لماذا لم یأت ذکر طاعة الأئمّة فی القرآن کما جاء ذکر طاعة الله وطاعة الرسول(صلى الله علیه وآله) ؟

إذا کان شرط النجاة یوم القیامة هو طاعة الأئمّة المعصومین مقترنة بطاعة الله والرسول(صلى الله علیه وآله) ، فلماذا لم یأت ذکر طاعة الأئمّة فی القرآن کما جاء ذکر طاعة الله وطاعة الرسول(صلى الله علیه وآله) ؟([1]) الجواب : إنّ من أرکان الإسلام

إذا کان شرط النجاة یوم القیامة هو طاعة الأئمّة المعصومین مقترنة بطاعة الله والرسول(صلى الله علیه وآله) ، فلماذا لم یأت ذکر طاعة الأئمّة فی القرآن کما جاء ذکر طاعة الله وطاعة الرسول(صلى الله علیه وآله) ؟([1]) الجواب : إنّ من أرکان الإسلام طاعة الله وطاعة الرسول ، والآیات التی ذکرها السائل لیست فی مقام بیان کلّ أرکان الإیمان ، والشاهد على ذلک آیات أُخرى توجب طاعة أُولی الأمر حیث یقول تعالى : (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِی الاَْمْرِ مِنْکُمْ)([2]) . فهنا ذکر (إطاعة أُولی الأمر) بعد أن ذکر إطاعة المقامین السابقین . وفی آیة أُخرى یأمر الله تعالى بعدم إفشاء أسرار المسائل الحسّاسة أمام الآخرین ، وإنّما یجب إرجاعها إلى أُولی الأمر حیث قال عزَّ من قائل : (وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ اْلأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِی اْلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ إِلاّ قَلِیلاً)([3]) . فلا یکون خلوّ الآیتین عن ذکر الأئمة دلیلاً على عدم وجوب طاعتهم إذا دلّت الأدلّة على وجوب طاعتهم وقد ثبت فی محله أنّ المراد بـ (أُوْلِی الاَْمْرِ) هم الأئمة المعصومون فتکون طاعتهم مذکورة فی الذکر الحکیم . أضف إلى ذلک: أنّ الله عزّ وجلّ أمرنا بطاعة الرسول ، والرسول بدوره أمرنا بطاعة الثقلین . ثم أنّ أهل السنة یرون وجوب إطاعة ولاتهم مع أنّها غیر مذکورة فی الآیتین، یقول أحمد بن حنبل فی إحدى رسائله: «السمع والطاعة للأئمّة ، وأمیر المؤمنین ، البرّ والفاجر ، ومن ولّی الخلافة فاجتمع علیه الناس ورضوا به ، ومن غلبهم بالسیف وسمّی أمیر المؤمنین ، . . . لیس لأحد أن یطعن علیهم وینازعهم . . .».([4]) وهناک رسالة لأبی جعفر الطحاوی تُدرَّس الیوم فی جامعة المدینة المنوّرة تحت عنوان «بیان السنّة والجماعة» یقول فیها : «ولا نرى الخروج عن أئمّتنا وولاة أُمورنا ، وإن جاروا ولا ندعو علیهم ، ولا ننزع یداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عزّ وجلّ فریضة».([5]) وجامع الأسئلة من الانترنت لیس له أدنى اطّلاع بشأن مقام الإمامة بل لم یفهم رأی المدرسة والمذهب الّذی ینتمی إلیه  ، ولا علم له بما نقلته کتب الحدیث عندهم حول هذا الموضوع ; فقد جاء فی أحادیث یرویها أهل السنّة أنفسهم : «من مات ولم یکن فی عنقه بیعة إمام مات میتةً جاهلیّة».([6]) ومن خلال هذا الحدیث نقول : إذا کان واقعاً أنّ الطاعة منحصرة فی الله والرسول فقط فما معنى تأکید النبیّ(صلى الله علیه وآله) على بیعة کلّ مسلم لإمام الزمان الذی یعیش فیه ، بل یصل به الأمر إلى تحذیر المسلمین من الموت قبل أخذ البیعة لإمام زمانهم ، وإلاّ فإنّ موتهم سیکون بمثابة الموت على الجاهلیّة . وحقیقة الأمر أنّ السائل تصوّر أنّ المراد من الإمام هو أحد الخلفاء الأمویین أو العباسیین الذین صاروا أئمة للضلال والفساد ولذلک عجب من القول بأنّ طاعتهم شرط لدخول الجنة، ولذلک قال: «وإنّما وجب ذکر طاعة الرسول بعد طاعة الله کشرط لدخول الجنّة، لأنّ الرسول مبلغ عن الله ولأنّ طاعته طاعة لمن أرسله أیضاً، ولما لم یثبت لأحد بعد رسول الله جانب التبلیغ عن الله، فالله علّق الفلاح بطاعة رسوله دون أمر الآخرین ».([7]) وما ذکره حق فی الولاة الذین أمر ابن حنبل والطحاوی بطاعتهم فإنّ طاعتهم لیست شرطاً لدخول الجنة بل ربّما تکون سبباً لدخول النار. وأمّا «الإمام» المنصوب من قبل الله سبحانه بواسطة رسوله (صلى الله علیه وآله وسلم)فعنده ما عند النبی من العلم وأحکام الله سبحانه وهوأحد الثقلین کما فی الحدیث المتواتر، وکسفینة نوح الّتی من رکبها نجا ومن تخلف عنها غرق، فطاعة هکذا إمام، شرط لدخول الجنة، لأنّه مبلغ عن الله سبحانه عن طریق نبیه (صلى الله علیه وآله وسلم)، لأنّه عیبة علم الرسول وباب علمه. وهل یلتزم هو بتطبیق هذه القاعدة على أبی بکر وعمر وعثمان فلا تکون طاعتهم واجبة عنده؟!! وآفة فهم السائل أنّه لم یعرف معنى الإمام لدى الشیعة وما یراد منها فی روایاتهم. ولأجل هذه المکانة العظیمة والمقام الرفیع الذی یحظى به منصب الإمامة عند النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله وسلم)، فقد عمد النبیّ(صلى الله علیه وآله) والأئمّة من بعده إلى بیان هذا المقام الذی یتمتّع به الإمام المعصوم ، وکذا الوظائف الموکلة إلیه من قِبل الله تعالى . ولکی لا یحتار الناس فی شأن الإمام المنصوص علیه من قِبل الله تعالى ، ولا یلتبس علیهم الأمر فیه ، قام الأئمّة بتفسیر الآیات التی تتحدّث عن الإمام وخصائصه . وحصیلة الکلام: أنّ الآیتین اللّتین أوردهما السائل لم تکونا فی مقام بیان جمیع ما هو مطلوب من المسلم ومسؤول عنه.   [1] . هذه خلاصة للسؤال، وقد استشهد جامع الأسئلة هنا بالآیتین 13 و 68 من سورة النساء. [2] . النساء : 59 . [3] . النساء : 83  . [4] . تاریخ المذاهب الإسلامیّة ، لمحمّد أبو زهرة : 2 / 322 . [5] . شرح العقیدة الطحاویّة : 110 ـ 111 . [6] . مسند أحمد : 2 / 96 . [7] . أسئلة قادت شباب الشیعة إلى الحق : 54 .


| رمز الموضوع: 12805