مبدأ التقیه و تعارضها مع حدیث لعلی

یروی الشیعة عن علیّ(علیه السلام) أنّه لمّا خرج على أصحابه محزوناً یتنفّس ، قال : «کیف أنتم وزمان قد أظلّکم تعطّل فیه الحدود ، ویتّخذ المال فیه دُولاً ، ویُعادى فیه أولیاء الله ، ویُوالى فیه أعداء الله ؟ قالوا : یا

یروی الشیعة عن علیّ(علیه السلام) أنّه لمّا خرج على أصحابه محزوناً یتنفّس ، قال : «کیف أنتم وزمان قد أظلّکم تعطّل فیه الحدود ، ویتّخذ المال فیه دُولاً ، ویُعادى فیه أولیاء الله ، ویُوالى فیه أعداء الله ؟ قالوا : یا أمیر المؤمنین فإن أدرکنا ذلک الزمان فکیف نصنع ؟ قال : کونوا کأصحاب عیسى(علیه السلام)نُشروا بالمناشیر وصُلبوا على الخشب ، موتٌ فی طاعة الله عزّ وجلّ خیرٌ من حیاة فی معصیة الله» . فأین هذا من التقیّة ؟ الجواب : التقیّة أصلٌ قرآنیّ وعقلانی ولا یمکن لأحد إنکاره، والآیتان التالیتان أوضح دلیل علیه: 1 ـ (إِلاَّ مَنْ أُکْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْیمَانِ)([1]) . 2 ـ (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)(2) . ولکن للتقیّة حدود وضوابط ، فلو تعرّض أصل الدِّین للزوال أو توقّف الأمر على إحدى الکبائر کإراقة دم المؤمن أو محاربة أولیاء الله ، فتکون التقیّة حینئذ حراماً ، وکلام أمیر المؤمنین(علیه السلام) السابق ناظر إلى هذه الموارد التی لا تجوز فیها التقیّة . والجملة التی تقول : «خیرٌ من حیاة فی معصیة الله» ناظرة إلى حدّ التقیة. لقد بسط معاویة سلطانه على جمیع البلدان الإسلامیّة بعد ستّة أشهر من هذه الخطبة التی ألقاها أمیر المؤمنین علیّ(علیه السلام) ، حیث قام معاویة بتقریب أصحاب الباطل وأغدق علیهم الأموال الطائلة ولاحق المطالبین بالحقّ والعدل فی کلّ الأصقاع وقضى علیهم ، والإمام(علیه السلام) فی هذا الزمان یقول حذارَ من أن تکونوا مع معاویة وأصحابه وتشارکوا فی جرائمهم ، ولذلک فإنّ الشیعة فی ذلک الوقت لم یقفوا مع معاویة ، رغم کلّ محاولاته لإغرائهم بالمال ، أو عن طریق إبادتهم بالقتل الجماعی ، کما فعل مع حجر بن عدیّ وعمرو الحمق من الصحابة الأجلاّء.   [1] . النحل : 106 .      2 . آل عمران : 28 .


| رمز الموضوع: 12833