الرد على شبهة وجوب طاعة الله ورسوله دون طاعة الإمام

قال الله تعالى : (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیَاءَ . . .)([1]) ، فهذا نصٌّ فی إبطال اتّباع أحد دون رسول الله(صلى الله علیه وآله)؟ الجواب : إنّ هذا السؤال أشبه

قال الله تعالى : (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیَاءَ . . .)([1]) ، فهذا نصٌّ فی إبطال اتّباع أحد دون رسول الله(صلى الله علیه وآله)؟ الجواب : إنّ هذا السؤال أشبه بسؤال الخوارج حیث قاموا فی وجه علیّ وعامّة المسلمین رافعین شعارهم «لاحکم إلاّ لله» وقال علی (علیه السلام)فی جوابهم: کلمة حق یراد بها باطل، ولعلّ جامع الأسئلة لم یجد أفضل من ابن حزم الّذی برّر قتل ابن ملجم للإمام علی (علیه السلام)بأنّه تأوّل واجتهد فجاء بکلامه الطویل فی فصل عقده باسم باب الإمامة والمفاضلة، وحاصل ما طعن به مذهب الشیعة هو ما یلی: قال الله تعالى: (اِتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَ لاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیَاءَ)(2)، فهذا نص فی إبطال اتّباع أحد دون رسول الله، وإنّما الحاجة إلى فرض الإمامة لینفذ الإمام عهود الله تعالى الواردة إلینا من عبد فقط، لا لأن یأتی الناس بما لا یشاؤونه فی معرفته من الدین الّذی أتاهم به رسول الله، ووجدنا علیاً (رضی الله عنه)إذا دُعی إلى التحاکم إلى القرآن أجاب وأخبر بأنّ التحاکم إلى القرآن حق، ولو کان التحاکم إلى القرآن لا یجوز بحضرة الإمام لقال علی حینئذ کیف تطلبون تحکیم القرآن وأنا الإمام المبلغ عن رسول الله. ([2]) والآن نجیب عن هذا الإشکال: لو کان الاتباع منحصراً بالنبی (صلى الله علیه وآله وسلم)فما معنى قوله سبحانه:  (أَطِیعُوا اللهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الأَمْرِ مِنْکُمْ)([3]) فإن قال: إنّ إطاعة ولی الأمر هی طاعة نفس الرسول ولذلک لم یکرر الفعل وقال: (وَأُولِی الأَمْرِ مِنْکُمْ) دون أن یقول: «وأطیعوا أُولی الأمر» فنحن نقول بمثل ذلک فإنّ إطاعة الإمام نفس إطاعة النبی فإنّه لا یحکی إلاّ سنّة النبی وفعله وتقریره، ویُعد اتّباعه اتّباعاً للنبی. والرجل لبعده عن العراق الّتی کان معقل الشیعة زعم أنّ اتّباع الإمام فی عرض اتّباع الرسول وغفل عن أنّهم شعبة منهم. ثم إنّ المراد من اتبّاع الأئمة هو أخذ العلوم عنهم بحکم أنّ الأئمة هم أحد الثقلین، فهم أعدال القرآن وقرناؤه، فمن اتّبعهم وأطاعهم فقد أطاع النبی واتّبعه، ومن أطاعه واتّبعه فقد أطاع الله سبحانه. فلننظر إلى حیاة المسلمین بعد الرسول، فقد واجهتهم مسائل مستجدة وحوادث لم یکن لها جواب فی حیاة الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم)فمن هو المجیب عن هذه الأسئلة؟ والمفروض أنّه لم ترد فی القرآن الکریم ولا فی السنة المطهرة، فبما أنّ الإسلام دین مکتمل الأرکان فلابد أن یکون هناک جماعة لهم تربیة إلهیة ووعی خاص یجیبون عن هذه الأسئلة المستجدة، والقائم بهذا عند الشیعة هو الإمام . نعم قام القوم فی مقام الإجابة عن هذه الأسئلة بتأسیس قواعد أُصولیة تتکفل بالإجابة عنها، کالقیاس والاستحسان وفتح الذرائع وسدها، إلى غیر ذلک من القواعد الّتی ما أنزل الله بها من سلطان، وبذلک استغنوا عن الرجوع إلى أئمة أهل البیت(علیهم السلام)الذین هم عیبة علم الرسول ومعادن حکمه. فاتّضح من ذلک أنّ کلاًّ من الفریقین لابد لهم من مرجع فی الأُمور المستجدة، فالمرجع عند الشیعة هم أئمة أهل البیت(علیهم السلام)، والمرجع عند غیرهم هم الفقهاء الذین یستنبطونها من تلک القواعد. فإن  کان اتّباع الفقهاء حسناً فلیکن اتّباع أهل البیت(علیهم السلام)أولى، وإن کان مذموماً مرفوضاً واتّباعاً لغیر الله ـ کما زعم ابن حزم ـ فالواجب على السلفیّین رفض مشایخهم قبل أن یعترضوا على الشیعة .   [1] . الأعراف : 3 .                  2 . الأعراف: 3 . [2] . الفصل لابن حزم: 4 / 159 . [3] . النساء: 59 .


| رمز الموضوع: 12918