة التمتّع أو غيرها لوجوبه أو ندبه قربةً إلى الله. وصورتها: «أطوف طواف عمرة الإسلام عمرة التمتّع بها إلى الحجّ لوجوبه قربةً إلى الله»، وإن كان الطواف للحجّ قال: «أطوف طواف حجّ الإسلام حجّ التمتّع لوجوبه قربة إلى الله»، وإن كان الطواف ]لـ[عمرة الإفراد قال: «أطوف طواف عمرة الإفراد لوجوبه قربةً إلى الله»، وإن كان لحجّ الإفراد أو القِران ذكر ذلك. ووقت النيّة عند الشروع فيه، فلو أخلّ بها أو بشيء منها بطل ما فعله ولو كان خطوة واحدة. الخامس: أن يبتدئ الطواف بالحجر الأسود، فلو بدأ بغيره لم يعتدّ بذلك الشوط إلى أن ينتهي إلى أوّل الحَجَر، فيبتدئ منه ناوياً حينئذ، ولو حاذى آخر الحجر ببعض بدنه في ابتداء الطواف لم يصحّ. السّادس: الختم بالحَجَر، فلو أبقى من الشوط السابع أو غيره شيئاً وإن قلّ لم يصحّ، بل يجب أن ينتهي من حيث ابتدأ. السّابع: جعل البيت على يساره، فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه لم يصحّ. الثامن: خروجه بجميع بدنه عن البيت، فلو مشى على شاذروان الكعبة لم يصحّ. التاسع: إدخال الحِجْر في الطواف، فلو مشى على حائطه أو طاف بينه وبين البيت لم يصحّ. العاشر: الطواف بين البيت والمقام، فلو أدخل المقام فيه لم يصحّ. الحادي عشر: إكمال العدد، وهو سبعة أشواط لا أزيد، فلو نقص شوطاً أو بعضه ولو أقلّ من خطوة لم يصحّ طوافه، ولو زاد على السبعة في طواف الفريضة عمداً بطل طوافه، ولو كان سهواً قطع إن لم يكمل الثامن، ولو أكمله استحبّ إتمام اُسبوع آخر. ويصلّي لطواف الفريضة أوّلاً، وللنافلة بعد السعي، ولو نقص شوطاً فما زاد سهواً أكمله إن كان في الحال، و إن انصرف فإن تجاوز النصف رجع فأتمّ طوافه، وإن رجع إلى أهله استناب، ولو كان دون النصف استأنف، و كذا لو قطع طوافه لدخول البيت أو للسعي في حاجة أو مرض في أثنائه، وكذا إن أحدث في طواف الفريضة، فإن تجاوز النصف تطهّر وبنى و إلاّ استأنف، ولو ذكر في السعي نقصان طوافه رجع فأتمّ طوافه إن كان قد تجاوز النصف، ثمّ أكمل السّعي، ولو لم يتجاوز رجع فاستأنف الطواف و السعي معاً. و لو شكّ في عدد الطواف في أثنائه فإن كان فيما دون السبعة استأنف، وإن كان في الزائد عليها قطع ولا شيء عليه. الثاني عشر: ركعتا الطواف، فإذا فرغ من طوافه وجب أن يصلّي ركعتيه في مقام إبراهيم عليه السلام، ينوي بهما ركعتي طواف عمرة الإسلام عمرة التمتّع لوجوبهما قربةً إلى الله. الفصل الرابع: في السعي فإذا فرغ من طواف العمرة وجب عليه السعي بين الصفا و المـروة سبعة أشواط، ويجب فيه أمور: الأوّل: النيّة، فيقول: «أسعى سعي عمرة التمتّع عمرة الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله»، و إن كان سعي الحجّ للمتمتّع قال: «أسعى سعي حجّ التمتّع حجّ الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله». الثاني: أن يبدأ في سعيه بالصفا بحيث يلصق كعبيه به، وأن يختم بالمروة بحيث يلصق أصابع قدميه بها. الثالث: السعي سبعة أشواط، من الصفا إلى الصفا شوطان، ولو نقص من العدد شيئاً أكمله وجوباً، ويحرم الزيادة على السبعة عمداً فيعيد لا سهواً، ولو نسي عدد أشواطه أو بدأ بالمروة استأنف، ولو ظنّ المتمتّع إكمال سعيه في العمرة فأحلّ وواقع ثمّ ذكر النقصان أتمَّ و كفَّر ببقرة، وكذا لو قلَّم أو قصّ أظفاره. الفصل الخامس: في التقصير فإذا فرغ من سعي العمرة المتمتّع بها وجب عليه التقصير، وأقلّه أن يقصّ شيئاً من أظفاره، أو يقصّ شيئاً من شعره، و ليس له أن يحلق، ولو نسى التقصير حتّى أهلّ بالحجّ صحّت (ولو فعل ذلك عمداً بطلت، ) متعته وصارت حجّته مفردة. ويجب فيه النيّة فيقول: «اُقصِّر من إحرام عمرة التمتّع عمرة الإسلام للتحلّل منه لوجوبه قربةً إلى الله». الفصل السادس: في إحرام الحجّ فإذا قصّر المتمتّع أحلَّ من كلّ شيء أحرم منه، ويجب عليه الإحرام بالحجّ. ويتضيّق وقته عند تضيّق وقت عرفة، ومحلّه مكّة، ولا يجوز إيقاعه في غيرها، فإن نسيه حتّى خرج إلى مِنى رجع إلى مكّة وجوباً مع القدرة، فإن تعذّر أحرم من موضعه ولو من عرفة، و تجب فيه أمور: الأوّل: النيّة، فيقول: «اُحرم بالحجّ حجّة الإسلام حجّة التمتّع لوجوبه قربةً إلى الله». الثاني: لبس ثوبي الإحرام، إن كان قد لبس المخيط وقت إحلاله من العمرة، وإلاّ استمرّ على لبس ثوبيه اللّذين أحرم فيهما للعمرة. الثالث: التلبيات الأربع، و قد تقدّم وصفها في إحرام العمرة. ويحرم في هذا الإحرام ما حرم عليه في الإحرام الأوّل، ولو تركه عمداً بطل حجّه، ولا يجوز له الطواف بعد الإحرام حتّى يرجع من مِنى. الفصل السابع: في الوقوف بعرفة فإذا أحرم بالحجّ وجب عليه يوم تاسع ذي الحجّة الوقوف بعرفة، وله وقتان: اختياريّ من زوال الشمس يوم التاسع إلى غروبها، أيُّ وقت منه حضر أدرك الحجّ، و اضطراريّ إلى فجر يوم النحر، وتجب فيه أُمور: الأوّل: النيّة، فيقول: «أقف بعرفة لوجوبه قربةً إلى الله» وقت الشروع فيه. الثاني: الوقوف بعرفة دون حدودها، وحدّ عرفة من بطن عُرنَة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز، ولو وقف بهذه الحدود لم يصحّ ولا تحت الأراك، ويجوز عند الضرورة الوقوف على الجبل. الثالث: أن يقف إلى غروب الشمس يوم التاسع، فلو أفاض قبله عامداً وجب عليه بدنة، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً. ونعني بالوقوف هنا الكون بها، سواء كان راكباً أو جالساً أو نائماً مع سبق النيّة، ولو ترك الوقوف الاختياريّ عمداً بطل حجّه، والناسي يتدارك ولو قبل الفجر، وكذا لو فاته نهاراً لضرورة، ولو فاته نهاراً وليلاً اجتزأ بالوقوف بالمشعر. ولو نسى الوقوف رجع ولو إلى طلوع الفجر، إذا عرف أنّه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس، فإذا ظنّ الفوات اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس، وكذا لو لم يذكر وقوف عرفة وقف بالمشعر قبل طلوع الشمس. الفصل الثامن: في الوقوف بالمشعر وإذا غربت الشمس من يوم عرفة أفاض إلى المشعر الحرام للوقوف به، ويجب فيه النيّة، فيقول: «أقف بالمشعر لوجوبه قربةً إلى الله»، والكون بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، أيّ وقت من ذلك وقف به صحّ، ولا يجوز له الإفاضة منه قبل طلوع الفجر، فإن أفاض قبله متعمّداً صحّ حجّه، ووجب عليه دم شاة إن كان قد وقف به ليلاً ولو قليلاً، وكان قد وقف بعرفة، ويجوز للمرأة والناسي والخائف الإفاضة قبل الفجر ولا شيء عليه. وللمشعر وقتان: اختياريٌّ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يوم النحر، واضطراريٌّ إلى الزوال، ومن ترك الوقوف بالمشعر عمداً بطل حجّه، وإن تركه نسياناً صحَّ حجّه. إن كان قد وقف بعرفة، وإلاّ بطل حجّه. ولو أدرك وقت عرفة الاختياري و وقت المشعر الاضطراري أو بالعكس صحّ حجّه، وكذا يصحّ لو أدرك الاضطراريين، ولو أدرك أحد الاختياريّين خاصّة و فاته الآخر اختياراً واضطراراً من غير تعمّد صحّ حجّه، ولو أدرك أحد الاضطراريَّين خاصّة و فاته الآخر اختياراً واضطراراً بطل حجّه. وحدّ المشعر ما بين المَأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر، ولو وقف بغيره لم يجزءه، ويجوز مع الزّحام الارتفاع إلى الجبل. الفصل التاسع: في قضاء مناسك مِنى وإذا طلعت الشمس أفاض من المشعر الحرام ومضى الى مِنى، ليقضي مناسكه بها يوم النحر، وهي ثلاثة: رمي جمرة العقبة، ثمّ الذبح، ثمّ الحلق. الأوّل: رمي جمرة العقبة، فإذا وصل منى رمى جمرة العقبة، ويجب فيه أمور: النيّة، فيقول: «أرمي جمرة العقبة لوجوبه قربةً إلى الله»، و رماها بسبع حصيات بما يسمّى حجراً أبكاراً من الحرم، بما يسمّى رمياً، وإصابة الجمرة بفعله، ولو طرحها على الجمرة من غير رمي أو تـمّمها حركة غيره لم يجزءه. الثاني: الذَّبح، إذا رمى المتمتّع جمرة العقبة وجب عليه أن يذبح هديه، ويجب فيه أُمور: النيّة، فيقول: «أذبح هَدْي التمتّع لوجوبه قربةً إلى الله» وقت الذبح. وأن يكون الهَدي من الإبل أو البقر أو الغنم ثنيّاً، وهو من الإبل ما كمل خمس سنين، وفي البقر والغنم ما كمل سنة، و يُجزءُ الجذع من الضأن لسنته. ويجب أن يكون تامّاً، فلا تجزئ العوراء، ولا العرجاء البيِّن عرجها، ولا مكسورة القرن الداخل، ولا مقطوعة الاُذن، ولا الخصيّ، ولا المهزولة. ويقسّم أثلاثاً، يأكل ثلثه، ويتصدّق بثلثه، ويهدي لأصحابه ثلثه. ويجب أن يذبح أو ينحر بمنى وأن يفرّقه بها، و وقت الذبح يوم النحر قبل الحلق، فإن أخّره أثِم و أجزأ، وكذا يجزي لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة. الثالث: الحلق، ويجب بعد الذبح الحلق أو التقصير بمنى، والحلق أفضل، أمّا المرأة فلا يجوز لها الحلق بل الواجب عليها التقصير، ويجزء في التقصير قدر الأنملة، ولو ترك الحلق رجع فحلق، فإن تعذّر حلق أو قصّر مكانه وجوباً، وبعث شعره إلى منى ليُدفن بها استحباباً، ولو لم يكن على رأسه شعر أمرّ الموسى عليه، وتجب فيه النيّة فيقول: «أحلق أو اُقصِّر للإحلال من الإحرام لوجوبه قربةً إلى الله»، وإذا حلق أو قصّر أحلَّ من كلّ شيء أحرم منه إلاّ النساء و الطيب. الفصل العاشر: في الرجوع إلى مكّة فإذا قضى مناسكه بمنى يوم النحر مضى في يومه أو غده إن كان متمتّعاً إلى مكّة لطواف الحجّ و سعيه. و يجب في الطواف النيّة، فيقول: «أطوف طواف الحجّ حجّة الإسلام المتمتّع بها لوجوبه قربةً إلى الله»، ويفعل هنا كما فعل في طواف العمرة، فإذا فرغ من طواف سبعة أشواط وجب عليه صلاة ركعتيه بمقام إبراهيم، وتجب فيهما النيّة، فيقول: «أُصلّي صلاة طواف الحجّ لوجوبها قربةً إلى الله»، وإذا فرغ من الصلاة وجب عليه السعي بين الصفا و المروة سبعة أشواط أيضاً، وتجب فيه النيّة، فيقول: «أسعى سعي الحجّ حجّ التمتّع حجّة الإسلام لوجوبه قربةً إلى الله»، ثمّ يسعى من الصفا إلى المروة كما تقدّم سواء، ثمّ يرجع بعد الفراغ من سعيه إلى البيت، ويطوف طواف النساء وهو سبعة أشواط كما تقدّم، وتجب فيه النيّة، فيقول: «أطوف طواف النساء في إحرام حجّ التمتّع لوجوبه قربةً إلى الله»، ثمّ يطوف كما تقدّم، ثمّ يصلّي ركعتيه واجباً في مقام إبراهيم، و يجب فيهما النيّة، فيقول: «اُصلّي ركعتي طواف النساء في إحرام حجّ التمتّع لوجوبه لها قربةً إلى الله». الفصل الحادي عشر: في الرجوع إلى مِنى وإذا فرغ من طواف النساء رجع إلى مِنى، وبات بها ليالي التشريق، وهي ليلة الحادي عشر (من ذي الحجّة)، والثاني عشر والثالث عشر، ويجوز أن ينفر في اليوم الثاني عشر إن كان قد اتّقى النساء والصيد في إحرامه، ولم تغرب الشمس وهو بمنى. ولو بات بغير مِنى وجب عليه عن كلّ ليلة شاة، إلاّ أن يبيت بمكّة مشتغلاً بالعبادة. ويجب أن يرمي الجمار الثلاث في كلّ يوم من الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر إن لم ينفر يوم الثاني عشر، كلّ جمرة في كلّ يوم بسبع حصيات على ما تقدّم وصفها، وتجب فيه أُمور: النيّة، فيقول: «أرمي هذه الجمرة لوجوبه قربةً إلى الله». وأن يرمي كلّ جمرة بسبع حصيات كما تقدّم وصفها. وأن يرتّب فيبدأ بالجمرة الأُولى التي تلي مِنى، ثمّ بالوسطى، ثمّ بجمرة العقبة. ووقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها، ويجوز للمعذور كالخائف والراعي والعبد والمريض الرمي ليلاً، ولو نسي رمي يوم قضاه من الغد، يبدء بالفائت. ومن اتّقى النساء والصيد يجوز له النفر يوم الثاني عشر بعد الزوال لا قبله. فهذا آخر ما أردنا إثباته في هذه الرسالة، ومن أراد التطويل فعليه بكتبنا المطوّلة في الفقه، والله الموفّق للصواب، و الحمد لله وحده، وصلّى الله على سيّدنا محمّد النبيّ وعترته الطيّبين الطاهرين.


| رمز الموضوع: 53667