إذا کان وجود الأئمة هو قاعدة اللطف فهو لم یتحقق لعدم تصدیهم

یقول الشیعة: بأنّ الإمامة واجبة لأنّ الإمام نائب عن النبیّ(صلى الله علیه وآله)فی حفظ الشرع الإسلامی وتسییر المسلمین على طریقه القویم وفی حفظ وحراسة الأحکام عن الزیادة والنقصان ، ویقولون : إنّه لابدّ من إمام منصوب من الله تعالى وحاجة العالم داعیة

یقول الشیعة: بأنّ الإمامة واجبة لأنّ الإمام نائب عن النبیّ(صلى الله علیه وآله)فی حفظ الشرع الإسلامی وتسییر المسلمین على طریقه القویم وفی حفظ وحراسة الأحکام عن الزیادة والنقصان ، ویقولون : إنّه لابدّ من إمام منصوب من الله تعالى وحاجة العالم داعیة إلیه ، ولا مفسدة فیه فیجب نصبه ، وأنّ الإمامة إنّما وجبت لأنّها لطف ، وإنّما کانت لطفاً لأنّ الناس إذا کان لهم رئیس مُطاع مرشد یردع الظالم عن ظلمه ویحملهم على الخیر کانوا أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وهو اللّطف . فنقول : إنّ الأئمّة الاثنا عشر(علیهم السلام) ـ غیر علی ـ لم یملکوا الرئاسة العامّة ، فی أُمور الدین والدنیا ولم یتمکنوا من ردع الظالم عن ظلمه وحمل الناس على الخیر وردعهم عن الشر فلم یحصل منهم اللطف ؟ الجواب : جامع الأسئلة تصوّر أنّ أئمّة الشیعة کانوا على مدى 250 سنة یضعون یداً على ید ولا یحرّکون ساکناً ، ولا یقومون بأیّ عمل ، وما داموا لم یکونوا على رأس السلطة فإنّه لم یکن لهم أیّ تأثیر على المجتمع الإسلامی فی الهدایة والتربیة ومنع الظالمین عن ظلمهم . والحقیقة غیر ذلک تماماً ، لأنّ الأئمّة(علیهم السلام) کان لهم تأثیرٌ کبیر فی المجتمع الإسلامی عن طریق انتهاجهم طرقاً مختلفة استطاعوا من خلالها هدایة المجتمع والتأثیر فیه . 1 ـ الجامعة الإسلامیّة التی تأسّست فی المدینة على ید الإمام الباقر وولده الإمام الصادق(علیهما السلام) حیث تجاوز عدد طلاّبها الـ 4000 طالب تخرّجوا کلّهم فقهاء ومحدّثون استفاد منهم العالم الإسلامی قاطبةً ، یقول الحسن بن علی الوشاء : «رأیت فی مسجد الکوفة تسعمائة محدّث کلّهم یقول : حدّثنی جعفر بن محمّد».([1]) فبالرغم من عدم وجود أئمّة الشیعة على سدّة الحکم وامتلاکهم للقدرة إلاّ أنّهم استطاعوا حفظ الأُمّة من الانحراف عن طریق التربیة والتعلیم . 2 ـ وأمّا مقاومتهم للظلم والجور ، فبالرغم من انعزالهم الظاهری عن الساحة السیاسیة ، إلاّ أنّهم سلکوا منهجاً جعل المسلمین ینتبهون إلى عدم لیاقة الحکّام الأُمویّین والعبّاسیّین للخلافة ، حتّى أصبحت قلوب أُولئک الحکّام تمتلئ خوفاً وربّما أمسکوا عن بعض الجرائم التی کانوا ینوون الإقدام علیها . هذا ولو کان الأئمّة(علیهم السلام)قد وضعوا یداً على ید أو جعلوا أیدیهم فی أیدی الحکّام لما تعرّضوا للقتل والاغتیال سواء بالسیف أم بالسمّ . 3 ـ ولنتجاوز ذلک لنقول : على الرغم من أنّه لا حقّ لنا بفتح أفواهنا أمام الخدمات التی قدّمها أئمّة أهل البیت  ، إلاّ أنّنا نودّ التذکیر أنّ الإمامة هی لطف من الله تعالى على المجتمع ، وبإمکانها أن تترک أثراً فیه فی کلّ مرحلة من مراحله ، ولو أنّ الأثر المساعد لم یتحقّق ولم یتمکّنوا من الحکم السیاسی ، فهذا بسبب تقصیر الناس ، ولیس القصور من الأمر الإلهی أو للإمام . إنّ منطق الشیعة فی تنصیب الإمام هو منطق القرآن الکریم فقد بعث الله أنبیاءه ورسله لأهداف سامیة صرّح بها بقوله: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْکِتَابَ وَ الْمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ... )([2])، فنحن نسأل جامع الأسئلة هل تحقّقت هذه الغایة الّتی لأجلها بعث الله أنبیاءه ورسله ، أوأنّها لم تتحقق بعد بشکل کامل؟! إنّما یجب على الله من باب اللطف هو تهیئة الظروف للهدایة وبلوغهم للسعادة، وهنا تختلف الأحوال فمن صلحت سریرته ینهل من هذا الماء المعین، وأمّا من خبثت فیحرم منه، ویعد العدّة على خلافه. ومع الأسف أنّ هذا السؤال قد تکرر فی مجموع الأسئلة ([3]) دفعنا إلى تکرار الجواب، مخافة أن یتخیل القارئ أو جامع الأسئلة صحة کلامه فیما لو لم نجب عن هذا السؤال.   [1] . رجال النجاشی ، ترجمة الحسن بن علی الوشاء ، برقم : 79 . [2] . الحدید: 25 . [3] . انظر جواب السؤال رقم 129، ص 293  والسؤال رقم 130، ص 294.


| رمز الموضوع: 12922