مواجهة الفکر التکفیری، ضرورة لعودة الأمن والإستقرار الی المنطقة

لم یعان العالم الإسلامی فی ای وقت مضی من ظاهرة التکفیر کما یعانیه الیوم من هذه الظاهرة، حیث أصبحت فئة من علماء بعض المذاهب الإسلامیة، تصدر العدید من الفتاوی، لتکفیر المسلمین، دون أن تنطبق علیهم مواصفات الکفر والإلحاد، کما حددها الله سبحانه وتعالی فی کتابه الحکیم، وکما جاءت فی النصوص الدینیة التی نقلت عن مصادر الإسلام الصحیحة.

و أفاد موقع الحج نقلا عن موقع الوقت أنه حيث زهقت أرواح المئات من الآلاف إن لم نقل الملايين من أرواح المسلمين، خلال العقود الأخيرة، إثر إباحة قتل المسلمين، وخاصة المسلمين الشيعة، بعد الفتاوي التي أصدرتها فئة من علماء الوهابية والسلفية، حيث لم تعد هذه الفتاوي تستهدف المسلمين الشيعة لوحدهم، بل أصبحت تستهدف جميع فئات المسلمين الذين لا يؤمنون بالفكر التكفيري. اذن ماذا يجب أن تفعله الأمة الإسلامية، شيعة وسنة لمواجهة التطرف والفكر التكفيري؟
في هذا السياق كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة، حضرت جلسات مغلقة لاجتماع المندوبين الدائمين للدول العربية في جامعة الدول العربية، الذي عقد الأربعاء الماضي، أن بعض الدول العربية مثل قطر والسعودية افشلت طلباً عراقياً تضمن دعوة لوزراء العدل العرب، من أجل تبني اتفاقية عربية لـ «تجريم الفكر التكفيري». وقالت المصادر بأن قطر والسعودية، عارضت هذا الطلب العراقي الذي سعت بغداد إلي ان يكون بندا من بنود قرار حماية الامن القومي العربي، بالاضافة الي حث الدول الاخري علي تشريع قوانين وطنية في نفس السياق لتجريم الفكر التكفيري، الذي الحق دماراً هائلاً في العديد من دول المنطقة والعالم. وفي هذه الاثناء اعلن مكتب السيد إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي السبت الماضي، قبل توجهه الي العاصمة المصرية القاهرة للمشاركة في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، أن «اجتماعات الجامعة العربية ستناقش هيكليّة الجامعة، والسياسات العامّة، علاوة علي مناقشة المبادَرة التي طرحها العراق بتجريم الفكر التكفيري». واضاف هذا البيان ان «هذا الفكر قدَّم نماذج أساءت للإسلام، وأساءت للعرب، ودول المنطقة، فمن غير المعقول أن نقف مكتوفي الأيدي وهذا الفكر يُحرّض، ويُكوّن هكذا ظواهر شاذة تفترس الإنسان، وتهتك الحُرُمات». يجب ان لا ننسي أن الجماعات التكفيرية باتت اليوم توجّه رأس حربتها باتجاه فصائل المقاومة التي تتصدي للكيان الإسرائيلي، وبناء علي هذا فانه سوف يصبح من يساند الجماعات التكفيرية ويقف بوجه اي محاولة لمواجهة هذه الجماعات، سوف يعتبر داعما رئيسيا للكيان الإسرائيلي، سواء علم بذلك أم لم يعلم. ومن الواضح جداً أن الكيان الإسرائيلي يحاول اليوم عبر المجموعات التكفيرية، وضع القضية الفلسطينية علي هامش أولويات العالم الإسلامي، إذن فان اي موقف متعاطف من قبل دول المنطقة مع الفكر التكفيري يعتبر خدمة جلية للكيان الإسرائيلي علي حساب القضية الفلسطينية. بالاضافة الي ذلك فانه علي الدول التي أعلنت معارضتها، لمحاربة الفكر التكفيري أن تعلم أن الشعوب الإسلامية ستصنفها بانها دول راعية للفكر التكفيري والإرهاب والتطرف في المنطقة. حيث أصبح من حق المجتمعات الإسلامية، أن تسأل عن فحوي معارضة بعض دول المنطقة لتجريم الفكر التكفيري، وحيث يجب أن نسأل لماذا هذه المعارضة، بعد كل المجازر الدموية التي ارتكبتها التنظيمات التكفيرية وفي مقدمتها جبهة النصرة وتنظيم داعش والقاعدة واخواتها، في سوريا والعراق ومصر، والتي تسير جميعها علي الفكر السلفي التكفيري؟ لماذا لا توافق هذه الدول علي مواجهة الفكر التكفيري الذي يبيح اراقة دماء المسلمين والمسيحيين واتباع الاقليات الدينية الاخري مثل الايزيديين؟ وإذاما نظرنا في القانون الدولي، فاننا سنجد أن هذه التصرفات من قبل بعض دول المنطقة التي تتعاطف مع الفكر التكفيري تعتبر دعما لا لبس فيه للارهاب الدولي. وبالرغم من الجهود المحمودة التي تصدر عن الكثير من علماء الازهر الشريف، والتي تعارض الفكر التكفيري المتشدد، فان هذه المعارضة الأزهرية عادة ما تصطدم بالموقف السعودي المتشدد والداعم للفكر التكفيري، ولهذا لم نر لحد الآن نجاحاً باهراً لجهود الأزهر في عملية التصدي للفكر التكفيري. حيث أكد «مؤتمر المجلس الأعلي المصري للشؤون الإسلامية» خلال إحدي جلساته العام الماضي في القاهرة علي ضرورة الابتعاد، كل البعد، عن فكرة تكفير الاخرين. وأكد المشاركون في هذا المؤتمر أنه لا يجوز اطلاق مصطلح التكفير علي أي انسان خاصة إذا كان مسلماً، إلا بعد ثبوت ذلك عبر أهل العلم والإختصاص الذين ينتمون الي المجامع العلمية والفقهية المختصة. لكن رغم هذا فانه لم يمض يوم إلا ونري العديد من المشايخ السعوديين، يكفرون فئة كبيرة من المسلمين وبشكل علني وعبر القنوات الفضائية. ومن خلال متابعة خطب عدنان العرعور ومحمد العريفي، والعشرات من علماء هذه الزمرة التكفيرية، الذين يحظون جميعهم بدعم واسع من قبل المؤسسة الدينية والسياسية في السعودية، نعرف ان عشرات الفتاوي صدرت من قبل هذه الفئة من 'رجال الدين'، في تكفير مئات الملايين من المسلمين الشيعة، دون أن يتم ملاحقتهم من قبل النظام السعودي. وأصبح العريفي كانه لا شغل له سوي مهاجمة الشيعة والتحريض علي معتقداتهم الإسلامية، بدءً من السب والشتم ضدهم، وصولا الي تكفيرهم والدعوة الي قتلهم في شتي دول المنطقة. وفي وقت سابق، أثارت تصريحات وفتوي أحد المشايخ السلفية في المغرب، المدعو «عبد الحميد أبو النعيم» الذي أفتي بتكفير رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي، أثارت موجة عارمة من الغضب داخل المجتمع المغربي، حيث طالبت جمعية «بيت الحكمة» المغربية بتجريم التكفير ومواجهة العلماء الذين باتوا من خلال فتاويهم يهددون الأمن والسلم في البلاد. وأشارت الجمعية في بيان صدر من قبلها أن «دعوات التكفير (..)، تعتبر تحصينا مباشرا لدعوات القتل، وحماية معنوية للفكر الإرهابي، ومسوغا عمليا لاستنبات وزرع الحقد والعنف والتطرف» في البلاد. علماء المغرب ليسوا وحدهم من أصبح ينادي بضرورة مواجهة ظاهرة التكفير، بل أن معظم علماء العالم الإسلامي، ما عدا القليل منهم، أصبحوا ينادون بضرورة مواجهة الفكر التكفيري، بما يشكله من كوارث جسيمة علي المجتمعات الإسلامية. وفي النهاية يجب أن نذكر أن الدول الإسلامية وبسبب غفلتها عن فتاوي علماء التكفير ضد المجتمعات الشيعية، باتت اليوم ودون إستثناء، تدفع ثمناً باهضاً عبر مؤامرة التكفير التي باتت تستهدف معظم دول المنطقة، بدءً من سوريا والعراق، وصولا الي مصر وتونس والمغرب وباكستان وأفغانستان ودول اخري. ولهذا يجب علي العالم الإسلامي أن يواجه وبكل حزم، علماء الفكر التكفيري الذين ينتمي معظمهم إن لم نقل جميعهم، الي مذهب الوهابية والسلفية التكفيرية، قبل أن يصبح العالم الإسلامي باكمله مرتعاً خصباً لتنظيم داعش الإرهابي والجماعات التكفيرية الاخري.


| رمز الموضوع: 55681




الفكر التكفيري المنطقة