نص الخطاب التاریخی للإمام الخمینی فی مقبرة (جنة الزهراء) بطهران

موقع الحج : عند وصول الإمام الخمینی (رض) الى طهران فی الاول من شباط عام 1979 قطع مسافة الـ 33 کیلومتراً بین المطار ومقبرة (جنة الزهراء)، بصعوبة بین ملایین المستقبلین وألقى خطابه هذا هناک فی الساعة 30/ 13، حیث بدا خطابه بذکر المصائب التی مرت على الشعب، مشیرا الى أنه عاجز عن شکر الشعب الذی ضحى من أجل الثورة، وسأل الله أن یمن على الشعب بالثواب..

وفیما یلی نص الخطاب: بسم الله الرحمن الرحیم لقد جرت علینا مصائب کبیرة وکثیرة فی هذه المدة، وقد تحقّقت بعض الانتصارات التی کانت کبیرة أیضاً. أنا لا أستطیع أن أعوّض الأضرار التی تحملها الشعب الإیرانی! أنا لا أستطیع أن أشکر هذا الشعب الذی قدّم ما عنده فی سبیل الله! أسأل الله أن ینعم علیه بمثوبته! إنی أقدم العزاء للأمهات الثکلى وأشارکهنّ المصاب! إننی أتقدم بالعزاء للآباء الذین فقدوا أبناءهم والأولاد الذی فقدوا آباءهم! فما الذی کان یقوله شعبنا لیستحق هذه العقوبات؟! فأحد مطالبهم هو أن الملکیة البهلویة بنیت منذ البدایة خلافاً للقوانین، وأسسوا المجلس التأسیسی بقوة الحراب، وأجبروا نوابه على التصویت لاختیار رضا شاه ملکاً، وبالإضافة إلى ذلک، فإن أساس النظام الملکی یخالف القانون والقواعد العقلیة وحقوق الإنسان، لأنه ـ لو فرضنا ـ إذا اجتمع رأی الشعب لیکون شخص ملکاً علیه باعتبار أن مقالید أمورهم یجب أن تکون بأیدیهم، فإنهم مختارون ویمکن أن یعملوا برأیهم. ولکن إذا أعطى شعب رأیه لملک لیکون خلفه ملوکاً أیضاً، فبأی حق یعیّن شعب عاش قبل خمسین عاماً مصیر شعب یأتی بعده؟! إن مقدرات کل شعب بیده. وبناء على ذلک فإن ملکیة محمد رضا غیر قانونیة أولاً، لأن ملکیة أبیه کانت خلافاً للقانون وقامت بالقهر وقوة السلاح. وإذا فرضنا بأن ملکیة رضا شاه کانت قانونیة فبأی حق حدّد أولئک لنا مصیرنا؟! ثم لنفترض أن ملکیته ومجلسه التأسیسی کانا صحیحین، فالآن یقول شعبنا «لا نرید هذا الملک» وبناء على ذلک فإن ملکیته باطلة! وأما عن الحکومات والمجالس النیابیة الناشئة عن فترة حکم محمد رضا، لم یتدخل الشعب فی انتخاب نوابها طوال مدة الحرکة الدستوریة سوى بعض الأوقات وذاک أیضاً بالنسبة إلى بعض النواب. وحول المجلس الحالی، أسألکم أنتم أهالی طهران هل کان لکم معرفة بنواب المجلس الحالی؟! هل انتخبتموهم أنتم بأنفسکم؟! أو أنهم شکّلوه أیضاً بالقوة وبدون علم الناس! والمجلس الذی یشکّل دون علم الناس ورضاهم، لیس قانونیاً، وبناء على ذلک فإن الذین احتلوا کراسی المجلس وأخذوا أموال الناس کراتب لهم، علیهم اعادتها ! وکذلک فإن الحکومة الناشئة عن الشاه غیر القانونی غیر قانونیة أیضاً، فالحکومة الناشئة عن مثل هذا الملک والمجلس غیر قانونیة. إننا نعلن أن الحکومة التی تعلن أنها قانونیة هی بنفسها لا تُقبَل قانونیتها، فإن هذا الشخص (بختیار) بنفسه کان قبل بضع سنوات وإلى الوقت الذی لم یتسنّم بعدُ منصب رئاسة الوزارة کان یعلن بأن الحکومة غیر قانونیة، فماذا حدث الآن لیقول أنا قانونی؟! هل یمکن لشخص نصب لرئاسة الوزراء من قبل المجلس والشاه غیر القانونیین، أن یکون قانونیاً؟! هل من حق الشعب الذی یصرخ أن حکومتنا وملکنا ومجلسنا جمیعها مخالفة للقوانین وأن حقنا الشرعی والقانونی والإنسانی أن تکون مقدراتنا بأیدینا، أن یقیموا لهم فی طهران والأماکن الأخرى مقابر للشهداء؟!. یجب أن أقول لکم أن محمد رضا بهلوی، هذا الخائن الخبیث فرّ وقد بدّد جمیع ما لدینا، خرّب بلادنا وعمّر مقابرنا! لقد هدم بلادنا من الناحیة الاقتصادیة بصورة لو أردنا إعادتها إلى حالتها الأولى تلزمنا سنوات طوال لذلک بجهود جمیع الناس! إن الأعمال التی قام بها الشاه تحت عنوان «الإصلاح» کانت إفساداً. فإن موضوع «الإصلاح الزراعی» أنزل ضربة قاصمة بالبلاد ربما لا نستطیع معالجتها حتى بعد عشرین سنة! إلا أن یتکاتف الشعب بأجمعه. فقد انتهى الإصلاح الزراعی إلى نقطة تدهورت فیه زراعتنا بصورة عامة. لقد قام محمد رضا بهذا العمل لیقیم أسواقاً لأمریکا و«إسرائیل»، وأعاق ثقافتنا وبدد جمیع القوى البشریة للبلاد! ولأن هذا الشخص کان عمیلاً فقد أسس مراکز فحشاء فی البلاد. فتلفزیونه مرکز فحشاء، وأکثر برامج إذاعته فحشاء، والسینما والمراکز التی أجازوا فتحها هی مراکز للفحشاء! إن حوانیت الخمور فی طهران أکثر من محلات بیع الکتب! نحن لا نخالف السینما والرادیو إنما نخالف الفحشاء! إننا لا نخالف التلفزیون، نحن نخالف ذلک الشیء الذی هو فی خدمة الأجانب ویجعل شبابنا متخلّفین ویکون سبباً لهدر القوى الإنسانیة للشعب! فمتى کنا نخالف مظاهر الرقی؟! لقد أصبحنا «متوحشین!» عندما وطئت أقدام مظاهر الرقی الغربی بلاد الشرق ولا سیما إیران. إن السینما أحد مظاهر الحضارة التی یجب أن تکون فی خدمة تربیة الناس، وأنتم تعلمون أن هذه المراکز جرّت شبابنا إلى الانحطاط! وإنما نحن ضد هذه الأمور لهذه الأسباب. إنهم خانونا بکل معنى الکلمة، أعطوا جمیع نفطنا لأمریکا والآخرین واشتروا عوضه أسلحة لیبنوا قواعد عسکریة لأمریکا. ولو کانت فترة ملکیة (الشاه) قد استمرت ـ لا سمح الله ـ عدة سنوات أخرى لانتهت مخازن نفطنا وجمیع زراعتنا ولتحطم هذا الشعب بصورة مطلقة وعندئذ یجب على أبناء الشعب أن یصبحوا خدماً للآخرین! إن صرخاتنا من أجل ذلک، وقد أریقت دماء شبابنا لهذه الأسباب أیضاً. لقد أمضینا خمسین سنة فی کبت وعناء، فلم یکن لدینا صحف نافعة وإذاعة صحیحة ولا تلفزیون سالم، ولم یتمکن الخطیب أن یتکلم ولا أئمة الجماعة، ولم تستطع أی فئة من فئات الشعب أن تعمل بواجباتها! نحن نقول إن ذلک الإنسان وحکومته، ومجلسه بأجمعها غیر قانونیة، وإذا استمروا بأعمالهم فهم مجرمون ویجب أن یحاکموا وسنحاکمهم! إننی سأشکل الحکومة وألقم الحکومة الحالیة حجراً! سأعیّن حکومة بمساندة هذا الشعب! إن هذا الشخص (الشاه) الذی لا یقبل نفسه أیضاً، وأصحابه لا یقبلونه أیضاً، وکذلک لا یقبله الشعب ولا الجیش، وإن أمریکا وإنجلترا هما اللتان تدعمانه فقط، وقد أمروا الجیش بدعمه، کان قد قال: «لا یمکن اجتماع حکومتین فی البلاد»! من الطبیعی أن هذا الکلام واضح، ولکن یجب على الحکومة غیر القانونیة أن تذهب، أنت غیر قانونی! إن الحکومة التی نتحدث عنها تستند إلى آراء الشعب وحکم الله، فأنت إما أن تنکر الله أو تنکر الشعب! نحن لن نسمح لهؤلاء بأن یتسلطوا علینا ما دمنا موجودین، ولا نسمح بإعادة الظلم السابق، ولا نسمح بعودة محمد رضا، کونوا یقظین! لقد خططوا وشکّلوا غرفة عملیات، یریدون إعادتنا ثانیة إلى فترة الکبت ویضعون جمیع ما عندنا تحت تصرف أمریکا، ولا نسمح بذلک ما دامت الأرواح فی أبداننا! ویجب علینا جمیعاً الاستمرار بهذه النهضة إلى أن یسقط هؤلاء، ونشکل مجلساً تأسیسیاً ونعین حکومة ثابتة. عندی للجیش نصیحة واحدة وشکر. ونصیحتی هی أننا نرید أن تکونوا مستقلین. نحن نتحمل المصاعب ونریق دماءنا ونبذل ماء الوجه ویعذَّب مشایخنا ویُسجنون، لأننا نرید أن یکون الجیش مستقلاً، یا أیها الضابط ألا ترید ذلک؟! أترید أن تکون عمیلا؟! أنصحکم بالعودة إلى أحضان الشعب. یجب ألا یکون الجیش تحت إمرة المستشارین الأمریکیین والأجانب! إننا نتکلم بهذا الکلام من أجلکم، تعالوا أنتم أیضاً وتبنّوا هذا الرأی من أجل أنفسکم، بأننا نرید أن نکون مستقلین. إلا أننی أشکر هذه الفئات التی التحقت بالشعب. لقد حفظ هؤلاء کرامتهم وکرامة شعبهم. إننا نشکر ونحیی المراتب والتقنیین والضباط فی القوة الجویة. إننا نشکر ونثنی على أولئک الذین أدرکوا واجبهم الشرعی والوطنی فی أصفهان وهَمدان والأماکن الأخرى والتحقوا بالشعب. ونقول للذین لم یلتحقوا، التحقوا بالشعب! إن الإسلام أفضل لکم من الکفر، وإن الشعب أحسن لکم من الأجنبی. إننا نرید أن تکون البلاد قویة وذات نظام مقتدر. إننا لا نرید الإخلال بالنظام، ولکننا نرید نظاماً منبثقاً من الشعب وفی خدمة الشعب، لا نظاماً یرأسه الآخرون ویصدرون له الأوامر! والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.