الحرب السعودیة على أهل السنة

ارتکبت السعودیة أخطاء جسیمة بحقّ شعوب المنطقة وأهل السّنة بالتحدید عندما زعمت أنها تطالب بحقوقهم بینما کانت فی الحقیقة تدفعهم نحو الصّراع مع باقی أطیاف المجتمع؛ وأصبحت هذه الأخطاء بمثابة حرب تشنها السعودیة على أهل السّنة.

و أفاد موقع الحج أنه جاء ذلک فی مقال نّشر عبر موقع "الجزیرة" الالکترونی تحت عنوان "الحرب السعودیة على أهل السنَّة" اکد محرره "محمد مختار الشنقیطی" على أن مفهوم "أهل القِبلة" کان یشمل جمیع المسلمین تحت مظلة واحدة، بمن فیهم السنة والشیعة، کما کان مفهوم "أهل السنة والجماعة" یجمع جمهور المسلمین -من غیر الشیعة- تحت رایة واحدة. ویتابع المقال : لکن مفهوم "أهل القبلة" یکاد یتلاشى الیوم من الثقافة الإسلامیة، کما أن "أهل السنة والجماعة" أصبحوا فی عصرنا سنَّة من غیر جماعة. وأرجع الشنقیطی السبب فی هذین الانحرافیْن الى ثقافة التکفیر والتشهیر التی بثتها السلطة السعودیة -السیاسیة والدینیة- فی أرجاء العالم الإسلامی، وهی ثقافة تفرِّق ولا تجْمع، ولا یمکن أن تتحقق معها مظلة جامعة للمسلمین مثل مظلة "أهل القبلة"، ولا أن ترتفع معها رایة جامعة لجمهور المسلمین مثل رایة "أهل السنة والجماعة"، ولا یجهل أحد أن تلک الثقافة هی النبع الذی نهلتْ منه جمیع حرکات التکفیر والتشهیر فی أرجاء العالم الإسلامی. ویضیف : ثم کانت الجنایة الثانیة التی جنتها السلطة السعودیة على الأمة الإسلامیة بشکل عام، وعلى أهل السنة والجماعة بشکل خاص، هی إقحامها أهل السنة فی حرب وجودیة طائفیة مدمِّرة مع الشیعة. وکانت نتیجة هذه المواجهة کارثة على عموم المسلمین، ومصیبة مضاعفة على أهل السنَّة والجماعة، لأن القیادة السعودیة فاشلة حتى فی حربها الطائفیة. فالعلاقة بین السُّنة والشیعة، بحسب المقال هذا، لا یمکن تصورها إلا عبر مسارین اثنین؛ أحدهما : مسار التعایش السلمی الذی یحترم الخصوصیة المذهبیة، ویعترف بحق الاختلاف، ویسعى لضمان العدل والحریة للجمیع دون ازدواجیة. وهذا هو المسار الأفضل إسلامیا وإنسانیا، والثانی : مسار التدافع السیاسی والعسکری الذی یحقق توازن القوى، ویُقنع الطرفین أن لا بدیل عن التعایش، وأن فرْض إرادة أی طرف على الآخر أمر عبثی، لن یقود إلا إلى الدمار الشامل للطرفین، وللأمة الإسلامیة بأسرها. ویلفت المقال ایضا الى ان الاستراتیجیة السعودیة الفاشلة فی مواجهة الشیعة عموما، وإیران خصوصا، حرمت أهل السنة من تحقیق أی شیء على أیٍّ من المسارین. فقد حرمتْهم بخطابها التکفیری التشهیری من خیار التعایش السلمی مع الشیعة، ثم خذلتْهم سیاسیا وعسکریا فی "خیار التدافع الفعال ضد التوسع الشیعی" وهکذا حرَمتْ السلطة السعودیة أهل السنّة والجماعة من الاجتماع على مبدأ دینی، بثقافة التکفیر والتشهیر التی بثتها فی أرجاء الأرض، ثم حرمتْهم من الاجتماع على موقف سیاسی، بخذلانهم وطعنهم فی الظهر. فتحول أهل السنة أدواتٍ بید السلطة السعودیة لاستنزاف إیران (وقبلها الاتحاد السوفییتی)، ضمن المنظور الاستراتیجی الأمریکی، ولیسوا طرفا أصیلا یراد له أن یحقق مکاسب إیجابیة، سواء عن طریق التعایش أو التدافع. أما الجنایة الثالثة التی ارتکبتها السعودیة بحق السنة فکانت، بحسب محرر المقال، تصدُّر السلطة السعودیة لخطیئة الثورة المضادة، وتوجیهها طاقتها السیاسیة والمالیة ضد الشعوب منذ اندلاع ثورات الربیع العربی، وحربها الاستئصالیة على القوى الإسلامیة السنّیة التی کانت رافعة تلک الثورات، وهو ما خلخل البناء العربی کله، وفتح ثغرات مُهلکة فی الجسد العربی، وفی الکیان السنی الأکبر، .. وقد أسفرت الاستراتیجیة السعودیة الخرقاء عن تراجعات کبرى لقوة أهل السنة، السیاسیة والعسکریة، وحتى الدیمغرافیة، فی أکثر من بلد من بلدان المشرق العربی. ویخلص المقال إلى أن السلطة السعودیة ضیَّعت على أهل السنة خیار التعایش السلمی مع الشیعة، ثم ضیعت علیهم خیار التدافع الإیجابی معهم، وحاربت کل عناصر القوة المادیة والمعنویة لدیهم، وبذلت کل طاقتها لوأد ثورات الشعوب وإبقائها فی سجون الظلمة. کل هذا وهی تدَّعی نصرة الإسلام وحمل رایة السنَّة. والحقیقة أن لا مستقبل لأهل السنة فی المشرق العربی، إلا إذا حدث تغیر ثقافی واستراتیجی عمیق فی بلاد الحرمین أو انتقل مرکز التسنن من السعودیة إلى موطن آخر من مواطنه التاریخیة الکبرى، مثل مصر، والشام، والأناضول. وما دامت حرب السلطة السعودیة على أهل السنة قائمة، فلتسعدْ کل الطوائف والأقلیات، وأعداء الداخل والخارج، بالولوغ فی دمائهم، وانتهاک أعراضهم، وإخراجهم من بیوتهم، والمظاهرة على إخراجهم.