مدح علی (علیه السلام)لأبی بکر وعمر وحملها على التقیة

ینقل صاحب کتاب «نهج البلاغة» مدح علیّ(علیه السلام) لأبی بکر وعمر ، کقوله عن أبی بکر : «ذهب نقیّ الثوب قلیل العیب أصاب خیرها وسبق شرّها ، أدّى إلى الله طاعته واتّقاه بحقّه» ، ولکن الشیعة حملوا کلام علیّ(علیه السل

ینقل صاحب کتاب «نهج البلاغة» مدح علیّ(علیه السلام) لأبی بکر وعمر ، کقوله عن أبی بکر : «ذهب نقیّ الثوب قلیل العیب أصاب خیرها وسبق شرّها ، أدّى إلى الله طاعته واتّقاه بحقّه» ، ولکن الشیعة حملوا کلام علیّ(علیه السلام) هذا على التقیّة وأنّه قاله من أجل استصلاح من یعتقد صحّة خلافة الشیخین واستجلاب قلوبهم ، فهل یظهر علیّ(علیه السلام) غیر ما یُبطن وهو المعروف بالشجاعة وقول الحقّ ؟ الجواب : یعنی جامع الأسئلة الخطبة 223 من نهج البلاغة حیث بدأت الخطبة بجملة «لله بلاء وفلان» ولم یذکر هناک لا اسم أبی بکر ولا اسم عمر ، وإنّما ذکر کلمة «فلان» ، ثمّ إنّ هنا أُموراً : أوّلاً : هذه الخطبة نقلها المغیرة بن شعبة وهو من ألدّ أعداء أهل البیت(علیهم السلام) ، وبالتالی لا یکون لها اعتبار ولا یُعتمد علیها . ثانیاً : اختلف شارحو نهج البلاغة فی بیان المقصود من کلمة «فلان» فی هذه الخطبة : 1 ـ فالقطب الراوندی یقول : إنّ الإمام علیّاً(علیه السلام) کان فی مقام المدح والثناء لبعض أصحابه الذین لم یتلوّث بالفتنة التی حدثت بعد وفاة رسول الله(صلى الله علیه وآله) . 2 ـ وابن أبی الحدید المعتزلی یقول : إنّ المقصود من فلان هو عمر ابن الخطّاب . 3 ـ والطبری یقول : هذه الجملة لابنة «أبی حثمة»، شاعرة کانت تُرثی الموتى بالمدینة ولیست لأمیر المؤمنین(علیه السلام) . فعندما مات عمر جاءت ابنة أبی حثمة تبکی وجعلت تُرثی عمر وعندها قالت تلک الجملة المذکورة . یقول المغیرة : عندما دفنوا عمر ، ذهبت إلى بیت علیّ(علیه السلام) أسمع منه شیئاً حول عمر ، فرأیت علیّاً قد خرج من بیته وعلیه أثر الغُسل والماء یتقاطر من رأسه وهو یقول : «رحم الله ابن الخطّاب لقد قالت بنت أبی حثمة صدقاً ، لقد أخذ خیر الخلافة معه ، ونجا من شرّها «أصاب خیرها وسبق شرّها» فوالله ما قالت بل قوّلت»، والمقصود من شرّ الخلافة الأوضاع السیّئة التی ستکون فی أیّام عثمان . 4 ـ وینقل ابن شبّة عن عبدالله بن مالک بن عیینة الأزدی قال : لمّا انصرفنا مع علیّ(علیه السلام)من جنازة عمر دخل فاغتسل ، ثمّ خرج إلینا فصمت ساعة ، ثمّ قال : لله بلاء نادبة عمر ، قالت : واعمراه أقام الأوْدَ ، واعمراه ذهب نقیّ الثوب قلیل العیب ، ثمّ قال : «والله ما درت هذا (ما علّمت هذا) ولکنّها قُولّته» یعنی لُقِّنته([1]) . والنتیجة المستخلصة : أنّ الموصوف فی کلام أمیر المؤمنین(علیه السلام) غیر مشخّص ، لأنّ ما جاء فی کلامه المنقول فی نهج البلاغة فی کلمة «فلان»، أضف إلى ذلک، فإنّ ما نقله کلّ من الطبری وابن شبّة کان وضع رجال سیاسیّین حیث لقّنوه لتلک المرأة النائحة حتّى تُرثی به عمر . والتأمّل فی مجموع ألفاظ نهج البلاغة یحکی إخبار علیّ(علیه السلام) عن أنّه ستمر على المسلمین ظروف تکون أکثر ظلاماً واضطراباً ممّا سبق. کما جاء فی الخطبة الشقشقیة وغیرها من الخطب الّتی یکشف الإمام (علیه السلام)عمّا تعرّض له من الظلم والإقصاء.     [1] . تاریخ المدینة : 3 / 941 ، تحقیق فهیم محمد شلتوت .


| رمز الموضوع: 12887