خلال لقائه القائمین على مؤتمر تکریم الفیلسوف آقا علی مدَّرس زنوزی

الإمام الخامنئی: دعوة شبابنا إلى العلوم العقلیة واهتمام الحوزات العلمیة بهذه العلوم وخصوصاً الفلسفة أمرٌ بالغ الأهمیة 2018 04 23

أکّد سماحة الإمام الخامنئی على أهمیة أن تولی الحوزة العلمیة اهتمامها بالعلوم العقلیة وخصوصاً الفلسفة، کما رأى سماحته فی تکریم العلماء والحکماء تکریماً للعلم وللتیارات الفکریة والأفکار الجدیدة.

و أفاد موقع الحج نقلا عن موقع قائد الثورة أنه التقى الإمام الخامنئی یوم الاثنین بأعضاء الهیئة التأسیسیة والهیئة الإداریة فی المجمع العالی للحکمة الإسلامیة والقائمین على مؤتمر تکریم الفیلسوف والحکیم آقا علی مدَّرس زنوزی. وخلال هذا اللقاء تناول سماحته أهمیة استخراج أفکار الفلاسفة والحکماء من کتبهم ومؤلفاتهم والتعریف بها وبأصحابها، کما أکّد سماحته على أهمیة أن تولی الحوزة العلمیة اهتمامها بالعلوم العقلیة وخصوصاً الفلسفة، کما رأى سماحته فی تکریم العلماء والحکماء تکریماً للعلم وللتیارات الفکریة والأفکار الجدیدة جاءت کلمة الإمام الخامنئی خلال هذا اللقاء على الشکل التالی: بسم الله الرحمن الرحیم (1) والحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام على سیدنا محمد وآله الطاهرین، سیما بقیة الله فی الأرضین. مرحباً بکم کثیراً أیها السادة المحترمون وأفاضل مجال العلوم العقلیة الأجلاء والأعزاء، نتقدم بالشکر والتقدیر الجزیل لحضرة السید فیاضی فوجوده مبارکٌ حقاً وقد استطاع تشکیل هذه المجموعة (2) فی مدینة قم وتأسیسها وإطلاقها، وهی قیّمةٌ جداً بهذه التفاصیل التی ذکرها السادة. لحُسن الحظ لقد ازدهرت العلوم العقلیة فی عهد الجمهوریة الإسلامیة. لم یکن هناک مثل هذا الشیء فی قم قبل الثورة. عندما کنا نحن، کان هناک مثلاً درس السید الطباطبائی (3) بعددٍ محدود یبلغ أربعین إلى خمسین شخصاً. أما الآن فهناک مثلاً سماحة الشیخ جوادی (4) الذی ینشط منذ سنین فی هذا المجال، وهناک سماحة الشیخ مصباح (5)، والشیخ سبحانی (6) والمجموعات [التی یدیرها] فی مجال المسائل الکلامیة، وثمة دروس متعددة فی الفلسفة سمعت أنها موجودة فی مدینة قم، وهذه تمثل أرضیة تبشّر الإنسان بإشاعة ورقیّ العلوم العقلیة وتوفر مثل هذا المناخ. هذا العمل الذی تحدَّث عنه السید فیّاضی والسادة الآخرون، وهو کلامٌ جدید، أو تقریرٌ جدید، أو برهانٌ جدید لفکرة تمّ إثباتها مثلاً، أو ردٌّ جدیدٌ على کلام خاطئ، یُطرح ویُناقش، هذه أمور قیمة جداً وجیدة جداً، وهی تتقدم بالعلوم العقلیة إلى الإمام. کان من میزات المرحوم آقا علی مدرس أنه کان ینقد الملا صدرا، بمعنى أنه تقدم بالفلسفة بهذا المقدار، أی إنَّ له کلامه وآراؤه فی نقض الملا صدرا. ینبغی القیام بهذا العمل، ولا أرید الإشارة إلى نقد الملا صدرا، بل أروم القول إنَّ طرح البحوث النقدیة والآراء الجدیدة والتجدید فی العلوم العقلیة قضیة على جانب کبیر من الأهمیة. أحیاناً قد تکون هناک عدة تفاسیر لمدرسة واحدة أو لفکرة واحدة، والغربیون الآن ناشطون فی هذا المجال ـ فالغربیون فی مجال الإعلام والدعایة والعلاقات العامة لا یمکن مقارنتهم بنا حقاً، فهم أقوى منا وأکثر تقدماً منا بکثیر فی هذا المجال. فحول هیغل (7) مثلاً تجدون تفاسیر متعددة لآرائه ولکتبه وللنصوص التی کتبها؛ أی إنهم یطرحون تصورات ولقطات متنوعة، وهذا بحد ذاته یساعد على تطور الفکر والمنطق والعقلانیة فی مضمار العلوم العقلیة. وعلیه، فهذا العمل عملٌ حسن جداً، وأتمنى إن شاء الله أن تستطیع هذه المجموعة التی یتولى إدارتها السید فیّاضی، ویشرف علیها حضرة الشیخ جوادی، وحضرة الشیخ مصباح وحضرة الشیخ سبحانی کما قال [السادة الخطباء] (8) ویوجّهونها، أن تستطیع التقدم بالعمل إلى الأمام، فهو عملٌ مهمٌ ولازمٌ جداً وینبغی أن ینجز ویتم. فیما یتعلق بمراسم التکریم یجب القول إن هذا النشاط نشاط مهم. یجب أن لا ننظر لتکریم ذکرى شخص مثل آقا علی مُدَّرس بعین أننا نکرّم إنساناً کبیراً، لا، بل هو تعریفٌ بتیارٍ فکری وطرح فکرة ومفکر کبیر. وقد کتبتم أیها السادة عنوان المؤتمر «مُدَّرس طهران» و «حکیم طهران»، نعم، لقد کان فی طهران وهو حکیم طهران أیضاً، بید أن حکیم طهران لم یکن المرحوم آقا علی مدرس فقط، فلقد خطرت الآن ببالی ـ عندما کان السادة یتحدثون ـ عدة أسماء للحکماء الذین کانوا فی طهران خلال المائة عام الأخیرة، من المیرزا أبو الحسن جلوه إلى آقا محمد رضا قمشه ای الذی نشط فی مجال العرفان، إلى المرحوم هیدجی (9) إلى المرحوم المیرزا عبد الله زنوزی والده وآقا علی کان تلمیذ والده، وکلاهما تتلمذا عند الملا علی نوری فی أصفهان. والمرحوم الملا علی نوری أیضاً أحد کبار هذا المضمار والمیدان. أی إن هؤلاء کانوا أشخاصاً أحیوا فلسفة الملا صدرا. تعرضت فلسفة الملا صدرا بعد برهة من الزمن إلى هجوم شدید وآلت إلى الأفول، ثم ظهر فی أصفهان أشخاصٌ أحیوها وبعثوها إلى الحیاة وکلهم فی أصفهان، وغالبیتهم طبعاً لیسوا من أصفهان، وهو أحد الأمثلة أی إنه لیس من أصفهان ومثل الکثیر من السادة الکبار الذین تُذکر أسماؤهم، هؤلاء لیسوا أصفهانیین لکن مرکزهم ونشاطهم کان فی أصفهان. وفی هذا دلیل على أن أصفهان کانت مرکزاً للعلوم العقلیة. ثم انتقل هذا الوالد وولده ـ المرحوم المیرزا عبد الله زنوزی والمرحوم آقا علی الحکیم ـ إلى طهران فأصبحت طهران مرکزاً للعلوم العقلیة. على کل حال، کان هؤلاء شخصیات کبیرة جداً، إلى أن نصل فی الآونة الأخیرة إلى المرحوم المیرزا مهدی آشتیانی مثلاً، والمیرزا أحمد آشتیانی، والمرحوم شاه آبادی (10). کان المیرزا مهدی معروفاً جداً بید أن المیرزا أحمد آشتیانی لم یکن معروفاً کحکیم، والحال أنه کان عالم فلسفة کبیر وحکیماً حقیقیاً. وکذلک المرحوم الحاج الشیخ محمد تقی آملی الذی له شرحه للمنظومة؛ أی إنه کان حکیماً، وهو طبعاً فقیه، فقیه کبیر، وکان فی مستوى مرجع تقلید، لکنه أیضاً حکیم؛ أی له تخصصه فی العلوم العقلیة. اعتقد أنه یجب إخراج هؤلاء واحداً واحداً من زوایا العزلة والإنزواء وتعریفهم وتقدیمهم؛ فإنَّ لهم کلامهم وآراءهم وأفکارهم. یجب إخراج علماء وحکماء العلوم العقلیة من زوایا العزلة والإنزواء وتعریفهم وتقدیمهم؛ فإنَّ لهم کلامهم وآراءهم وأفکارهم. حسنٌ، لقد طبعتم هنا مثلاً کتاب «بدائع الحکم» للمرحوم آقا علی الحکیم، ویجب أن یقرأ الإنسان هذا الکتاب المفصّل لیدرک ما الذی یقوله آقا علی، فکم شخص على استعداد لقراءة هذا الکتاب؟ کم شخص تعرفون أنهم قادرون على هذا الشیء؟ هذا یحتاج إلى نفس العمل الذی قلته عن المرحوم الملا صدرا (11) ـ وقد حصل عمل صغیر طبعاً ولا بأس به ـ بأن تجتمع جماعة أو هیئة فتستخرج جوهر فلسفة آقا علی الحکیم، وتوضح ما الذی یقوله أصلاً، وما هو کلامه وآراؤه وأفکاره. ذات مرة جاء سماحة الشیخ جوادی (12) بکتاب لآقا علی ـ أتذکر أنه کتاب من کتبه أو رسالة من رسالاته ـ وعرضه على «أنه قال هذا هنا فی الجواب على هذه الفکرة»، ولا أتذکر ذاک الکلام الآن لکننی أعلم أنه کلام مهم. فلتُستخرج هذه الآراء من کتبه أو رسائله. له حسب الظاهر رسالة فی «الوجود الرابطی»، ولآقا علی الحکیم رسائل متعددة، فلیبادروا إلى تدوینها لتشعر طهران ـ التی تقولون أنها کانت مرکز الحکمة فی ذلک العهد ـ فجأة أنه طرح فکرة فلسفیة عمیقة قویة قبل مائة ونیّف من السنین مثلاً، حیث توفی فی ذلک الزمن ـ یظهر أنه توفی حوالی سنة 1307 ـ طُرحت مثل هذه الفکرة فی طهران. بمعنى أنْ تُلخّص الأفکار وتُشرح وتُبیّن مدرسته وآراؤه ومرتکزاته. وکذا الحال بالنسبة للآخرین مثل المرحوم المیرزا أبو الحسن جلوه (رضوان الله علیه)، وله الکثیر من الحواشی على الأسفار، وکان حسن الخط جداً. یقولون إنه عندما کان یدرّس النسخ المختلفة من الأسفار، کان یکتب على أیة نسخة کانت فی یده، حاشیة فی کل مکان منها. وقعت فی یدی إحدى نسخ الأسفار هذه ـ وهی نسخة من کتاب الأسفار بحواشی خطیة للمرحوم المیرزا أبو الحسن جلوه أو الحاج المیرزا أبو الحسن جلوه، ولا أدری هل کان قد زار مکة أم لا ـ وقعت فی یدی وأهدیتها لمکتبة مؤسسة الشیخ مصباح وینبغی أن تکون الآن هناک ولا بدّ أنها هناک. له أفکاره وآراؤه وتعلمون أن المیرزا أبو الحسن جلوه من ناقدی الملا صدرا، أی إنه من الأشخاص الذین لدیهم ملاحظاتهم على کثیر من مرتکزات الملا صدرا، وله أدلته وبراهینه، مثل آقا علی نفسه، فهو أیضاً على هذا النحو. حسناً، لنرى ما هی آراؤه، یجب أن یستخرج شخصٌ ما هذه الآراء ویطرحها. هذه برأیی أعمالٌ ونشاطاتٌ مهمة جداً لم تنجز بعد، وقد فکرنا فیها متأخرین وینبغی أن نقوم بها کلها. إنَّ دعوة شبابنا إلى العلوم العقلیة واهتمام الحوزات العلمیة بهذه العلوم وخصوصاً الفلسفة هو أمرٌ على جانب کبیر من الأهمیة. على کل حال، دعوة شبابنا إلى العلوم العقلیة على جانب کبیر من الأهمیة. اهتمام الحوزات بالعلوم العقلیة وخصوصاً الفلسفة، حالة مهمة جداً. بعض السادة الأجلاء المحترمین الذین هم موضع تکریمنا واحترامنا بأعلى الدرجات، أشکلوا بأن دروس الفلسفة والعرفان وما شابه قد کثرت فی قم، فقلتُ لهم إنکم إذا حذفتم الفلسفة من قم فإن أشخاصاً سیتصدون فی أماکن أخرى لشرح الفلسفة وتبیینها وتدریسها، وهم لا یمتلکون الأهلیة والقابلیة لذلک. کما أننا نرى الآن أن بعض الأفراد فی غیر مدینة قم ممن یُعرفون بأنهم خبراءٌ فی الفلسفة، معلوماتهم عن الفلسفة سطحیة، لا أنهم لا اطلاع لهم، بید أن اطلاعهم لیس عمیقاً بل [هو اطلاعٌ] سطحی. قرأوا شیئاً ویذکرون مصطلحاً على ألسنتهم. هذا لیس شیئاً جیداً، ومن المناسب أن تجری هذه العملیة فی قم نفسها، وفی الحوزة العلمیة. وکذا الحال فی طهران، الحوزة العلمیة فی طهران أیضاً کانت ذات یوم مرکزاً للعلوم العقلیة، وإذا شاع فیها الیوم تدریس الفلسفة وتدریس العلوم العقلیة، فسیکون هذا برأینا شیئاً جیداً جداً ومفیداً إن شاء الله. ولم أذکر هنا اسم المیرزا هاشم الأشکوری (13) أو المرحوم السید کاظم العصار. طبعاً هؤلاء الذین کان بعضهم یدرس فی الجامعة وبعضهم خارج الجامعة، هؤلاء متأخرون وهم تلامذتهم، لکن الذین ذکرناهم کانوا قبل هذا الجیل (14). أینما یُذکر اسم مدرسة طهران یقصدون هؤلاء؛ أی هؤلاء السادة الأب والابن (15). أنتم طبعاً لم تذکروا أبداً اسم المرحوم المیرزا عبد الله الزنوزی ولم تتنبهوا له، ولا بُدَّ أن له آثاراً [فکریة] ویجب أن تطرح أعماله ـ المرحوم المیرزا عبد الله زنوزی ـ لأن آقا علی تلمیذ والده. هؤلاء هم السادة المعروفون بمدرسة طهران. على کل حال، نشکر السادة لهذه الجهود التی بذلتموها وهذا العمل الذی بدأتموه والتعریف بالشخصیات الفلسفیة. مَنّ الله على وجودکم بالبرکة، وأیّد الله السادة کبار مُدَّرسی الفلسفة فی قم وحفظهم وأدام برکاتهم، والمرء یرى والحمد لله أنَّ برکات وجودهم کثیرة جداً. وکذلک أنتم أیها السادة المتصدون لمثل هذه الأعمال، أسأله تعالى أن تشملکم التوفیقات والتأییدات والهدایة الإلهیة، موفقین إن شاء الله. والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته. الهوامش: فی بدایة هذا اللقاء ـ الذی أقیم فی إطار اللقاءات الجماعیة ـ تحدَّث حجج الإسلام غلام رضا فیاضی (رئیس الهیئة الإداریة للمجمع العالی للحکمة الإسلامیة ورئیس الملتقى)، وحسن معلمی (أمین المجمع العالی للحکمة الإسلامیة وأمین الملتقى)، ومحمد باقر خراسانی (المدیر التنفیذی للمجمع العالی للحکمة الإسلامیة والأمین التنفیذی للملتقى). وقد أقیم الملتقى الوطنی لحکیم طهران من قبل المجمع العالی للحکمة الإسلامیة بالتعاون مع الأجهزة العلمیة والثقافیة والتنفیذیة فی البلاد خلال یومی الخامس والسادس من شهر أردیبهشت من السنة الإیرانیة الجاریة 1397 هـ ش، الموافق لـ 25 و 26 من أبریل/ نیسان 2018 م فی طهران وقم على الترتیب. إثر لقاء جماعة من فضلاء الحوزة العلمیة فی قم بسماحة قائد الثورة الإسلامیة بتاریخ 29/10/1382 هـ ش (19/01/2004 م) وتأکید سماحته على تشکیل مجموعة لترشید وترویج وتعمیق تیار العلوم العقلیة فی الحوزات العلمیة، بدأ المجمع العالی للحکمة الإسلامیة نشاطه فی سنة 1384 هـ ش (2005 م) ومن بین نشاطاته یمکن الإشارة إلى تشکیل أقسام علمیة وإقامة ملتقیات لعرض أفکار جدیدة ونقدها، وتکریم کبار شخصیات العلوم العقلیة وإحیاء آثارهم. العلامة السید محمد حسین الطباطبائی. آیة الله الشیخ عبد الله جوادی آملی. آیة الله الشیخ محمد تقی مصباح یزدی. آیة الله الشیخ جعفر سبحانی. فیلسوف ألمانی. جرت الإشارة فی حدیث رئیس الملتقى إلى أن آیة الله الشیخ جوادی آملی وآیة الله الشیخ مصباح یزدی وآیة الله الشیخ جعفر سبحانی مشرفون سامون على هذا المجمع. الحکیم الملا محمد علی هیدجی. آیة الله المیرزا محمد علی شاه آبادی. کلمة الإمام الخامنئی فی لقائه المسؤولین عن إقامة مؤتمر الملا صدرا بتاریخ 08/09/1380 هـ ش (28/11/2001 م). آیة الله الشیخ عبد الله جوادی آملی. أشار الحضور إلى أسماء عدد آخر من الفلاسفة المعاصرین فی طهران ومنهم المرحوم السید کاظم عصار. حجة الإسلام والمسلمین علی أکبر صادقی رشاد (رئیس مرکز بحوث الثقافة والفکر الإسلامی): البعض عبّروا عن هؤلاء الشخصیات بـ «مدرسة طهران». المیرزا عبد الله زنوزی والملا علی زنوزی.


| رمز الموضوع: 88197




الإمام الخامنئي