إعدام العلاّمة آیة الله النمر یمهّد الى انفجار شعبی عارم

رة اخرى ، یؤکد نظام آل سعود ، کرهه و غیّه فی استهداف القامات الشامخة والرموز الدینیة ، عندما صادقت المحکمة العلیا ومحکمة الاستئناف السعودیة على قرار حکم الإعدام الجائر الصادر ضد العالم الدینی آیة الله الشیخ نمر باقر النمر ، الذی یدخلُ الإرهابُ طوراً جدیداً ، یتمثّلُ بإعدام رواد الحقیقةِ و وأدِ الحقّ.
و افاد موقع الحج أنه يوماً بعد آخر يزداد القمع السعودي، حيث يُمنع انتقاد النظام وتصرفاته. نظام قيّد حرية الرأي والوصول إلى السلطة والمشاركة في إدارة البلاد ، ناهيك على أن عقوبة الإعدام لا تزال تطبق في ''مملكة الرمال'' بطريقة وحشية، أما الاضطهاد المتبع في ''المملكة'' للناشطين ومعارضي النظام، يندرج دائماً تحت مقولات ''الخروج على ولي الأمر'' و''محاولة تشويه سمعة المملكة'' أو ''المس بالنظام العام''، لا سيما في المناطق الشرقية من البلاد، والشيخ نمر النمر أحد الشهود الحقيقيين على قمع نظام آل سعود .
و كل من سمع بحكم الإعدام ضد هذا الشيخ العالم، يدرك بما لا يقبل الشك ماهية النظام السعودي، هؤلاء الظلمة الذين لا يروق لهم رؤية النور، ولا تطربهم كلمة الحق، ولا يؤانسهم ذكر الله، ولا يسعدهم تقدم الأمة ووحدتها وقوتها وانتصارها على الظلم والظالمين، لاسيما وأنّ الشيخ المجاهد يعتبر نبراساً للعلم ومنارة للعلماء ومثلاً يحتذي به أهل التقى والفضيلة والأخلاق عدا عن كونه قامة دينية ووطنية جسدت حبّ الوطن في أقوالها وأفعالها وعملت كلّ ما بوسعها لإعلاء كلمة الحق ودحض الباطل وإرساء كلّ المعاني الخيّرة والنبيلة بين أفراد المجتمع ومقارعة البغي والعدوان ليبقى الوطن عزيزاً منيعاً مصاناً من كلّ ما يريده له أعداءه .
قال تعالى : ''من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا'' .
الحكم بالإعدام لا يحتاج إلى كثير من التعليق والتفسير ولا حتى الشرح والتحليل، وفيه رسائل الانتقام تكتب كل ما يحتاجه أي متابع في الكون ، وتسطر كل ما قد يقف عنده أي مراقب في الدنيا. فالشيخ نمر باقر النمر، وقفَ حياته منذُ شبابهِ الأوّل، وحتّى قبل رميه في غياهب سجون آل سعود، للعلم والمعرفةِ والفقهِ وهدي الناس، وخلْقِ أجواءِ الألفةِ والتسامحِ والتعايش المشترك .
إنَّ الأمتين العربية و الإسلامية وكل الشرفاء في العالم استنكروا حكم الإعدام الصادر ضد العالم الديني آية الله الشيخ نمر باقر النمر . استنكروا الحكم الجائر لقامة كبيرة من قامات العلم والفكر والتنوير وداعية من دعاة المحبة والخير والتسامح والحوار، وشخصية لا تخشى في قول الحق والدفاع عن الوطن لومة لائم، ورجلاً تقياً ورعاً كرّس حياته لنشر رسالة المحبة والسلام بين أبناء الوطن الواحد. فعلى امتداد شواغله البحثية والفقهية، ذهب الشيخ النمر، ليصوغ أنموذجاً في ممارسة فريدة بثنائية العلم والعمل، وبجدلية الإنسان الفاعل الذي يستنطق ويؤصل، لينتج وعياً بالذات والآخر، ويضبط منهجاً رحب التطبيق، لا سيما في وعيه للقضايا والإشكاليات المعاصرة، لقد كان مثقفاً من طراز خاص، في ضوء حوارياته ومنهجه، كجزء جوهري من كيانه الثقافي العارف الذي تجذر فيه حسّه الوطني، الإنساني، الإسلامي، الأخلاقي، ليقارب بما امتلك من أدوات، تلك القضايا ـ بخطاب حضاري ـ بهذه المعاني كان الشيخ النمر طلقة وعي اخترقت اللغات وجغرافيتها، وأضاءت جوانبنا المشرقة، وكان الكلمة التي خشيها النظام فصّوب على فكره قبل الحكم بإعدامه، وعلى بيانه الناصع وأسفاره البحثية، قبل أصابعه المباركة.
يتساءَل كلُّ ذي ضميرٍ وفكرٍ نيِّرينِ : ماذا يعني إعدام الشيخ النمر؟
إن التجرؤ على العلماء مخطط دنيء يقوده نظام آل سعود نيابة عن آل صهيون، ويهدف إلى تجهيل الناس وإبعادهم عن الدين الحق ومفاهيمه الصحيحة . ''وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة
إنّ النظام السعودي يزداد عنفاً وقمعاً ضد المعارضين في الداخل، وهناك عشرات العلماء من مختلف الشرائح يرزحون في السجون ، وعشرات المسجونين بلا محاكمة ، وان هذه الممارسات و السياسات القمعية ستؤدي إلى انفجار كبير في السعودية ، فالنظام السعودي هو المسؤول عن إيجاد الإفرازات الظلامية في المنطقة أمثال تنظيمي القاعدة و''داعش'' الإرهابيين، والسياسة السعودية الخارجية ارتمت في أحضان أمريكا ونفذت مصالح الكيان الصهيوني وهذا أمر واضح ولا يخفيه نظام آل سعود .
وإذا كنا أمناء على الكلمة الصادقة ، فإنّ من باب الوفاء يتطلب أوّل ما يتطلب أن نعرف ما هي كلمة الحق التي ألقاها الشيخ النمر ، فأثارت ذعر النظام السعودي وجعلتهم يتخذون قرار إعدامه .
دعونا نقول أولاً بأن نظام آل سعود الذي حكم على الشيخ النمر بالإعدام، كان يضع الشيخ المجاهد تحت منظار ملاحقته منذ أمدٍ طويل ، لكنه لم يتخذ قرار الإعدام إلا في اللحظة التي شعر فيها بأنّ كلمته صارت تشكل خطراً داهماً على مخطط النظام الذي ينتهك حقوق الإنسان، فقرر إزاحته قبل أن تتجذر كلمته في الأرض وتسهم في قلب حساباته على رؤوس النظام.
إن الحكم بإعدام الشيخ النمر، لا يعني فقط يئس المتآمرين من التأثير عليه ، بل يعني أنهم باتوا يرون فيه خطراً عليهم . فلماذا ؟ هذا هو السؤال الذي يستوجب الوقوف عنده بتمعن . فالشيخ النمر لم يُستهدف فقط لأنه اختار الصمود في وطنه ومع شعب وطنه ، لكنه استهدف لأنه كشف عن كلمة الحق التي يخشى المجرمون منها .
اننا ندرك اليوم أكثر من أي وقت مضى ، لماذا تستهدف الشخصية الوطنية السعودية بكل أطيافها الدينية والفكرية والمقاومة من المتراس إلى الكلمة، فالكلمة ثقيلة على من يتربصّ من أعداء الأمة ، بسوريا وفلسطين واليمن... ، لأنها بحجم إنسان يتماهى بوطنه ، ولأنها تاريخ ، وهوية ، وانتماء ، بما تختزنه من موقف ورسالة بوصفها عمارة الوجدان ومهماز الرؤية ، أجل حرب على الكلمة وخوف من تمثيلها وسرّانيتها وجوانيتها ومنظومة رمزيتها ورموزها، لكنها لن تفت في عضد جذورها الدافئة ...
لكنّ دهاقنة النظام السعودي وشركاءهم وعملاءهم لم يضعوا في حسبانهم الحقيقة القائلة بأن إعدام الشيخ النمر ، سيؤدّي بشكل تلقائي إلى ظهور جيش من الدعاة الذين يتلقفون كلمته ورؤيته وفتواه ليبشروا بها بين الناس . فإذا كان صدى كلمة الشيخ النمر قد وصل إلى عدد محدود من الناس قبل تنفيذ حكم الإعدام ، فإنه سيصل إلى أعداد أكبر بكثير داخل السعودية وخارجها في حالة تنفيذ حكم الإعدام لا قدر الله .
وعلى الإعلام المقاوم والحر الشريف في كل مكان من هذا العالم الفسيح، أن يقدم للناس كامل مقولات الشيخ المجاهد التي يبيّن فيها أبعاد رؤيته ، ذلك أن هذه المقولات جميعاً تخدم كلمة الحق أو التصور الحق أو الفهم الحق الذي توصل إليه وسعى لإبلاغه لنا جميعاً، واجتهد في إبلاغه وقدّم حياته ثمناً لهذا الجهد أو الجهاد .
إن الذين يتساءلون الآن لماذا الشيخ النمر؟ يهمهم أن يعرفوا الآن الجواب على هذا السؤال ، والجواب ببساطة هو : أن الشيخ قال كلمة الحق التي جعلت أوصال المتآمرين ترتجف وجعلتهم يقررون إعدامه لاغتيال الحق والحقيقة ...
سنبقى شهود عصرك أيها الشيخ المجاهد، الموقف والفكر، والذات المتعالية على الضغينة والهوى، هي ذات أمة اختزنها عقلك وإرادتك الحرة، ووطنيتك الحقة، وماهيتك وطمأنينة اختيار وكثافة معرفتك السامقة... فالشيخ النمر باطنُهُ أفضَلَ من ظاهِرهِ وظاهرُهُ حَسَناً ومنْ يكُنْ باطنُهُ أفضلَ من ظاهرِهِ فهذا يعني أنَّهُ على اتصالٍ معَ اللّه، لذا يريد نظام آل سعود أن تكون ختاميّة حياتهِ بالإعدام .
المصدر: تسنيم