السعودیة تنفذ "موجة غیر مسبوقة" من الإعدامات

موقع الحج : حکم بإعدام شاعر ورسام لاتهامه بالردة، القبض على ثلاثة شبان شیعة حینما کانوا قصر وإصدار حکم بإعدامهم، بالإضافة إلى تقاریر فی الصحف السعودیة عن إعدام وشیک لأکثر من 50 شخصا.

وعاد سجل السعودیة فی مجال حقوق الإنسان إلى الأخبار مرة أخرى منذ ینایر / کانون الثانی الماضی حینما جُلد المدون رائف بدوی وفی نفس الشهر، ظهر تسجیل صادم لامرأة من بورما متهمة بالقتل وهی تصرخ: "لم أقتل" حتى لحظة قطع رأسها بالسیف فی أحد الشوارع بالسعودیة. وقد نفذت أحکام إعدام على أکثر من 150 شخصا حتى الآن هذا العام، وهو أعلى رقم تسجله منظمات حقوق الإنسان منذ 20 عاما. وأدین هؤلاء بجرائم غیر عنیفة من بینها الاتجار فی المخدرات. ویقول نشطاء حقوق الإنسان إن العدید من المحاکمات غیر عادلة. ووصفت منظمة العفو الدولیة أحکام الإعدام بالسعودیة هذا العام بأنها "موجة غیر مسبوقة من الإعدامات تعد معلماً جدیداً قاتماً فی سجل استخدام السلطات السعودیة لعقوبة الإعدام". إذا ما هی الأسباب التی تقف وراء ارتفاع أعداد هذه الإعدامات؟ یصعب الإجابة على هذا السؤال بسبب غیاب الشفافیة فی النظام القضائی السعودی. وقال آدم کوغل الباحث فی منظمة هیومان رایتس ووتش الذی یتابع أحکام الإعدام التی تنفذها السعودیة:"هناک کثیر من التکهنات. لکن لا أحد یعلم الإجابة الحقیقیة لأن السعودیین لم یعلنوا (الأسباب) ولن یعلنوها". وکان هذا العام ملیئا بالأحداث فی السعودیة. فقد خلف الملک سلمان فی ینایر/کانون الثانی الماضی شقیقه الملک عبد الله الأکثر تحررا، لیدشن سیاسة خارجیة جدیدة أکثر صرامة. وکانت السعودیة قد بدأت فی مارس / آذار الماضی غارات جویة فی الیمن، أسفرت عن مقتل آلاف المدنیین، وأدى تدافع ممیت فی موسم الحج إلى تسلیط الضوء على الریاض وتوجیه انتقادات لها. ولا یزال المتشددون السنة یشکلون تهدیدا مستمرا، إذ قتل تنظیم "الدولة الإجرامیة" أو الأفرع التابعة له 50 شخصا على الأقل فی مناطق للشیعة شرقی وجنوبی البلاد. لکن زیادة معدلات الإعدامات بدأت بالفعل فی أغسطس / آب العام الماضی، بحسب نشطاء حقوق الإنسان. وقال کوغل: "تقریبا جمیع من أعدموا حوکموا بتهم القتل أو المخدرات، ومن المحتمل أن یشهد معدل الجریمة تصاعدا مع زیادة جرائم القتل وإدخال المخدرات إلى البلاد." وهناک فکرة أخرى تتعلق بإعادة هیکلة النظام القضائی للسعودیة خلال السنوات القلیلة الماضیة. ویقول کوغل: "ربما یکون هذا هو السبب، فی ظل زیادة عدد المحاکم والقضاة، فإن النظام لدیه القدرة على التعامل مع سجل متراکم من القضایا". هناک نظریة ثالثة تشیر إلى أن هذه الإعدامات تأتی ضمن توجه فی المنطقة بالکامل لزیادة الإعدامات، فی ظل زیادة کبیرة فی عقوبات الإعدام فی باکستان وقرار الأردن إنهاء وقف تنفیذ أحکام الإعدام فی دیسمبر/کانون الأول الماضی. وأضاف کوغل: "هناک شعور بأن عدم الاستقرار على المستوى الإقلیمی یشجع القادة على أن یحاولوا أن یظهروا أکثر صرامة." وتشمل الجرائم التی یعاقب علیها بالإعدام القتل والزنا والخیانة والشذوذ الجنسی وجرائم المخدرات والسحر والشعوذة والردة. ویقول نشطاء حقوق الإنسان إن المتهمین لا یحصلون فی أغلب الأحیان على محاکمات عادلة. ولا تبلغ السلطات مسبقا عائلات السجناء بتنفیذ الإعدامات فی ذویهم الذین یحکم علیهم بالإعدام. وأثارت قضیة الشاب الشیعی علی النمر، الذی أصبح رمزا للأشخاص الذین یواجهون حکم الإعدام، مناشدات من زعماء العالم للملک سلمان بإصدار عفو عنه وعدم توقیع حکم الإعدام بحقه. ووجهت للنمر مجموعة من التهم من بینها مهاجمة الشرطة بقنابل حارقة فی احتجاجات مناهضة للحکومة شرقی البلاد حینما کان عمره 17 عاما فقط ولا یزال فی الدراسة. وقالت عائلته إن الاعترافات انتزعت من النمر بالإکراه، وإنه وقع علیها بعد أن أبلغته السلطات بأنه سیفرج عنه. واثار مصیر الشاعر والفنان الفلسطینی أشرف فیاض (35 عاما) أیضا تندیدا دولیا. وصدر الأسبوع الماضی حکم بإعدام فیاض لاتهامه بالإلحاد والتشکیک فی الذات الإلهیة بسبب دیوان شعر کتبه قبل سنوات عدیدة. ویقول خبراء حقوق الإنسان فی الأمم المتحدة إن هذا الحکم یمثل انتهاکا للقانون الدولی لحقوق الإنسان. ودعا مئات الشعراء والکتاب فی أنحاء العالم إلى إطلاق سراح فیاض. وقالوا إن "الحکم بإعدام فیاض هو أحدث مثال لعدم تسامح السعودیة مع حریة التعبیر والملاحقة المستمرة للمفکرین الأحرار." وبالفعل حینما قال أحد مستخدمی موقع تویتر إن حکم فیاض یشبه "حکم داعش"، هدد مسؤول فی وزارة العدل بمقاضاته، حسبما نقلت صحیفة محلیة. وقال سیفاک کشیشیان، الباحث فی الشؤون السعودیة فی منظمة العفو الدولیة، إن "الإعدامات لا تمثل فقط قلقا خطیرا فیما یتعلق بحقوق الإنسان. هناک حملة ضاریة وممنهجة تستهدف نشطاء حقوق الإنسان الذین یتبنون المعارضة السلمیة بشکل عام من بینهم المدونون ونشطاء الانترنت". وأضاف: "إذا کنت عضوا فی مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإنک تکون ملتزما بالحفاظ على أعلى المعاییر فی تعزیز حقوق الإنسان وحمایتها." والأمر المثیر للجدل هو أن السعودیة أصبحت عضوا فی مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فی عام 2013 ولمدة ثلاث سنوات. وتشیر رسائل دبلوماسیة مسربة کشف النقاب عنها فی وقت سابق من هذا العام إلى اتفاق بین الدبلوماسیین البریطانیین والسعودیین على دعم انتخاب کلا الطرفین للآخر فی المجلس الذی یضم 47 دولة. وترفض السلطات السعودیة الانتقادات الدولیة بشأن سجلها فی حقوق الإنسان، وتؤکد ضرورة احترام نظامها القضائی الذی بزعمها یستند للشریعة الإسلامیة. المصدر : بی بی سی العربی


| رمز الموضوع: 58175




السعودية الإعدامات