لقد کان علی رجلاً شجاعاً ، فلماذا لم یطالب بحقه بعد رحیل النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم)، ولماذا لم یعترض على من سبقه من الخلفاء؟

الجواب : هذا السؤال هو تکرار للسؤال الثانی والخامس ، ولقد قلنا هناک أنّ علیّاً لم یبایع الخلفاء ، ولکنه لأجل حفظ الإسلام وهدایة الخلفاء عمل معهم کمستشار ، ولقد أکّد بنفسه(علیه السلام) بأنّ حفظ الإسلام وحفظ وحدة الأُمّة أولى عنده من الم

الجواب : هذا السؤال هو تکرار للسؤال الثانی والخامس ، ولقد قلنا هناک أنّ علیّاً لم یبایع الخلفاء ، ولکنه لأجل حفظ الإسلام وهدایة الخلفاء عمل معهم کمستشار ، ولقد أکّد بنفسه(علیه السلام) بأنّ حفظ الإسلام وحفظ وحدة الأُمّة أولى عنده من المطالبة بحقّه فی الخلافة . فقد کتب فی رسالة لأبی موسى الأشعری جاء فیها : « . . . ولیس رجلٌ أحرص على جماعة أُمّة محمّد(صلى الله علیه وآله) وأُلفتها منّی أبتغی بذلک حسن الثواب وکرم المآب . . .»([1]) . وأمّا دعوى عدم انتقاده للخلفاء فقد انتقد الخلفاء واحتجّ على خلافته بحدیث الغدیر وغیره ، إلاّ أنّه لم یکن من أصحاب الدُّنیا حتّى یقوم بحرق الأخضر والیابس من أجل المنصب والمقام ـ رغم أنّه على حقّ ـ فیتسبّب فی تفرّق المسلمین وتزلزل أصل الإسلام . ولنستمع إلى ما ذکر ابن قتیبة فی «الإمامة والسیاسة»: قال: ثم إنّ علیاً أُتی به إلى أبی بکر وهو یقول أنا عبدالله وأخو رسوله، فقیل له: بایع أبا بکر، فقال: أنا أحقُّ بهذا الأمر منکم لا أُبایعکم، وأنتم أولى بالبیعة لی، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم علیهم بالقرابة من النبی، وتأخذونه منا أهل البیت غصباً، ألستم زعمتم للأنصار أنّکم أولى بهذا الأمر منهم لمّا کان محمد منکم، فأعطوکم المقادة، وسلَّموا إلیکم الأمارة، وأنا أحتجّ علیکم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، نحن أولى برسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم)حیّاً ومیتاً فأنصفونا إن کنتم تؤمنون وإلاّ فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال له عمر: إنک لستَ متروکاً حتّى تبایع، فقال له علی: أُحلب حلباً لک شطره، وشدّ له الیوم یرده علیک غداً. ثم قال: والله یا عمر لا أقبل قولک ولا أُبایعه، فقال له أبو بکر: فإن لم تبایع فلا أُکرهک. (ثم قال علی فی جواب أبی عبیدة ابن الجراح): الله الله یا معشر المهاجرین، لا تخرجوا سلطان محمد فی العرب عن داره وقعر بیته إلى دورکم، وقعور بیوتکم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه فی الناس وحقه، فوالله یا معشر المهاجرین لنحن أحق الناس به لأنا أهل البیت، ونحن أحق بهذا الأمر منکم ما کان فینا القارئ لکتاب الله، الفقیه فی دین الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعیة، الدافع عنهم الأُمور السیئة، القاسم بینهم بالسویة، والله إنّه لفینا، فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبیل الله فتزدادوا من الحق بُعداً. فقال بشیر بن سعد الأنصاری: لو کان هذا الکلام سمعته الأنصار منک یا علی قبل بیعتها لأبی بکر ما اختلفت علیک اثنان. (ثم قال) قال علی: أفکنت أَدَعُ رسول الله فی أهل بیته لم أدفنه، وأخرج أُنازع الناس سلطانه؟([2])   [1] . نهج البلاغة ، الکتاب رقم : 78 . [2] . الإمامة والسیاسة: 18 و 29، ط . مصر.


| رمز الموضوع: 12774