الشیعة وزواج أُم کلثوم بنت أمیر المؤمنین من عمر

السؤال 1 یقول جامع الأسئلة إنّه قام أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب بتزویج ابنته أُمّ کلثوم من عمر بن الخطّاب ، وهذا دلیل على حسن العلاقة بینهما .([1]) الجواب : زواج أُمّ کلثوم من عمر بن الخطّاب مسألة تاریخیّة مُختلَفٌ فیها بحیث

السؤال 1 یقول جامع الأسئلة إنّه قام أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب بتزویج ابنته أُمّ کلثوم من عمر بن الخطّاب ، وهذا دلیل على حسن العلاقة بینهما .([1]) الجواب : زواج أُمّ کلثوم من عمر بن الخطّاب مسألة تاریخیّة مُختلَفٌ فیها بحیث لا یمکن الاعتماد علیها إطلاقاً . والدلیل على ذلک نقل هذه الحادثة بأشکال متناقضة ومتضاربة ، الأمر الذی یجعلنا لا نعتمد على صحّة وجودها ، ومن جملة ذلک : 1 ـ أنّ علیّاً(علیه السلام) هو من قام بالعقد لعمر على أُمّ کلثوم . 2 ـ أنّ العقد کان بواسطة العبّاس عمّ النبیّ(صلى الله علیه وآله) . 3 ـ أنّ هذا الزواج تمّ تحت التهدید (تهدید عمر) . 4 ـ أنّه تمَّ بإقامة الزفاف ، وأنّ عمر کان له ولد من أُمّ کلثوم باسم زید . 5 ـ أنّ الخلیفة عمر قد قُتل قبل مراسم الزفاف . 6 ـ أنّ زیداً أیضاً کان له ولد . 7 ـ أنّ زیداً قتل مع أُمّه فی یوم واحد . 8 ـ أنّ أُمّه کانت موجودة بعد وفاته . 9 ـ أنّه قُتل ولم یکن له وارث یرثه . 10 ـ أنّ مهرها کان أربعین ألف درهم . 11 ـ أنّ مهرها کان أربعة آلاف درهم . 12 ـ أنّ مهرها کان خمسمائة درهم . هذه الاختلافات فی النقل تبعث الشکّ فی ذهن المرء ، ممّا یجعل صحّة وقوع هذا الزواج مورداً للتساؤل([2]) . ثمّ إنّه على فرض حصول هذا الزواج ، فهو لم یقع عن طیب نفس وقبول ورضى ورغبة ، وذلک بملاحظة الأُمور التالیة : 1 ـ العلاقة التی تربط بین بیت النبوّة وبیت الخلافة ، کانت علاقة متوتّرة متکدّرة ، وأنّ الهجوم الذی تمَّ على بیت الوحی من قبل الخلیفة الثانی وأتباعه ، وهتک حرمة کریمة النبیّ وقرّة عینه ـ فاطمة الزهراء(علیها السلام)ـ لا یمکن إنکاره ، والوثائق التاریخیّة المعتبرة شاهدة على ذلک.([3]) 2 ـ أنّ عمر بن الخطّاب کان رجلاً خشناً وفظّاً ، بحیث إنّ اختیار الخلیفة الأوّل لخلافته قد أثار اعتراض فریق من الصحابة على ذلک، کما جاء فی کنز العمال عن زید بن الحارث أن أبا بکر حین حضره الموت أرسل إلى عمر یستخلفه، فقال الناس: تستخلف علینا فظاً غلیظاً، لو قد ولینا کان أفظّ وأغلظ، فما تقول لربک إذا لقیته، وقد استخلفت علینا عمر .([4]) 3 ـ نقل الطبری أنّ عمر خطب أُمّ کلثوم بنت أبی بکر ، وهی صغیرة ، وأرسل فیها إلى عائشة ، فقالت الأمر إلیک ، فقالت أُمّ کلثوم : ولا حاجة لی فیه ، فقالت لها عائشة : ترغبین عن أمیر المؤمنین ؟ قالت : نعم ، إنّه خشن العیش شدید على النساء ، فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فأخبرته فقال : أکفیک . فأتى عمر فقال : یا أمیر المؤمنین بلغنی خبر أعیذُک بالله  منه، قال : وما هو ؟ قال : خطبت أُمّ کلثوم بنت أبی بکر ؟ قال : نعم ، أفرغبت بی عنها أم رغبت بها عنّی ؟ قال : لا واحدة ، ولکنّها حدثة نشأت تحت کنف أُمّ المؤمنین فی لین ورفق، وفیک غلظة ونحن نهابک وما نقدر أن نردّک عن خلق من أخلاقک ، فکیف بها إن خالفتک فی شیء فسطوت بها ، کنت قد خلفت أبا بکر فی ولده بغیر ما یحقّ علیک . . .»([5]) . 4. لو کان الزواج دلیلاً على حسن العلاقات بین الأشخاص والعائلات ودلیلاً على وجود الانسجام الفکری والعقائدی ، لقلنا إنّ هناک تقارباً بین رسول الله(صلى الله علیه وآله)وبین أبی سفیان بسبب زواج النبیّ من أُمّ حبیبة بنت أبی سفیان وهو الذی خاض حروباً دمویّة ضد الإسلام کأُحد والأحزاب واللّتین لعب فیهما دوراً بارزاً وأساسیّاً . وکذلک فإنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) کان قد تزوّج صفیّة بنت حیی بن أخطب ، فهل هذا الزواج یدلّ على التقارب الفکری والعقائدی ؟! بقی القول إنّ أعلام الشیعة قد کتبوا رسائل متعدّدة حول هذه المسألة التاریخیّة ـ زواج عمر من اُمّ کلثوم ـ ومن أراد مزیداً من الاطلاع فلیرجع إلى مقال «نظرة على کتاب حقیقة ولیس افتراء». ([6]) [1] . هذا السؤال رُقّم خطأ فی کتاب الخراشی برقم 2، ونحن هنا أعطیناه رقم 1، وهکذا بقیة الأرقام فلاحظ . [2] . راجع: «الذریّة الطاهرة» لابن بشر الدولابی (224 ـ 310 هـ): 157 و 162، والذی ذکر هذه الاختلافات . [3] . الهجوم على بیت الوحی وهتک حرمة بیت النبیّ(صلى الله علیه وآله) ذُکر فی أهمّ کتب السنّة أمثال «المصنّف» لابن أبی شیبة (استاذ البخاری) (المتوفّى سنة 235 هـ ): 8 / 490 ، رقم 4549 ، وأنساب الأشراف تألیف البلاذری: 1 / 586 طبع دار المعارف ، القاهرة ، وکتاب الإمامة والسیاسة لابن قتیبة (213 ـ 276 هـ): 1 / 12 و 13، طبع المکتبة التجاریة الکبرى بمصر ، وکتاب تاریخ الطبری: 2 / 443 ، والاستیعاب: 3 / 972 وغیرها . . . [4] . کنز العمال: 5 / 677، برقم 14178 . [5] . تاریخ الطبری : 3 / 270، مؤسّسة الأعلمی ـ بیروت . [6] . نشر هذا المقال فی: رسائل ومقالات : 6 / 361 ـ 381 .  


| رمز الموضوع: 84072