خلافة علی (علیه السلام)والشورى بعد وفاة عمر

لقد اختار عمر ستّة أشخاص للشورى بعد وفاته ثمّ تنازل منهم ثلاثة ، ثمّ تنازل عبد الرحمن بن عوف ، فبقی عثمان وعلیّ(علیه السلام) ، فلماذا لم یذکر علیّ(علیه السلام)منذ البدایة أنّه موصى له بالخلافة ؟ الجواب : هذا السؤال مکرّر ، وقد أجبنا عنه فیما سبق ([1]) ، ولو أنّ جامع الأسئلة قرأ ما ورد عن الشورى فیما بین أُولئک الأشخاص الستّة لفهم أنّ مشارکة علیّ(علیه السلام)کانت تحت الإکراه والإجبار ، ولذلک عندما قال له عمّه العبّاس : لا تدخل معهم، وارفع نفسک عنهم، قال: «إنی أکره الخلاف».([2]) فهذا الانتخاب تمّ تحت التهدید والإرهاب ، فالخلیفة عمر أمر محمّد ابن مسلمة أنّه إذا خالفت الأقلیّة الأکثریّة بعد الانتخاب فعلیک بضرب عنق من یخالف. وإذا لم یتّفق المرشّحون على تعیین الخلیفة خلال ثلاثة أیّام فاضرب أعناقهم جمیعاً . فمع هذا الوضع الإرهابی لا یمکن أن نعتبر موافقة الإمام(علیه السلام) على المشارکة فی الشورى کانت موافقة اختیاریّة . وأمّا أنّه لم یناشد القوم یوم الشورى فهذا یکشف عن عدم اطّلاع جامع الأسئلة أو السائل فقد احتج الإمام فی نفس الیوم بحدیث الغدیر وغیره. یروی أخطب خطباء خوارزم عن أبی الطفیل عامر بن واثلة، قال: کنت مع علی فی البیت یوم الشورى فسمعت علیاً یقول: لاحتجّن علیکم بما لا یستطیع عربیّکم ولا أعجمیّکم یغیّر ذلک، ثم قال بعد کلام له: فأُنشدکم بالله هل فیکم أحدٌ قال له رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): «من کنت مولاه فعلی مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه لیبلّغ الشاهد الغائب» غیری؟ قالوا: اللهم لا .([3]) وأخرج ابن حاتم الشامی فی الدر النظیم عن عامر بن واثلة قال کنت على الباب یوم الشورى وعلی فی البیت فسمعته یقول: «... أنشدکم بالله أمنکم من نصبه رسول الله یوم غدیر خمّ للولایة غیری؟» قالوا: اللهم لا .([4]) إلى غیر ذلک من المصادر الّتی تتضمن احتجاج علی ومناشدته بأحقیته بالأمر یوم الشورى.   [1] . انظر جواب السؤال رقم 31، ص 103. [2] . شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید : 1 / 191 . [3] . مناقب علی (علیه السلام)لابن مردویه: 130، برقم 162. [4] . الدر النظیم لابن حاتم العاملی: 332; کتاب الولایة لابن عقدة الکوفی: 169 .