الرد على شبهة اعتماد الشیعة على رواة ذمهم الأئمة(علیهم السلام)

وصل مذهب التشیّع إلینا عن طریق رواة أمثال زرارة وغیره ، والحال أنّ الأئمّة(علیهم السلام)قد ذمّوا هؤلاء ، وباعتماد الشیعة على أقوال هؤلاء الأشخاص الذین ذمّهم الأئمّة(علیهم السلام)یکونون قد ردّوا قول أئمّتهم! الجواب : أوّلاً : یستفید

وصل مذهب التشیّع إلینا عن طریق رواة أمثال زرارة وغیره ، والحال أنّ الأئمّة(علیهم السلام)قد ذمّوا هؤلاء ، وباعتماد الشیعة على أقوال هؤلاء الأشخاص الذین ذمّهم الأئمّة(علیهم السلام)یکونون قد ردّوا قول أئمّتهم! الجواب : أوّلاً : یستفید الشیعة فی مجال المعارف والأحکام من حوالی 10000 راو ، وقد حفظوا أحادیث أهل البیت(علیهم السلام) عن طریق هؤلاء الرّواة ، ولیس الأمر کما ذکر من أنّ المعارف والأحکام تُؤخذ من بعض الأشخاص القلیلین ، الذین ورد فی شأنهم ذمّ ، حتّى ثبتت المذمّة فی حقّهم ، زال مذهب التشیّع وانهار! ویمکن أن تتّضح عظمة هؤلاء الرواة وکثرة الحفّاظ من خلال إلقاء نظرة مختصرة على کتاب «تنقیح المقال» للعلاّمة المامقانی ، وکتاب «معجم رجال الحدیث» للسید أبی القاسم الخوئی . ثانیاً : إن کانت هناک مذمّةً لزرارة ، فقد وردت روایات أُخرى من الأئمّة(علیهم السلام)تمدحه وتُثنی علیه ، ونحن نذکر أنّ انتقاص الأئمّة من هؤلاء الأشخاص وذمّهم ، کان الغرض منه هو الحفاظ على أرواحهم وأموالهم ، لأنّ زرارة بن أعین ـ مثلاً ـ کان من رجال الکوفة المعروفین والمشهورین ، والخلافة العبّاسیّة تتحسّس منه ، فقد کان شیخ القبیلة ، وفی نفس الوقت عالماً وفقیهاً ، فما صدر من الإمام (علیه السلام) من الانتقاص منه وذمّه فی مجاله التی لا تخلو من عیون وجواسیس إلاّ لیتمکن بذلک من المحافظة على نفسه وماله فی تلک الظروف الصعبة والحرجة ، وکلّ من یستحضر تلک الأوضاع المرعبة والظروف الموحشة فی تلک الأیّام یُدرک سبب إبعاد الأئمّة(علیهم السلام)لبعض أصحابهم وعدم السماح لهم بالاقتراب منهم حفظاً لحیاتهم ، ولکی لا تفهم آلة السلطة أنّهم أتباعٌ للأئمّة وشیعةً لهم . یقول أبو بصیر للإمام الصادق(علیه السلام) : « . . . جُعلت فداک فإنّا قد نبزنا نبزاً (لُقِّبنا لقباً) انکسرت له ظهورنا وماتت منه أفئدتنا واستحلّت له الولاة دماءنا فی حدیث رواه لهم فقهاؤهم ، قال : فقال أبو عبدالله(علیه السلام) : الرافضة ؟ قال : قلت: نعم ، قال : لا والله ما هم سمّوکم ولکن الله سمّاکم به»([1]) . هذا جانب من وضع الشیعة فی ذلک الزمان الصعب . فافهم . وقد تمت دراسة هذا الموضوع فی مقدمة کتاب مسند زرارة، وقد جاء فیها: إذا صدر عن الإمام الصادق (علیه السلام)فی بعض الظروف کلام لا یناسب شأن الرجل فإنّما صدر عنه (علیه السلام)لحفظ دمه وعرضه، لأنّ الرجل کان ولید بیت کبیر ضرب بجرانه الکوفة وأطرافها، وکان معاشراً مع أکابر السنّة وحکّامهم وقضاتهم، وکان فی بیته من لم یتشیّع بعدُ، وکان أعداء أهل البیت یکنّون العداء لحامل ولائهم ورافع لوائهم، فأراد الإمام (علیه السلام)بکلامه هذا صیانة دمه. وقد صرّح الإمام بذلک فی کلامه مع ولده عبدالله بن زرارة فقال: أقرئ منّی على والدک السلام وقل له إنّی أُعیبک دفاعاً منّی عنک، فإنّ الناس والعدوّ یسارعون إلى کلّ من قرّبناه وحمدنا مکانه، لإدخال الأذى فی من نحبّه ونقرّبه، ویرمونه لمحبّتنا له وقربه ودنوّه منّا، ویرون إدخال الأذى علیه وقتله، ویحمدون کل من عبناه نحن، فإنّما أُعیبک لأنّک رجل اشتهرت بنا ولمیلک إلینا وأنت فی ذلک مذموم عند الناس غیر محمود الأثر بمودتک لنا وبمیلک إلینا، فأحببت أن أُعیبک لیحمدوا أمرک فی الدین بعیبک ونقصک ویکون بذلک منّا دافع شرّهم عنک. ثم تمثّل بآیة السفینة الّتی کانت لمساکین... وقال: والله ما عابها إلاّ لکی تسلم من الملک ولا تعطب على یدیه، ولقد کانت صالحة لیس للعیب منها مساغ.([2]) إنّ هناک بوناً شاسعاً بین أبی بصیر خصّیص الإمام الصادق (علیه السلام)وزرارة ابن أعین، إذ لم تکن لأبی بصیر أیّة صلة بالشخصیات البارزة فی العراق خصوصاً الحکّام والقضاة، وما کان معروفاً فی أوساط العراق; وهذا بخلاف زرارة، فقد کان من رجال العراق ورئیس القبیلة، وکفى فی ذلک ما قاله الجاحظ: زرارة بن أعین مولى بنی أسعد بن نام. وقال: رئیس التمیمیة. ویصفه أبو غالب وهو من مشایخ الشیعة ومن أبناء ذلک البیت الرفیع بقوله: إنّ زرارة کان وسیماً جسیماً، وکان یخرج إلى الجمعة وعلى رأسه برنس أسود وبین عینیه سجادة وفی یده عصا، فیقوم له الناس سماطین، ینظرون إلیه لحسن هیئته، وربما رجع عن طریقه، وکان خصماً جدلاً لا یقوم أحد لحجته، إلاّ أنّ العبادة أشغلته عن الکلام، والمتکلّمون من الشیعة تلامیذه.(2)   [1] . روضة الکافی : 34 ; فضائل الشیعة للمرحوم الصدوق : 21 ، ولعل المراد أنّ الشیعة رفضت إطاعة الظالمین وعارضت حکومتهم. [2] . رجال الکشی: 138، برقم 221 .        2 . مسند زرارة بن أعین: 11.


| رمز الموضوع: 12919