أحقیّة الحسن والحسین (علیهما السلام)بالإمامة مقابل کبار الصحابة

یزعم الشیعة أنّ علیّاً کان أحقّ الناس بالإمامة لثبوت فضله على جمیع الصحابة ، ولکثرة فضائله دونهم ، فنقول : هبکم وجدتم لعلیّ(علیه السلام)فضائل معلومة کالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله(صلى الله علیه وآله)وسعة العلم والزهد ، فهل وجد

یزعم الشیعة أنّ علیّاً کان أحقّ الناس بالإمامة لثبوت فضله على جمیع الصحابة ، ولکثرة فضائله دونهم ، فنقول : هبکم وجدتم لعلیّ(علیه السلام)فضائل معلومة کالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله(صلى الله علیه وآله)وسعة العلم والزهد ، فهل وجدتم مثل ذلک للحسن والحسین(علیهما السلام) فی مقابل سعد بن أبی وقّاص وعبد الرحمن بن عوف وعبدالله بن عمر وغیرهم من المهاجرین والأنصار ؟ الجواب : حاول جامع الأسئلة التظاهر بالخضوع وقبول وجود فضائل ومناقب لعلیّ(علیه السلام) لکی ینفی فضائل ومناقب سیّدی شباب أهل الجنّة وریحانتی رسول الله(صلى الله علیه وآله) ! إنّنا نثبت أفضلیّة هذین الإمامین الهُمامین على الأشخاص المذکورین بدلائل قاطعة یقبلها علماء أهل السنّة ، بل إنّنا نعتبر هذا النوع من المقارنة انتقاصاً من مقام هذین الإمامین المعصومین(علیه السلام) . فنقول : هل نزلت آیة التطهیر فی حقّ الحسن والحسین(علیهما السلام) أم فی حقّ أُولئک الثلاثة ؟! ینقل مسلم فی صحیحه عن عائشة قالت : «خرج رسول الله(صلى الله علیه وآله) غداةً وعلیه مرط مُرحل ، من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علیّ فأدخله ، ثمّ جاء الحسین فدخل معه ، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ، ثمّ جاء علیّ فأدخله ، ثمّ قال : (إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً).([1]) وهل نزلت آیة المباهلة فی حقّ الحسن والحسین(علیه السلام) وأُمّهما بنت النبیّ(صلى الله علیه وآله)وابن عمّه العزیز ، أم نزلت فی حقّ أُولئک الأشخاص الثلاثة ؟! فی حین أنّ اصطحاب النبیّ(صلى الله علیه وآله) لأهل بیته لمباهلة نجران کانت علامة واضحة على أنّه لم یکن هناک شخص واحد بین جمیع المسلمین مُستجاب الدعاء سوى هؤلاء الأربعة من أهل بیته ، وإلاّ لاصطحبه النبیّ(صلى الله علیه وآله) بدلهم. وینقل مسلم فی صحیحه ما قاله معاویة لسعد بن أبی وقّاص : «ما منعک أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال : أمّا ما ذکرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله(صلى الله علیه وآله)فلن أسبّه ، لأن تکون لی واحدة منهنّ أحبُّ إلیَّ من حمر النعم ; سمعت رسول الله(صلى الله علیه وآله) یقول له حینما خلّفه فی بعض مغازیه ، فقال له علیّ : یا رسول الله خلّفتنی مع النساء والصبیان ؟ فقال له رسول الله : «أما ترضى أن تکون منّی بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدی... ولمّا نزلت هذه الآیة: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَکُمْ) دعا رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم)علیاً وفاطمة وحسناً وحسیناً فقال: اللّهم هؤلاء أهلی»([2]) . فهل هذه الفضائل وردت فی حقّ الأشخاص الثلاثة المذکورین  ؟! إنّ من وظائف المسلمین مودة أهل البیت وبالتالی التأسّی بهم لکی یتمکنوا من الوصول إلى الکمالات التی کان أهل البیت یتمتّعون بها . وقد نزلت آیة المودّة تأمر بمودّتهم کثمن قلیل فی حقّهم على الرسالة التی جاء بها النبیّ(صلى الله علیه وآله) وکانت سبباً فی هدایة المسلمین ، قال تعالى : (قُلْ لاَ أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبَى)([3]) .([4]) فهل مودّة الأشخاص الثلاثة وحبّهم یُعدّ أیضاً أجراً على الرسالة ؟! ینقل البخاری ومسلم عن أبی هریرة عن النبیّ(صلى الله علیه وآله) أنّه قال بحق الحسین (علیه السلام): «اللّهمَّ إنّی أحبّه فأحبّه ، وأحبب مَن یُحبّه» . وعن البراء بن عازب قال : رأیت رسول الله(صلى الله علیه وآله) واضعاً الحسن بن علیّ على عاتقه وهو یقول : «اللّهُمَّ إنّی أحبّه فأحبّه»([5]) . ونحن هنا لا نرید التحدّث عن «سعد بن أبی وقّاص» الذی تمرّد على بیعة أمیر المؤمنین علیّ (علیه السلام) حینما بایعه المهاجرون والأنصار . وأمّا عبد الرحمن بن عوف الزُهری فقد اکتسب ثروة طائلة لم یسبق لها مثیل فی تاریخ المسلمین الأوائل ، وذلک على إثر انتخابه لعثمان للخلافة من بین الأشخاص الستّة الذین عیّنهم عمر بن الخطّاب ، حیث بلغت ثروته لدرجة أنّ کلّ واحدة من زوجاته الأربعة ـ بعد وفاته ـ أخذت ثمانین ألف دینار ، کربع الثمن من ثروته بعد موته ، وما علیک إلاّ أن تقرأ بالتفصیل ما أجملناه . فلقد وصل الأمر بکثرة السبائک الذهبیّة التی ترکها عبد الرحمن بن عوف إلى أن تمّ تکسیرها بالفؤوس ومَجُلَتْ أیدی حملة تلک الفؤوس([6]) . یحدث هذا کلّه فی وقت کان الکثیر من المسلمین بالمدینة وأطرافها لا یجدون قطعة خبز یرفعون بها ألم الجوع!! ولا نقول شیئاً حول عبدالله بن عمر ، فقد کان یُعد فی جانبی الإدارة والسیاسة عاجزاً وتنقصه الکفاءة والخبرة باعتراف أبیه; فحینما أشار علیه بعضهم باستخلاف ولده عبدالله ، قال : کیف استخلف رجلاً عجز عن طلاق امرأته!!([7]) . وعلى أیّ حال ، فنحن نترحّم على جمیع أصحاب النبیّ(صلى الله علیه وآله) ، ما عدا أُولئک الذین أظهروا العداوة لأهل بیت الرسالة(علیهم السلام) ، وفی المقابل نجد أنّ جامع الأسئلة یحاول عبثاً الحطّ من مقام أهل البیت(علیهم السلام) ، والرفع من شأن أعدائهم.   [1] . صحیح مسلم: 7 / 130  ، باب فضائل أهل بیت النبیّ ، برقم 2424 . [2] . المصدر السابق: 7 / 119 ، باب فضائل أهل بیت النبیّ، برقم 2404 . [3] . الشورى : 23 . [4] . لاحظ : تفسیر الطبری : 25 / 14 ; مستدرک الحاکم : 3 / 172 وغیرهما . [5] . صحیح البخاری: 4 / 216  ، برقم 3747 ; صحیح مسلم: 7 / 130، برقم 2421 . [6] . طبقات ابن سعد : 3 / 96 ; صفة الصفوة لابن الجوزی : 1 / 138 ; الریاض النضرة : 2 / 291 ; تاریخ الیعقوبی : 2 / 146 . [7] . سنن البیهقی : 7 / 324 ـ 325; تاریخ الطبری: 3 / 292 .


| رمز الموضوع: 12823