الشیعة بین اصطحاب النبی (صلى الله علیه وآله وسلم)لأبی بکر ومبیت علی فی فراش النبی

عندما هاجر النبیّ(صلى الله علیه وآله) إلى المدینة اصطحب معه أبا بکر وقد منحه النجاة بذلک ، ومن جهة أُخرى جعل علیّاً فی معرض الخطر . والسؤال: أیّهما أفضل : الذی اصطحبه معه ، أم الذی ترکه عُرضةً للموت والهلاک ؟ وإذا کان علیٌّ

عندما هاجر النبیّ(صلى الله علیه وآله) إلى المدینة اصطحب معه أبا بکر وقد منحه النجاة بذلک ، ومن جهة أُخرى جعل علیّاً فی معرض الخطر . والسؤال: أیّهما أفضل : الذی اصطحبه معه ، أم الذی ترکه عُرضةً للموت والهلاک ؟ وإذا کان علیٌّ یعلم بأنّه لا یُقتل وهو فی فراش النبیّ(صلى الله علیه وآله)فهو إذن لم یکن فی معرض الخطر ، وبالتالی لا یمکن أن یکون نومه فی فراش النبیّ(صلى الله علیه وآله)فضیلة ومنقبة له ؟ الجواب : عندما عزم النبیّ(صلى الله علیه وآله) على الهجرة لم یقم بتقسیم أصحابه إلى قسمین بحیث یجعل قسماً معه حتّى یحفظهم من القتل ، ویجعل قسماً آخر فی معرض القتل ویُعرّض أرواحهم للخطر . فإن المعتاد فی الحروب ومیادین القتال إبعاد الضعفاء من ساحة المعرکة والمواجهة مع العدوّ ، وذلک بنقلهم إلى مناطق آمنة ، وفی المقابل الإبقاء على العناصر القویّة والکفوءة فی الصفوف الأُولى لجبهات القتال والمواجهة . وذلک هو ما قام به النبیّ(صلى الله علیه وآله) . أمّا النوم فی فراش النبیّ(صلى الله علیه وآله) والتضحیة بالنفس فی سبیل الهدف المقدّس فهو شأن الرجال العظام الذین یُؤثِرون بقاء الدِّین ونصرته على أیّ شیء آخر ، وفی تلک الظروف لم یکن لأحد أن یتصدّى لتلک المهمّة العظیمة غیر علیّ(علیه السلام) . ولذلک جعله النبیّ(صلى الله علیه وآله) فی مکان نومه حتّى یوهم الأعداء ببقائه وعدم مغادرته لبیته . وقد أثنى القرآن الکریم على تلک التضحیة العظیمة من أمیر المؤمنین(علیه السلام)بقوله تعالى : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)([1]) . لذا فإنّ هذا العمل العظیم الذی قام به الإمام(علیه السلام) والذی قلَّ نظیره فی تاریخ البشریّة ، لا یمکن اعتباره عملاً عدیم الأهمّیة ـ کما توهّم السائل ـ وأنّه یدلّ على عدم اهتمام النبیّ(صلى الله علیه وآله) بشخص علیّ(علیه السلام) بحیث جعله فی معرض الخطر ، فهذا کلامٌ بعید کلّ البُعد عن الإنسانیّة وروح الإنصاف والعقلانیّة . أمّا ما ربما یقال بأن علیاً علم بأنّه لا یُقتل... فهو کلامٌ بلا أساس ، لأنّ ذلک جاء فی التاریخ بشکل مغایر ، فبعد لیلة الهجرة بلیلتین تشرّف الإمام علیّ(علیه السلام) ـ وکان بصحبته هند بن أبی هالة ـ بزیارة النبیّ(صلى الله علیه وآله) فی إحدى اللیالی ، حیث قال له النبیّ(صلى الله علیه وآله) : «إنّهم لن یصلوا إلیک من الآن بأمر تکرهه»([2]) ; فقوله لن یصلوا... الخ، دلیل على أن النبی (صلى الله علیه وآله وسلم)أخبر علیاً (علیه السلام)بأنّه لا یصل إلیه أی مکروه من تلک الساعة دون الساعات المتقدمة فقد کان الخطر محدقاً به.   [1] . البقرة : 207 . لاحظ : أُسد الغابة : 4 / 25 . [2] . جاء بهذه الجملة ابن هشام والطبری وابن الأثیر .


| رمز الموضوع: 12768