الشیعة وشبهة عدم دفاع علی (علیه السلام)عن حق فاطمة

السؤال 5 إذا کانت فاطمة(علیها السلام) قد ظُلمت من قِبل الخلفاء ، لماذا لم یُدافع عنها زوجها وهو البطل المعروف بشجاعته؟ الجواب : إنّ عدم دفاع الإمام عن حقّه لیس أمراً مسلّماً، ولم یدلّ علیه دلیل . فقد قام الإمام(علیه السلام) بالدفاع عن ح

السؤال 5 إذا کانت فاطمة(علیها السلام) قد ظُلمت من قِبل الخلفاء ، لماذا لم یُدافع عنها زوجها وهو البطل المعروف بشجاعته؟ الجواب : إنّ عدم دفاع الإمام عن حقّه لیس أمراً مسلّماً، ولم یدلّ علیه دلیل . فقد قام الإمام(علیه السلام) بالدفاع عن حرمة بیته عملاً بواجبه الشرعی ، إلاّ أنّ الدفاع فی ذلک الیوم لم یتّخذ شکل الحرب وإراقة الدماء لأنّ مصلحة الإسلام اقتضت ذلک ، ولو أنّه شهر السیف ووقف معه بنو هاشم ومجموعة من الصحابة الذین عقدوا له البیعة یوم غدیر خمّ فی وجه الخلفاء وأنصارهم لانقسم المسلمون إلى فریقین ، ولانهدّ أصل الإسلام ، وقد حدث أن جاء أحد المنافقین فی زیّ المُحبّ المُشفق إلى علیّ(علیه السلام)وقال له : یا أبا الحسن أبسط یدک حتّى أُبایعک ، وقائل هذه الجملة هو أبو سفیان العدوّ اللّدود للإسلام . إلاّ أنّ أمیر المؤمنین کان مطّلعاً على دخیلة أمره ، فی أنّه یرید إیقاع أهل بیت النبیّ فی حرب داخلیّة بالمدینة ، ولذلک أجابه(علیه السلام) بقوله : «إنّک والله ما أردت بالإسلام إلاّ الفتنة ، وإنّک والله طالما بغیت الإسلام ، لا حاجة لنا فی نصیحتک».([1]) هنا أرید أن ألفت نظر السائل (إن کان هناک سائل) إلى أنّه لیس الشجاع من یشهر السیف فی کلّ المواضع، وإنّما الشجاع هو الذی یعمل بواجبه ووظیفته ، فکم من شجعان لیس لهم استعداد لسماع قول الحقّ ، کما هو حال جامع الأسئلة. وقد مرّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) بقوم یتشایلون حجراً ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : نختبر أشدّنا وأقوانا ، فقال : ألا أخبرکم بأشدّکم وأقواکم ؟ قالوا : بلى یارسول الله ، قال : «أشدّکم وأقواکم الذی إذا رضی لم یُدخله رضاه فی إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم یخرجه سخطه من قول الحقّ ، وإذا ملک لم یتعاط ما لیس له بحقّ».([2]) وتاریخ الإسلام یشهد على أنّ شجرة الإسلام لم تضرب بجذورها فی قلوب بعض الصحابة ، بل إنّ أغصانها لا زالت غضّةً طریّة یمکن زوالها مع أوّل ریح تهبّ . لذلک قال النبیّ(صلى الله علیه وآله) لعائشة : «لولا أنّ قومک حدیثٌ عهدهم بالجاهلیّة لهدمت الکعبة ثمّ لجعلت لها بابین»([3]) . ونحن لا نعرف شخصاً أشجع من رسول الله(صلى الله علیه وآله) فهو لا یرى توفّر الظروف المناسبة لذلک العمل ، فمراعاة الظروف المحیطة هو دأب رسول الله(صلى الله علیه وآله)وکذلک علیٍّ (علیه السلام)، فهل کان یصحّ إشعال نار حرب داخلیّة فی المدینة مع ارتداد بعض المسلمین؟! الشیعة وشبهة المصاهرة بین کبار الصحابة وأهل البیت فهؤلاء الذین ینتظرون من علیّ(علیه السلام) البطل أن یحمل سیفه ویقطع رؤوس المخالفین بعد وفاة النبیّ(صلى الله علیه وآله) ، کما حمله فی بدر والأحزاب وأُحد ، هؤلاء لم یبحثوا فی تاریخ الإسلام، ولم یطّلعوا على ظروف ذلک الزمان . یضاف إلى هذا: یمکننا أن نقول إذا ثبت أنّ الاعتداء على بیت فاطمة (علیها السلام)قد حصل بالأدلّة القطعیة التی نقلها الفریقان، فلا مجال للاستبعادات المزاجیة التی لا تقوم على دلیل أو برهان. هذا من جهة ومن جهة ثانیة نحن نعلم أنّ دراسة القضیة خارج نطاقها الموضوعی لیس بالأمر الصحیح فإنّ سکوت الإمام ـ إن صحّ ـ لابد أن یدرس من جمیع الأبعاد لا من بُعد واحد، کما هو واضح.   [1] . تاریخ الطبری : 2 / 449، حوادث السنة الخامسة عشر للهجرة . [2] . وسائل الشیعة : 15 / 361 ، الباب 53 من أبواب جهاد النفس، الحدیث 1 . [3] . مسند أحمد : 6 / 176 .  


| رمز الموضوع: 84076