الخلفاء الثلاثة هم من الذین بایعوا الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم)تحت الشجرة

لا یستطیع الشیعة أن ینکروا أنّ أبا بکر وعمر وعثمان قد بایعوا الرسول(صلى الله علیه وآله) تحت الشجرة «فی بیعة الرضوان» وأنّ الله أخبر بأنّه قد رضی عنهم وعلم ما فی قلوبهم .([1]) الجواب : أوّلاً : عندما یتعرّض مجتمع من المجتمعات إلى ا

لا یستطیع الشیعة أن ینکروا أنّ أبا بکر وعمر وعثمان قد بایعوا الرسول(صلى الله علیه وآله) تحت الشجرة «فی بیعة الرضوان» وأنّ الله أخبر بأنّه قد رضی عنهم وعلم ما فی قلوبهم .([1]) الجواب : أوّلاً : عندما یتعرّض مجتمع من المجتمعات إلى المدح والثناء، فلیس معناه شمول هذا المدح جمیع أفراد ذلک المجتمع فرداً فرداً ، بل ذلک المدح والثناء یکون لائقاً بالمجتمع ککلّ ، فمثلاً عندما نقول إنّ طلبة الجامعة الفلانیّة مجدّون ومجتهدون فلیس معناه انطباق هذا الوصف على کلّ طالب فی الجامعة ; لأنّه قد یکون هناک طالب غیر مجدّ وغیر مجتهد ، بل المقصود هو وصف الحالة العامّة التی تسود تلک الجامعة ککلّ . وأفضل ما یمکن الاستدلال به فی هذا المقام من تاریخ المسلمین ، هو وجود عبدالله بن أُبیّ زعیم المنافقین بینهم ، فقد کان من المشارکین فی بیعة الرضوان هو وأتباعه فبایعوا النبیّ(صلى الله علیه وآله) ، ولو أنهم امتنعوا عن البیعة لذکرهم التاریخ . وهنا نسأل السائل : هل یمکن الاستدلال بالآیة (آیة الرضوان) على استقامة عبدالله بن أُبیّ وأتباعه من المنافقین ، وهل یمکن لنا أن نصفهم بالأفضلیّة ؟! ثانیاً : إنّ المتدبر فی آیة الرضوان یجد أنّ رضا الله تعالى لم یکن مطلقاً ، بل کان مختصّاً بالوقت الذی تمّت فیه البیعة فقط، قال سبحانه: (لَقَدْ رَضِیَ اللهُ عَنْ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبَایِعُونَکَ . . .)([2]) ; بمعنى أنّ الله رضی عن المبایعین لرسول الله(صلى الله علیه وآله) فی ذلک الوقت بالتحدید ، وهذا لا یکون دلیلاً على بقاء ذلک الرضا واستمراره إلى آخر العمر . وعلى ضوء ما ذکرنا فإن رضا الله سبحانه کان محدداً بوقت خاص، فلو صدر ـ من أحد الذین رضی الله عنهم فی ذلک الوقت ـ ما یوجب السخط بعد ذلک کان بمنزلة أنّه نکث بیعته ، فلا یکون ذلک دلیلاً على خلاف مفاد الآیة لأنّها لم تخبر عن رضا الله سبحانه عنهم فی عامة أحوالهم إلى یوم القیامة . ولذلک نرى أنّه سبحانه یقول فی حقهم فی آیة أُخرى: (إِنَّ الَّذِینَ یُبَایِعُونَکَ إِنَّمَا یُبَایِعُونَ اللهَ یَدُ اللهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّمَا یَنْکُثُ عَلَى نَفْسِهِ... )([3]). فالآیة ناظرة إلى الذین بایعوا النبی (صلى الله علیه وآله وسلم)تحت الشجرة ومع ذلک یستدرک ویقول: (فَمَنْ نَکَثَ فَإِنَّمَا یَنْکُثُ عَلَى نَفْسِهِ)([4]). فتکون النتیجة أنّه قد عمّهم رضا الله سبحانه على وجه الاقتضاء لا على وجه العلّة التامة، فلو ثبت فی التاریخ نکث البیعة أو انتهاک الحرمة، أو غیر ذلک من المعاصی فلا یمکن الاستدلال بالآیة على نزاهة الناکثین والهاتکین للحرمة. إنّ الأعمال الصالحة لا تُعدّ دلیلاً قطعیاً على حسن مصیر الإنسان وقطعیته، ولذا روى البخاری حدیثاً عن النبی، جاء فی آخره: «إنّما الأعمال بالخواتیم ».([5]) إذ ربّ إنسان صالح فی أوائل حیاته یتبدل فی أُخریات عمره إلى إنسان طالح، وربّما کان العکس. وبهذا تبیّن أنّ الآیات المادحة للمهاجرین والأنصار یستدل بها على حسن سلوکهم مالم یدل دلیل على خلاف ذلک، فیؤخذ بالثانی من دون أن یکون هناک تعارض بین الدلیلین.   [1] . الفتح: 15 . [2] . الفتح : 18 . [3] . الفتح: 10. [4] . الفتح: 10 . [5] . صحیح البخاری: 4 / 233، کتاب القدر، الباب 5، الحدیث 7 .


| رمز الموضوع: 12808