السید جعفر فضل الله :

الامام الحسین(ع) لیس رمزاً شیعیاً بالمعنی المذهبی الضیق

ان الامام الحسین(ع) کان رمزاً للبشریة فی الحریة والروحانیة ولعمق الفکر فهو لیس رمزاً شیعیاً بالمعنی المذهبی الضیق بل انما هو رمز اسلامی انسانی حضاری یستطیع الجمیع ان یستمر مسیره و یرسخ مبادئه فی مجتمعات المعاصر.

و أفاد موقع الحج بأن الكاتب والباحث اللبناني السيد "جعفر فضل الله" تطرق الى الاسباب التي أدت الي ثورة الامام الحسين(ع) وشعار "هيهات من الذلة" الذي أكد عليه الامام الحسين(ع) في مواجهة الظلم واوضاع المسلمين في زمن الامام(ع) قائلاً: أعلن الامام الحسين(ع) بأن هناك مستوي قد بلغه المجتمع الاسلامي وهي أن الحق بات لايعمل به والباطل بات لايعرض عنه وان الناس بدؤوا يعتادون شيئاًَ فشياً علي الانحراف ويعتبرونه طريقاً بمقابل كل التعاليم والقيم الاسلامية والمشروع الاسلامي الحضاري جاء بها رسول الله(ص) ولذلك رأي الامام(ع) بأنه من واجبه الشرعي أن يعلن الرفض بهذا الواقع القائم لكي يعي المسلمون ويعمل مع المسلمين لكي يغيروا الواقع الي واقع ينطلق من القواعد الاسلامية في الحكم وفي حركة المجتمع. واضاف: لذلك أعلن الشعار الذي طرحه الانبياء(عليهم السلام) وهو شعار الاصلاح في أمة جده رسول الله(ص) لما يتضمن الاصلاح الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي و نجده في كلمته «إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين». وصرح: أو عندما قال الامام(ع) ان «هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان‏ وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفسادَ وعطّلوا الحدودَ واستأثروا بالفي‏ء وأحلّوا حرام اللَّه وحرَّموا حلاله» بمعني أنهم لايلتزمون بتعاليم الاسلام في كل شيء وفي السياسة وفي الاقتصاد وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله واستأثروا بالفيء أي انهم غلبوا المفاهيم والموازين وجعلوا مقدرات الامة في ايديهم ولملكهم ولاولادهم يتوارثونها كما يتوارث الانسان ملكه شخصياً وايضاعطّلوا الحدودَ بمعني انهم جعلوا القوانين غير مطبقة وبالتالي هذا أدي الي كل الوان الفساد. وأشار الي تأكيد الامام الحسين(ع) علي «هيهات من الذلة» حينما خرج علي يزيد بن معاوية قائلاً: هذا الشعار اسلامي ينطلق من شعارات الاسلام الذي أكده الله تعالي في كتابه العزيز عندما قال "ولله عزة ولرسوله ومؤمنين" بمعني أن عزة المؤمن هي مستمدة من عزة رسول الله(ص) ومستمدة من عزة الله وبالتالي لايمكن للانسان أن يتنازل عن هذه العزة لان هذا يعني أنه سيعيش حالة من الذل ويفسر ذلك الامام جعفر الصادق(ع) في بعض الروايات يقول فيها "إنّ اللَّهَ فوّضَ إلى المؤمِن أُمورَهُ كلَّها ولم يفوِّض إليهِ أن يُذِلَّ نفسه أَن يَكونَ ذَليلاً أَما تَسمَعُ اللّه تَعالى يَقولُ: (وَ لِلّهِ العِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلمُؤمِنينَ)؟ فَالمُؤمِنُ يَكونُ عَزيزا وَلا يَكونُ ذَليلاً" بمعني انه لا يمكن للانسان المؤمن أن يقبل بالظلم سواء كان الظلم علي المستوي السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي بحيث المؤمن والمسلم لايمكن الا أن يكون كما أراده الله سبحانه وتعالي ولابد أن يفوض وجوده من موقع العزة التي هي مستمدة من عزة الله تعالي وعزة رسوله. وتبين لنا خطوطاً لمن ينصرون الامام الحسين(ع) بقيمه وحضارته في عصرنا الحاضر مؤكداً: اعتقد أنه علينا أن نتحرك في خطين لان كثيراً من الناس قدلايفهمون الجوهر الحقيقي لحركة الامام الحسين(ع) وعلينا أن نتحرك في الاتجاه الاول للمسلمين الآخرين الذين ربما لن يعيشوا ما نعيش من هذه القيم التي نراها في عاشوراء انطلاقاً من كثير من التعقيدات التاريخية وغيرها علينا ان نربط الامام الحسين(ع) بقيم الاسلام وبما جاء به النبي(ص) وبما أكده القرآن الكريم لنؤكد للمسلمين جميعاً بان الامام الحسين(ع) كان اسلامياً ولم يكن مذهبياً، كان اسلامياً ينطلق من شعارات الاسلام وينطلق من خطوط الاسلام ومن قواعد الاسلام الشرعية والاخلاقية والانسانية ليشعر المسلمون بأن واقعة عاشوراء التي انطلقت في سنة 61 للهجرة كانت حركة اسلامية لترسيخ الاسلام الذي ينبغي للمسلمين ان يستلهموا منه قواعد حركتهم في كيفية ادارتهم لمشاكلهم وتحدياتهم الداخلية لان الامام الحسين(ع) امام قام بنفس حركة رسول الله(ص) في اصلاح الامة وهو سيد شباب اهل الجنة ولايمكن بمن هو سيد شباب اهل الجنة أن ينطلق في خط يناقض حركة الاسلام. واوضح: علينا في خط آخر أن ينطلق بالامام الحسين(ع) الي العالم لان الامام(ع) كان رمزاً للحرية والروحانية ولعمق الفكر وكان رمزاً لتمازج بين القيمة الاخلاقية وبين الحركة السياسية وحركة المعارضة الاسلامية وما الي ذلك وبهذه اللغة يستطيع العالم المعاصر أن يكتشف من خلالها قيم الامام الحسين(ع) وكثيراً من العناصر الرمزية القيمية لمواجهة التحديات التي نراها اليوم كـ "التفكك علي المستوي الاجتماعي والطبقية علي مستوي الطبقات الاجتماعية من الاغنياء والفقراء وحتي الدول الغنية والفقيرة وما الي ذلك". وقال السيد جعفر فضل الله: لذلك نستطيع ان نجعل من الامام الحسين(ع) نقطة تبشير ونموذج نقدمه الي العالم كله في الفضيلة ليعرف العالم كيف يمكن ان تُلقي حركة الاصلاح والقيم والاخلاق والانسانية والارتباط بالله سبحانه وتعالي والعودة الي الفطرة الانسانية وكيف يمكن ان تلقي كل حالة من حالات الجشع والطبقية والاستكبار وما الي ذلك. وأضاف: أعتقد بأنه علينا نحن المسلمين الشيعة مسئولة كبيرة في هذا المجال وهذا لا يمكن أن يطلع به شخص أو تطلع به فئة منهم فلابد أن تتظافر جهودهم جميعاً في سبيل أن يتدارسوا أمورهم يستحق الامام الحسين(ع) في القرن الواحد والعشرين منا أن نقيم مؤتمرات يتدارس فيها كيفية تعريف صورة الامام الحسين(ع) الحقيقية في عمقه الانساني وفي عمقه الاسلامي. وأكد في الختام: علينا أن نضيف الي هذه الانشطة المؤتمرات والندوات والدراسات والبحوث التي تنطلق من القواعد العلمية الثابتة والراسخة تستطيع ان تطلق الامام الحسين(ع) في المدي الاوسع من الدائرة التي نعيش فيها ذكراه اليوم، لان الامام الحسين(ع) ليس رمزاً شيعياً بالمعني المذهبي الضيق بل انما هو رمز اسلامي انساني حضاري يستطيع الجميع ان يستمر مسيره و يرسخ مبادئه في مجتمعات المعاصر. المصدر : ايكنا