یدّعی الشیعة أنّ الإمام یجب أن یکون «منصوصاً» علیه ، ولو کان الأمر کذلک لما وجدنا اختلاف الفرق الشیعیّة فی أمر الإمامة .

الجواب : إنّ تنصیص النبیّ السابق على النبیّ اللاّحق ، هو أحد الطرق لمعرفة النبی، والقرآن ذکر أنّ النبیّ السابق عیسى بن مریم(علیه السلام) قد نصّ على النبیّ اللاّحق محمّد(صلى الله علیه وآله)فی قوله : (وَمُبَشِّراً بِرَسُول یَأْتِی مِنْ بَعْدِ

الجواب : إنّ تنصیص النبیّ السابق على النبیّ اللاّحق ، هو أحد الطرق لمعرفة النبی، والقرآن ذکر أنّ النبیّ السابق عیسى بن مریم(علیه السلام) قد نصّ على النبیّ اللاّحق محمّد(صلى الله علیه وآله)فی قوله : (وَمُبَشِّراً بِرَسُول یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ)([1]) ، ومع هذا نجد أنّ المسیحیّین اختلفوا فی نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) . وهذا یکشف عن أنّ وجود النص لا یلازم عدم الاختلاف. ویذکر القرآن فی مورد آخر أنّ أهل الکتاب یعرفون النبیّ کمعرفة أبنائهم ، قال تعالى : (یَعْرِفُونَهُ کَمَا یَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)(2) . فإذن : بعد مجیء نبیّ الإسلام ، اتّبعه عدد قلیل جدّاً ، وأمّا الأکثریّة فقد أدارت ظهرها له . والنتیجة التی نستخلصها من ذلک أنّ وجود النصّ یمکن أن یقود فریق إلى طریق الحقّ ، ولکن هذا لیس دلیلاً على أنّ الجمیع سیسلّمون لما نصَّ علیه النبیّ(صلى الله علیه وآله) . فإذا وجدت فرقتان باسم الزیدیّة والإسماعیلیّة من غیر الإمامیّة التی تشکِّل أکثریة الشیعة ، وتوقّفت هاتان الفرقتان فی منتصف الطریق ، فإنّ هذا أمرٌ ممکن ومتوقّع . ففی نفس زمن النبیّ(صلى الله علیه وآله) الذی کان حجّة الله البالغة ، قد وقع الاختلاف، ففی صلح الحدیبیّة علا صوت عمر بن الخطّاب معترضاً ومعه آخرون واعتبروا الصلح مع قریش ذلاًّ ، فقال عمر : (لا نعطی الدنیّة فی دیننا) ـ وکأنّ رسول الله یرضى بالدنیّة !!ـ ، وقد ورد حوالی 60 مورداً فی التاریخ ، خالف فیها الصحابة ما نصّ علیه رسول الله(صلى الله علیه وآله) ، وقدّموا آراءهم على ما نصّ علیه . وللمزید من الاطّلاع على هذه الموارد على القارئ مراجعة کتاب «النصّ والاجتهاد» للسیّد شرف الدِّین العاملی . فتلخص من ذلک: أنّ وجود النصّ لیس من شأنه أن یقضی على دوافع وأهواء الناس المؤدّیة لظهور أنواع الخلافات ، فکم من دافع تغلّب على النصّ ، وکم من هوى تقدّم على أمر الشارع المقدّس . فظهور الاختلافات یرجع إلى عدم الالتزام باتّباع النصّ ، ولیس راجعاً إلى عدم وجود النصّ أو عدم وجود أثر لذلک النصّ .   [1] . الصف : 6 .         2 . البقرة : 146 .


| رمز الموضوع: 12894