لماذا یرفض الشیعة اجماع السلف ویقر الاجماع القائم على الحدس ؟

یقول الشیخ الهمدانی فی «مصباح الفقیه» : «إنّ المدار على حجّیة الإجماع على ما استقرّ علیه رأی المتأخّرین لیس على اتّفاق الکلّ ، بل ولا على اتّفاقهم فی عصر واحد ، بل على استکشاف رأی المعصوم بطریق الحدس» ، فهم یعرف

یقول الشیخ الهمدانی فی «مصباح الفقیه» : «إنّ المدار على حجّیة الإجماع على ما استقرّ علیه رأی المتأخّرین لیس على اتّفاق الکلّ ، بل ولا على اتّفاقهم فی عصر واحد ، بل على استکشاف رأی المعصوم بطریق الحدس» ، فهم یعرفون رأی الإمام الغائب(علیه السلام) المؤیّد للإجماع بالحدس ، وهذا تناقض ، حیث یجعلون حدسهم وظنّهم هو العمدة ، وإجماع السلف لیس بعمدة ؟ الجواب : جامع الأسئلة من الانترنت لیس له اطّلاع على المصطلحات الأُصولیّة لعلماء الشیعة ، وأصحاب المواقع الالکترونیّة الذین أرادوا أن یشکلوا على الشیعة شأنهم شأن جامع الأسئلة فی عدم معرفة هذه المصطلحات. إنّ المراد من : «الحدس» هنا لیس بمعنى التکهّن ، أو الظن وإنّما هو فی مقابل الحسّ ، بمعنى أنّ تحصیل الیقین بقول الإمام له طریقان : 1 ـ الطریق الحسّی : ومثاله أنّ علماء المدینة فی عصر الإمام الصادق(علیه السلام)کلّهم قد اتّفقوا على فتوى معیّنة ، فهنا نقول إنّنا أحرزنا قول الإمام الصادق(علیه السلام) عن طریق الحسّ ; لأنّ الإمام واحدٌ من أُولئک العلماء ، بل وعلى رأسهم ، واتفاق الکل دالّ على رأیه هو أیضاً . 2 ـ الطریق الحدسی : وهو أن ینتقل الإنسان من مجموعة من المقدّمات إلى أن یصل إلى النتیجة على وجه الیقین ، بالرغم من کونه لم یسمع ذلک بأُذنه ولم یشاهده بعینه ، کما یُقال: إنّ نور القمر من نور الشمس ، وهذا یُعدّ من الحدسیّات ، والحدس هنا لیس بمعنى التکهّن بل بمعنى الیقین الّذی یصل إلیه الإنسان عن طریق المقدمات غیر الحسّیة. وفی المقام نقول : لو اتّفق علماء الشیعة ـ على مدى قرون ـ على حکم معیّن ، فإنّ الإنسان بإمکانه أن یحدس أنّه کان بحوزتهم دلیلٌ قطعیّ ، وهم قد أفتوا اعتماداً على ذلک الدلیل القطعی الذی وصلهم من الإمام ، وهذا ما یُسمّى عندهم بالإجماع الحدسی ، ویعنی أنّ الإنسان بالرغم من عدم سماعه أو مشاهدته یمکنه الوصول إلى الیقین بوجود دلیل شرعی لدى المجمعین عن طریق إجراء بعض الحسابات ، وأمّا إجماع السلف فإن أراد به اتفاق المسلمین على حکم شرعی فیؤخذ به من غیر فرق بین إجماع السلف والخلف. وإن أراد إجماع السلف حسب اصطلاحه فلا یؤخذ به لعدم تحقّق الإجماع مع مخالفة طائفة من المسلمین لهم . ثم إنّ أکثر ما یعدّونه من إجماعات السلف لم یکن أمراً مجمعاً علیه بل کان أمراً متنازعاً فیه، إلاّ أنّ الظروف القاسیة کسته ثوب الإجماع طرداً لغیرهم عن ساحة الحکم والحیاة. والحدیث ذو شجون : فدع عنک نهباً صیح فی حَجَراته *** وَلکن حدیثاً ما حدیثُ الرواحلِ


| رمز الموضوع: 12906